حُكمُ مَن قالَ عن اللهِ حَاضِرٌ أو غَائبٌ
اعلَم رَحمَكَ اللهُ أنّ خّالقَ العَالَمِ لا يُشبِهُ العَالَم بوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ،لَيسَ جِسمًا ولا يُشبِهُ الأجسَامَ ولَيسَ في جِهَةٍ ومَكانٍ.
وإنّ ممّا يجِبُ التّحذِيرُ مِنهُ قَولَ بَعضِهم عن اللهِ إنّه حَاضِرٌ أو غَائبٌ لأنّ ذلكَ مِن صِفَاتِ الأجسَام ، الجِسمُ إمّا أن يَكُونَ حَاضِرًا أو غَائبًا، وكذلكَ لا يجُوزُ أن يُقالَ عن اللهِ إنّه دَاخِلُ العَالم أو خَارجُ العَالَم لأنّا إنْ قُلنَا إنّه دَاخِلُ العَالم جَعلنَاهُ مَحصُورًا وإنْ قُلنَا إنّه خَارجُ العَالم جَعلنَا بَينَه وبَينَ العَالم مَسافَة و اللهُ مُنَزَّهٌ عن ذَلكَ.
وكَذلكَ لا يُقالُ عن اللهِ صَاحبٌ ، أمّا مَا وَردَ في الحدِيثِ في أَدعِيَةِ المُسَافرِ اللّهُمَّ أَنتَ الصّاحِبُ في السَّفرِ والخَليفَةُ في الأَهلِ والمَالِ فمَعنَاهُ أَنتَ المُطّلِعُ عَليَّ في السَّفَرِ والذي يَحفَظُ ويَرعَى في السّفَر،أي أَنتَ الحَافِظُ والمُعِينُ في السّفَرِ، والخَلِيفَةُ في الأهلِ مَعنَاهُ احفَظْ لي أَهلِي في غَيبَتي.
عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عَنهُمَا أنّ رسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ علَيهِ وسَلّم كان إذا استَوَى عَلى بَعِيرِه خَارجًا إلى سَفرٍ كَبَّر ثَلاثًا ثمّ قالَ:سُبحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذا ومَا كُنَّا لَهُ مُقرِنِينَ وإِنَّا إلى رَبِّنَا لمنقَلِبُونَ،اللّهُمَّ إنّا نَسأَلُكَ في سَفَرِنَا هَذا البِرَّ والتّقوَى ومِنَ العَمَلِ مَا تَرضَى،اللَّهُمّ هَوِّنْ عَلَينَا سَفرَنَا هَذا واطْوِ عَنّا بُعدَه،اللَّهُمَّ أَنتَ الصّاحِبُ في السّفَرِ والخَلِيفَةُ في الأَهلِ،اللّهُمَّ إنّي أَعُوذُ بِكَ مِن وَعْثَاءِ السّفَر وكآبةِ المَنظَرِ وسُوءِ المُنقَلبِ في المالِ والأهلِ. وإذَا رَجَعَ قَالهُنَّ وزَادَ فِيهِنَّ “ءايِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لرَبّنَا حَامِدُونَ” رواه البخاري ومسلم.
قوله”ومَا كُنّا لَهُ مُقرِنِينَ”أي مُطِيقِين.أي ما كُنَّا نُطِيقُ قَهرَهُ واستِعمَالَهُ لَولا تَسخِيرُ اللهِ تَعالى إيّاهُ لنَا.
قوله”وَعْثَاء السّفَر” أي شِدّته ومَشَقّته.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
قوله”وكآبة المنظر”تغيُّر النّفسِ مِن حُزْنٍ ونحوِه.
قوله “والمُنقَلَب”المرجِع.
وأمّا مَا يُقَالُ مِن أنّ العَبد يَقِفُ بَينَ يَدَيِ اللهِ يَومَ القِيامةِ فَليسَ مَعنَاه أنّ اللهَ يقِفُ في مَوقِفِ الحِسَابِ يَومَ القِيامةِ وأنّ العَبدَ يَكُونُ قَريبًا مِنه، وإنّما مَعناهُ العَبدُ يَكونُ في حَالِ المُحَاسَبةِ. لأنّ اللهَ يُسمِعُ كُلَّ إنسانٍ يومَ القِيَامةِ كلامَه الذي ليسَ حَرفًا ولا صَوتًا،هَذا مَعنى بَينَ يَديِ الله، وليسَ مَعنَاه أنّ الإنسانَ يَكونُ قَرِيبًا مِنَ المكانِ الذي فيه اللهُ، لأنّ اللهَ مَوجُودٌ بلا مَكَانٍ.
بينَ يَديِ اللهِ أي في مَوقِفِ الحِسَاب،العَرشُ والأرضُ السّابعةُ بالنّسبةِ إلى ذاتِ اللهِ على حَدٍّ سَواءٍ،ليسَ أَحدُهما أقربَ منَ الآخَر منَ اللهِ مِنْ حَيثُ المسَافةُ،ليسَ اللهُ قَريبًا مِنْ شَىءٍ بالمَسافَة ولا بَعِيدًا بالمَسافَة،القُربُ المَسافيّ والبُعدُ المَسافيّ يكونُ بينَ مخلُوقٍ ومخلُوق.