ويجبُ الحذَرُ مِنْ قَولِ إنّ العبدَ يخلُقُ الشّرَّ والله يخلُقُ الخيرَ،لأنّ هذا فيه نِسبةُ المغلُوبيةِ إلى الله، لو كانَ الله يقَعُ في مِلكه شىءٌ بدونِ مشيئتِه لكانَ مَغلوبًا والمغلوبيّةُ تُنافي الألوهيّة، والله تَعالى لا يكونُ إلا غالبًا وهوَ العزيز، العزيزُ معناهُ الذي يَغلِبُ ولا يُغلَب، لا إبليس يغلبُه ولا شىء مِن خَلقِه.
محمّد قطُب يقول في رسالةٍ لهُ اللهُ ليسَ بخالقٍ للشَّر كذّبَ قولَه تعالى :”قل اللهُ خَالقُ كلِّ شىءٍ وهو الواحِدُ القهّار” وفي ردّه آيات عَديدةٌ غيرُ هذِه مِن جملتِها قولُه تعالى ” تؤتي المُلْكَ مَن تشَاءُ وتَنزِعُ المُلكَ ممّنْ تشَاء” إذًا الله تَعالى هو الذي أَعطَى سُليمانَ المُلك العظيم الذي هو محمُودُ العَاقِبة لم يُكسِب صاحبَهُ معصية، وهو الذي أعطَى فِرعَونَ ذلكَ المُلكَ الذي أوصَلَه إلى حَدّ دَعْوى الرّبوبيةِ بقولِه أنَا ربُّكم الأعلَى، إذًا اللهُ تعالى خَالقُ الخيرِ والشّر، ومَن أَعطَى نُمرود ذلكَ المُلك الذي وصَلَ به إلى دَعْوى الرّبوبيّة، أليسَ اللهُ كانَ عالماً في الأزلِ أنّ فِرعونَ وهذا نُمرود سيَنَالان مُلكًا وأنهما يَصِلانِ إلى دَعْوى الرّبوبيّة، كانَ عالماً في الأزل، لأنّهُ عَالمٌ بكلِّ شَىء، فإذًا الله تبارك وتعالى هو يخلُق الخيرَ والشرَّ، هو خَلَقَ مُلْكَ سُليمانَ الذي هو خَيرٌ بَحْتٌ وهو خَلَق مُلكَ فِرعونَ ومُلكَ نُمرود الذي هو شَرٌّ عظِيم.
قالَ البيهقيّ رحمه الله بإسنادِه جاءَ رجُلٌ إلى سفيانَ بنِ عُيَيْنَه فقال إنّ هَا هُنا رَجُلاً يُكذّب بالقدَر قال كذَبَ عدُوُّ الله وما يقُولُ لقَد سمِعتُ أعْرابيًّا بالموقِف وهو أفقَهُ ” اللهُمّ إلَيكَ خَرجْتُ وأنتَ أَخْرَجْتَني وعَلَيكَ قَدِمتُ وأنتَ أقدَمْتَني، أُطِيعُكَ أَمْرَكَ ولكَ المِنّةُ علَيَّ، وأَعصِيْكَ بعِلْمِكَ ولكَ الحُجَّةُ عَليَّ وأنَا أسألُكَ بواجِب حُجّتِك وانقِطاع حُجّتي إلا رَدَدْتَني بذَنْبٍ مَغفُور” معنى هذه الحكايةِ عن سفيانَ بنِ عُيَيْنة رضي الله عنه، لما أُخبَر أنّ رجُلاً، قيلَ لهُ إنّ ها هنا رجُلاً يُكَذّبُ بالقَدَر، مِن هؤلاء المعتزلة، قال كذَبَ عدُوّ الله وما يقُولُ، لقَدْ سمعتُ أعرابيًّا بالموقِف أي بعَرَفةَ مَرّةً يقول، يتَضَرّعُ إلى الله تبارك وتعالى وهوَ أفقَهُ، لو كانَ شَكلُه شَكل أَعْرابي أي بدَويّ لكنّه ذُو فَهمٍ قَويّ، كان يقولُ هذا الأعرابيّ بالموقِف بعرفَةَ اللهمّ إليكَ خَرجتُ وأنتَ أَخرَجْتَني، هذا فيهِ اعترافٌ لله تبارك وتعالى بأنّهُ هو خالقُ حَركاتِ العبادِ وسَكناتهِم، لما قَال إليكَ خَرجتُ أَثبَت الكسبَ،كسْبَ العبدِ، ولما قال أنتَ أَخرَجْتَني أثبَتَ خَلقَ أفعالِ العبادِ للهِ معناهُ أنّ خُروجِي هذا كان كَسْبًا مِنّي وهو خَلْقٌ مِنكَ، هذا حقِيقةُ التّوحيد، أفعالُنا التي نفعلُها باختِيارنا هيَ مِن حيثُ الكَسبُ مِنّا ومِن حَيثُ الخَلقُ فهيَ لله تعالى.
قولُه اللّهمّ إليكَ خَرجْتُ أيْ بنيّةِ طَاعتِك خَرجتُ،أي باختيارٍ مني خَرجتُ كَسْبًا لا خَلقًا، وعلَيكَ قَدِمْتُ أي إلى مَحَلّ طَاعتِكَ أي كَسْبًا وأنتَ أَقْدَمتَني أي خَلقًا، أُطِيعُكَ لأمرِكَ ولكَ المنّةُ علَيّ، ما أَمرتَني به أُطيعُكَ ولَكَ المنّةُ عليّ أي ولكَ الفَضلُ عَليَّ أني عَمِلتُ حسَنةً، أي أنا لم أخلُقْ هذه الحسَنةَ أنتَ تَخلقُها فيّ، وأَعصِيْكَ بعِلمِك، إنْ حصَلَت مني معصيةٌ فهيَ بِعلمِك، ولكَ الحُجّةُ عَليَّ، أعتَرِف بأني ظالم، فأنَا أسألُكَ بواجِب حُجّتِك وانقِطاع حُجّتي إلا رَدَدْتَني بذَنبٍ مَغفُور، أسألكَ بمقتَضَى فَضلِكَ لا لأنّ لي حقًّا علَيكَ واجبًا بل أسأَلُكَ لأنّك مُتفَضّلٌ متكَرّمٌ، إلا رَدَدْتَني بذَنبٍ مَغفُور، أي أن تَرُدَّني وقَد غفَرتَ لي ذنُوبي، هذا في الاعتقادِ حَقّ فَقِيه، هذا خَيرٌ مِنْ مِلىء الأرض مِنَ المعتزلة، هذا الرّأسُ الخبيث فيهم القاضِي عبد الجبار المعتزلي لهُ كتابٌ سمّاه “المغني”.
ربنا اغفر لنا ولإخوانِنا الذين سبَقُونا بالإيمان ولا تجعلْ في قلوبِنا غِلا للّذين آمنوا ربَّنا إنكَ رؤوف رحيم اللهم اجعَلنا مِنَ الآمِرين بالمعروف والنّاهِينَ عن المنكَر اللّهم اجعَلنا هُداةً مهتَدين غيرَ ضالّين ولا مضِلّين، ربّنا اغفر لنا ولإخوانا الذين سبقونا بالإيمان، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن وصلى الله وسلم على نبيه محمد.والله أعلم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ويجبُ الحذَرُ مِنْ قَولِ إنّ العبدَ يخلُقُ الشّرَّ والله يخلُقُ الخيرَ،لأنّ هذا فيه نِسبةُ المغلُوبيةِ إلى الله، لو كانَ الله يقَعُ في مِلكه شىءٌ بدونِ مشيئتِه لكانَ مَغلوبًا والمغلوبيّةُ تُنافي الألوهيّة، والله تَعالى لا يكونُ إلا غالبًا وهوَ العزيز، العزيزُ معناهُ الذي يَغلِبُ ولا يُغلَب، لا إبليس يغلبُه ولا شىء مِن خَلقِه.
محمّد قطُب يقول في رسالةٍ لهُ اللهُ ليسَ بخالقٍ للشَّر كذّبَ قولَه تعالى :”قل اللهُ خَالقُ كلِّ شىءٍ وهو الواحِدُ القهّار” وفي ردّه آيات عَديدةٌ غيرُ هذِه مِن جملتِها قولُه تعالى ” تؤتي المُلْكَ مَن تشَاءُ وتَنزِعُ المُلكَ ممّنْ تشَاء” إذًا الله تَعالى هو الذي أَعطَى سُليمانَ المُلك العظيم الذي هو محمُودُ العَاقِبة لم يُكسِب صاحبَهُ معصية، وهو الذي أعطَى فِرعَونَ ذلكَ المُلكَ الذي أوصَلَه إلى حَدّ دَعْوى الرّبوبيةِ بقولِه أنَا ربُّكم الأعلَى، إذًا اللهُ تعالى خَالقُ الخيرِ والشّر، ومَن أَعطَى نُمرود ذلكَ المُلك الذي وصَلَ به إلى دَعْوى الرّبوبيّة، أليسَ اللهُ كانَ عالماً في الأزلِ أنّ فِرعونَ وهذا نُمرود سيَنَالان مُلكًا وأنهما يَصِلانِ إلى دَعْوى الرّبوبيّة، كانَ عالماً في الأزل، لأنّهُ عَالمٌ بكلِّ شَىء، فإذًا الله تبارك وتعالى هو يخلُق الخيرَ والشرَّ، هو خَلَقَ مُلْكَ سُليمانَ الذي هو خَيرٌ بَحْتٌ وهو خَلَق مُلكَ فِرعونَ ومُلكَ نُمرود الذي هو شَرٌّ عظِيم.
قالَ البيهقيّ رحمه الله بإسنادِه جاءَ رجُلٌ إلى سفيانَ بنِ عُيَيْنَه فقال إنّ هَا هُنا رَجُلاً يُكذّب بالقدَر قال كذَبَ عدُوُّ الله وما يقُولُ لقَد سمِعتُ أعْرابيًّا بالموقِف وهو أفقَهُ ” اللهُمّ إلَيكَ خَرجْتُ وأنتَ أَخْرَجْتَني وعَلَيكَ قَدِمتُ وأنتَ أقدَمْتَني، أُطِيعُكَ أَمْرَكَ ولكَ المِنّةُ علَيَّ، وأَعصِيْكَ بعِلْمِكَ ولكَ الحُجَّةُ عَليَّ وأنَا أسألُكَ بواجِب حُجّتِك وانقِطاع حُجّتي إلا رَدَدْتَني بذَنْبٍ مَغفُور” معنى هذه الحكايةِ عن سفيانَ بنِ عُيَيْنة رضي الله عنه، لما أُخبَر أنّ رجُلاً، قيلَ لهُ إنّ ها هنا رجُلاً يُكَذّبُ بالقَدَر، مِن هؤلاء المعتزلة، قال كذَبَ عدُوّ الله وما يقُولُ، لقَدْ سمعتُ أعرابيًّا بالموقِف أي بعَرَفةَ مَرّةً يقول، يتَضَرّعُ إلى الله تبارك وتعالى وهوَ أفقَهُ، لو كانَ شَكلُه شَكل أَعْرابي أي بدَويّ لكنّه ذُو فَهمٍ قَويّ، كان يقولُ هذا الأعرابيّ بالموقِف بعرفَةَ اللهمّ إليكَ خَرجتُ وأنتَ أَخرَجْتَني، هذا فيهِ اعترافٌ لله تبارك وتعالى بأنّهُ هو خالقُ حَركاتِ العبادِ وسَكناتهِم، لما قَال إليكَ خَرجتُ أَثبَت الكسبَ،كسْبَ العبدِ، ولما قال أنتَ أَخرَجْتَني أثبَتَ خَلقَ أفعالِ العبادِ للهِ معناهُ أنّ خُروجِي هذا كان كَسْبًا مِنّي وهو خَلْقٌ مِنكَ، هذا حقِيقةُ التّوحيد، أفعالُنا التي نفعلُها باختِيارنا هيَ مِن حيثُ الكَسبُ مِنّا ومِن حَيثُ الخَلقُ فهيَ لله تعالى.
قولُه اللّهمّ إليكَ خَرجْتُ أيْ بنيّةِ طَاعتِك خَرجتُ،أي باختيارٍ مني خَرجتُ كَسْبًا لا خَلقًا، وعلَيكَ قَدِمْتُ أي إلى مَحَلّ طَاعتِكَ أي كَسْبًا وأنتَ أَقْدَمتَني أي خَلقًا، أُطِيعُكَ لأمرِكَ ولكَ المنّةُ علَيّ، ما أَمرتَني به أُطيعُكَ ولَكَ المنّةُ عليّ أي ولكَ الفَضلُ عَليَّ أني عَمِلتُ حسَنةً، أي أنا لم أخلُقْ هذه الحسَنةَ أنتَ تَخلقُها فيّ، وأَعصِيْكَ بعِلمِك، إنْ حصَلَت مني معصيةٌ فهيَ بِعلمِك، ولكَ الحُجّةُ عَليَّ، أعتَرِف بأني ظالم، فأنَا أسألُكَ بواجِب حُجّتِك وانقِطاع حُجّتي إلا رَدَدْتَني بذَنبٍ مَغفُور، أسألكَ بمقتَضَى فَضلِكَ لا لأنّ لي حقًّا علَيكَ واجبًا بل أسأَلُكَ لأنّك مُتفَضّلٌ متكَرّمٌ، إلا رَدَدْتَني بذَنبٍ مَغفُور، أي أن تَرُدَّني وقَد غفَرتَ لي ذنُوبي، هذا في الاعتقادِ حَقّ فَقِيه، هذا خَيرٌ مِنْ مِلىء الأرض مِنَ المعتزلة، هذا الرّأسُ الخبيث فيهم القاضِي عبد الجبار المعتزلي لهُ كتابٌ سمّاه “المغني”.
ربنا اغفر لنا ولإخوانِنا الذين سبَقُونا بالإيمان ولا تجعلْ في قلوبِنا غِلا للّذين آمنوا ربَّنا إنكَ رؤوف رحيم اللهم اجعَلنا مِنَ الآمِرين بالمعروف والنّاهِينَ عن المنكَر اللّهم اجعَلنا هُداةً مهتَدين غيرَ ضالّين ولا مضِلّين، ربّنا اغفر لنا ولإخوانا الذين سبقونا بالإيمان، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن وصلى الله وسلم على نبيه محمد.والله أعلم.