السؤال: ما حُكمُ استعمال بخّاخ الرّبو في نهار رمضان؟
الجواب: بخاخ الربو هو عبارة عن ءالة يستخدمها مريض الربو بها دواء سائل مصحوب بهواء مضغوط بغاز خامل يدفع الدواء من خلال جرعات هوائية يجذبها المريض عن طريق الفم، فيعمل كموسع قصبي تعود معه عملية التنفس لحالها الطبيعي.
والذي عليه أهل العلم أن هذا البخاخ الذي يستعمله مريض الربو أثناء الصيام يعتبر مفطّرًا؛ وذلك لعموم مفهوم قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [سورَة البقَرَة: 187]
أي: فإذا تبين لكم فلا تأكلوا ولا تشربوا شيئًا.
كما أن معنى الصوم هو الإمساك، ولا يتحقق الإمساك بدخول شيء ذي جِرم إلى الجوف وإلا كان ركن الصيام منعدمًا، وأداء العبادة بدون ركنها لا يُتَصَوَّر. والخارج من البخاخ رذاذ له جرم مؤثر، وليس صحيحًا أنه مجرد هواء، وإلا لم يكن علاجًا؛ فإن الهواء المجرد يتنفسه المريض وغيره. وقد قرر العلماء أنه لا فرق بين ما يعده العرف أكلا أو شربًا وبين ما لا يعده كذلك،
وحكاه النووي في المجموع وابن قدامة في المغني عن عامة أهل العلم وجماهيرهم من السلف والخلف، (أنظر المجموع 6/ 340، المغني 3/ 15)، ولا فرق بين الجامد والمائع في هذا الباب.
ويتأيّد هذا بما قرره المصنفون من المذاهب الأربعة المتبعة، من ذلك:
ما جاء في بدائع الصنائع من كتب الحنفية ج2/ 93، من قوله: “وما وصل إلى الجوف أو إلى الدماغ عن المخارق الأصلية كالأنف والأذن والدبر بأن استعط أو احتقن أو أقطر في أذنه فوصل إلى أذنه أو إلى الدماغ فسد صومه”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وقال ابن نجيم في البحر الرائق 2/ 279: “والمراد بترك الأكل ترك إدخال شيء بطنه أَعَمّ من كونه مأكولا أو لا”.
وجاء في شرح الخرشي لمختصر خليل في فقه المالكية 2/ 249: “وصحته -أي الصوم- بترك إيصال متحلل وهو كل ما ينماع من منفذ عال أو سافل غير ما بين الأسنان، أو غير متحلل كدرهم من منفذ عال” اهـ
وفي متن المنهاج من كتب الشافعية مع شرحه مغني المحتاج 2/ 155: “شرط الصوم الإمساك.. عن وصول العين إلى ما يسمى جوفًا” اهـ
وفي المجموع ج 6/ 335 قال الرافعي: “وضبط الأصحاب الداخل المفطر بالعين الواصلة من الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح مع ذكر الصوم” اهـ .
وقال البهوتي الحنبلي في شرح المنتهى ج 1/ 481: “أو أدخل إلى جوفه شيئًا من كل محل ينفذ إلى معدته مطلقًا،
أي: سواء ينماع ويغذي أو لا ، كحصاة وقطعة حديد ورصاص ونحوهما، ولو طرف سكين من فعله أو فعل غيره بإذنه فسد صومه” اهـ
بعد ذلك إذا تقرر أن بخاخة الربو من جنس المفطرات، فإن مُسْتَعْمِلها لا يخلو أن يكون مريضًا مرضًا مؤقتًا أو أن يكون مريضًا مرضًا مزمنًا، فإن كان الأول وهو المؤقت الذي يرجى برؤه فإنه يلزمه القضاء عند التمكن من الصيام؛ وذلك لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].
أما من لا يرجى برؤه بأن كان مرضه مزمنًا فإنه يُفْطِر ولا صوم عليه ؛ لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
ويلزمه الفدية عن كل يوم إطعام مسكين بما مقداره مد من طعام من قوت البلد، ويجوز أن يدفع ما قيمته مقدار ما يُغَدّي وَيُعَشِّي للمسكين.
والله تعالى أعلم وأحكم.