الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد، وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد:
فإنه ظهرت جماعة من الناس يسمون «حزب التحرير» يحرّفون دين الله، وينشرون الأباطيل، ويثيرون الخلافات التي لا معنى لها. وقد أسس هذا الحزب رجل يسمى تقي الدين النبهاني ادعى الاجتهاد وخاض في الدين بجهل، فوقع في التحريف والتكذيب لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخرق الإجماع في مسائل من أصول الدين وفروعه.
فقيامًا منَّا بالواجب الذي افترضه الله علينا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصح المسلمين وتحذيرهم من هذا الحزب وأقواله كتبنا هذه الأوراق على وجه الاختصار ذاكرين أقوالهم ومفندين ءاراءهم، محتجين عليهم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال العلماء فإن التحذير من أهل الضلال أمر واجب، فكما أن التحذير ممن يغش المسلمين في السلع واجب، فالتحذير ممن يدسّ في الدين ويحرفه ويفتري على الله ورسوله واجب من باب أولى، قال الله تعالى: {ولتكُنْ منكُم أمَّةٌ يدعونَ إلى الخيرِ ويأمرونَ بالمعروفِ وينهَونَ عن المنكرِ} [سورة ءال عمران/104]، وقال أبو علي الدقاق: «الساكت عن الحق شيطان أخرس».
هو تقي الدين بن إبراهيم النبهاني، ولد بقرية إجزم بقضاء حيفا بفلسطين سنة 1327هـ ـ 1909ر.
غادر بلاده بعد نكبة 1948ر فاستقر ببيروت، وأنشأ عام 1952ر حزب التحرير الذي دعا بزعمه لقيام الدولة الإسلامية التي يراها هو، وأخذ يبث دعوته وأفكاره المنحرفة كما سيمر في هذا الكتاب متنقلاً بين الأردن وسورية ولبنان، فانخدع به من لا علم عنده فتابعوه على سوء معتقده وءارائه التي شذ بها عن سائر الأمة.
شايع في بدايته حزب الأخوان ثم لم يلبث أن تركهم وتحول إلى حربهم.
أمضى أواخر حياته في بيروت وبها توفي عام 1400هـ ـ 1979ر.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ومؤلفاته التي دوّن فيها أفكاره تدل على أنه لم يكن على منهج أهل السنة والجماعة، وهذا لا يخفى على ذي عينين لمن طالع هذا الكتيب الذي فيه بيان حقيقة هذا الحزب بإحالة ما ننقله عن رئيسهم إلى كتبه حتى يكون القارئ على بينة، والله ولي التوفيق.
يقول زعيمهم تقي الدين النبهاني في كتابه المسمى الشخصية الإسلامية (الجزء الأول: القسم الأول ص/71 ـ 72) ما نصه: «وهذه الأفعال ـ أي أفعال الإنسان ـ لا دخل لها بالقضاء ولا دخل للقضاء بها، لأن الإنسان هو الذي قام بها بإرادته واختياره، وعلى ذلك فإن الأفعال الاختيارية لا تدخل تحت القضاء» اهـ، ويقول في نفس الكتاب (الجزء الأول: القسم الأول: ص/74) ما نصه: «فتعليق المثوبة أو العقوبة بالهدى والضلال يدل على أن الهداية والضلال هما من فعل الإنسان وليسا من الله» ا.هـ، وكذا يذكر في كتابه المسمى بـ: «نظام الإسلام» (ص 22).
الرد: هذا الكلام مخالف للقرءان والحديث وصريح العقل. فأما القرءان فقد قال الله تعالى: {وخلَقَ كلَّ شىءٍ فقدَّرَه تقديرًا} [سورة الفرقان/2]، وقال:{واللهُ خلقكم وما تعملون} [سورة الصافات/96]، وقال:{إنَّا كلَّ شىءٍ خلقناه بقدَر} [سورة القمر/49]، والشىء هنا شامل لكل ما يدخل في الوجود من أجسام وحركات العباد وسكونهم، ما كان منها اختياريًّا وما كان منها اضطراريًّا، والأفعال الاختيارية أكثر بكثير من غير الاختيارية. فلو كان كل فعل اختياري من العباد بخلق العبد لكان ما يخلقه العبد من أعماله أكثر مما يخلقه الله من أعمال العباد، والشىء معناه في اللغة الموجود، وهذه الأعمال أعمال الإنسان الاختيارية موجودة.
فثبت أن قول النبهاني هو ردّ للنصوص القرءانية والحديثيَّة، قال الله تعالى:{فمن يهدي من أضلَّ اللهُ} [سورة الروم/29]، وقال تعالى إخبارًا عن موسى :{إن هي إلاَّ فتنتُك تضِلُّ بها من تشآءُ} [سورة الأعراف/155]، وقال تعالى :{إنَّك لا تهدي من أحببْتَ ولكنَّ اللهَ يهدي من يشآءُ} [سورة القصص/56]، أي لا يخلق الاهتداء في قلوب العباد إلا الله. وفي قوله تعالى :{تُضِلّ بها مَن تشآءُ وتهدي من تشآءُ} تصريح ظاهر بأن الله هو الذي يخلق الاهتداء في قلوب من شاء أن يهديهم، والضلالة في قلوب من شاء أن يضلهم، ولا معنى في اللغة لقوله تعالى :{تضِلُّ بها من تشآءُ} إلا أن الله يخلق الضلالة في قلب من يشاء، وأنه يخلق الاهتداء في قلب من يشاء هو أي الله، لأن الضمير في قوله :{تُضِلُّ} وقوله :{تشآءُ} لا مرجع له إلا إلى الله، ولا يحتمل إرجاعه إلى العبد. فما ذهب إليه حزب التحرير معارضةٌ ظاهرة لكتاب الله.
وكلام زعيمهم مخالف أيضًا لقوله تعالى :{ونُقلّبُ أفئِدتَهم وأبصارَهُم} [سورة الأنعام/110]، فقد أخبر الله في هذه الآية بأن عمل العبد القلبي وعمله الذي يعمله بجوارحه من فعل الله تعالى فهل لهم من جواب على هذه الآية؟!.
وقال تعالى:{وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ} [سورة البقرة/102]، أي إلا بمشيئته، لأن الإذن هنا لا يصح تفسيره بالأمر لأن الله لا يأمر بالفحشاء، فتعين تفسيره هنا بالمشيئة، والسحر من الأفعال الاختيارية.
وقال تعالى :{وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللهِ} [سورة النساء/78]، وقال :{وحِيل بينهم وبين ما يشتهون} [سورة سبأ/54]، وقال :{إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ} [سورة الأنعام/34] وقال :{كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} [سورة البقرة/108]، وقال: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [سورة النساء/7] وقال :{بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [سورة يونس/155]، وقال :{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ} [سورة التكوير/100]، وقال :{وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سورة السجدة/29]، وقال:{وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [سورة السجدة/13] وقال :{حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [سورة الحجرات/7]، إلى سائر ما ورد في كتاب الله عزَّ وجلَّ في هذا المعنى من أن الله عزَّ وجلَّ هو المعطي بمنّه وفضله من يشاء من عبيده الإيمان وهو محببه إليه ومزيّنه في قلبه وهاديه إلى الصراط المستقيم، وأن الله ختم على قلوب بعض عباده، وأن أحدًا لا يستطيع أن يعمل غير ما كتب له، وأنه لا يملك لنفسه وغيره نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله، وأن أفعال العباد كلها تقع بمشيئة الله جلَّ ثناؤه وإرادته، وأنه لا يقع لبشر قول ولا عمل ولا نية إلا بمشيئته تعالى وإرادته.
وأما مخالفته للحديث فقد روى مسلم في صحيحه والبيهقي وغيرهما(أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب القدر: باب كل شىء بقدر، والبيهقي في «الاعتقاد» (ص/86)، وأحمد في مسنده (2/110)) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«كل شىء بقدر حتى العجز والكيس»، والعجز: البلادة، والكيس: الذكاء، وقال صلى الله عليه وسلم :«إن الله صانع كل صانع وصنعته» رواه الحاكم من حديث حذيفة(أخرجه الحاكم في المستدرك (1/31 ـ 32) )، وقال :«القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم» رواه أبو داود ( أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنة: باب في القدر) في سننه والبيهقي في كتابه القدر(أخرجه البيهقي في كتابه «القضاء والقدر» (13ق/أ))، وقال صلى الله عليه وسلم :«ستة لعنتهم ولعنهم الله وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله…» الحديثَ(أخرجه الترمذي في سننه: كتاب القدر: باب (17)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3/127)، والحاكم في «المستدرك» (1/36) وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه، وابن حبان في صحيحه انظر «الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان» (7/501) كلهم عن عائشة رضي الله عنها، قال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/176): «رواه الطبراني في الكبير وفيه عبيد الله بن عبد الرحمــن بن موهب، قال يعقوب بن شيبة: فيه ضعف. وضعّفه يحيى بن معين في رواية ووثقه في أخرى، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح» اهـ).
وخالف أيضًا الحديث الذي أخرجه ابن جرير الطبري في كتابه تهذيب الآثار وصححه(تهذيب الآثار (2/653 ـ 654)) وهو قوله عليه الصلاة والسلام :«صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الإسلام: القدرية، والمرجئة»، فهذا الحديث صريح في تكفير أهل القدر القائلين بأن العبد هو الذي يخلق أعماله بإرادته وتقديره كهذه الفرقة، فهم بهذه المقالة جردوا أنفسهم من الإسلام وانسلخوا منه كما تنسلخ الحية من جلدها.
وخالف أيضًا حديث مسلم(أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب القدر: باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته) عن أبي الأسود الدؤلي قال: قال لي عمران بن الحصين: أرأيتَ ما يعمل الناس اليوم ويكدحون أشىء قُضي عليهم ومضى عليهم من قَدرٍ قد سبق أو فيما يُستقبلون به مما أتاهم به نبيُّهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شىء قُضي عليهم ومضى عليهم، قال: فقال: أفلا يكون ظلمًا؟، قال: ففزعتُ من ذلك فزعًا شديدًا وقلتُ: كل شىء خلقُ الله ومِلك يده فلا يُسأل عما يفعل وهم يسئلون، فقال لي: يرحمك الله إني لم أُرد بما سألتُكَ إلا لأحزرَ عقلك، إن رجلين من مُزَيْنَة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشىء قضي عليهم ومضى فيهم من قدرٍ قد سبق أو فيما يُستقبلون به مما أتاهم به نبيُّهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال:«لا بل شىء قُضي عليهم ومضى فيهم»، وتصديقُ ذلك في كتاب الله عزَّ وجلَّ:{ونفسٍ وما سوَّاها * فألهمها فُجورَها وتقواها} [سورة الشمس/8.7] اهـ.
وأما مخالفته لصريح العقل فهو أنه يلزم من قولهم المذكور أن يكون الله مغلوبًا مقهورًا لأنه يكون العبد على ذلك خالقًا لهذه المعاصي على رغم إرادة الله، والله لا يكون إلا غالبًا قال الله تعالى :{واللهُ غالبٌ على أمرِه} [سورة يوسف/21].
وعلى حسب زعمهم فإنه يجري في ملكه تعالى شىء بغير مشيئته وهذا مما لا يصح، فإنه لا يجري في المُلك طرفةُ عين ولا لفتةُ ناظر إلا بقضاء الله وقدره وقدرته ومشيئته، ولا فرق بين ما كان خيرًا أو شرًّا، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون.
فلا يصح عقلاً أن يكون وجود قسم منها بفعل الله ووجود قسم ءاخر بفعل غيره، كما تقول المعتزلة الذين خالفوا أهل الحق.
قال الإمام أبو حنيفة في الوصية:«والعبد مع أعماله وإقراره ومعرفته مخلوق، فإذا كان الفاعل مخلوقًا فأفعاله أولى أن تكون مخلوقة»، وقال الإمام الحسن البصري :«من كذّب بالقدر فقد كفر» اهـ.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :«إن كلام القدرية كفر»، وعن عمر بن عبد العزيز والإمام مالك بن أنس والأوزاعي رضي الله عنهم «انهم يستتابون فإن تابوا وإلا قُتلوا».
رقم العضوية : 171
|
تاريخ التسجيل : Sep 2005
|
الموقع : دار الفناء
|
المشاركات : 563
|
هواياتي : دار البقاء
|
التقييم : 10
|
|
وعن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه أن رجلًا قال لابن عباس: إن ناسًا يقولون: إن الشر ليس بقدر، فقال ابن عباس: فبيننا وبين أهل القدر هذه الآية :{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللهُ مَا أَشْرَكْنَا} حتى قوله: {فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [سورة الأنعام/149.148].
وأشد من هذا اعتقادهم الذي هو اعتقاد القدرية المعتزلة أن العبد يخلق أفعاله الاختيارية وليس الله يخلقها، وهذا كفر صريح وشرك بالله تعالى.
كان في الماضي رجل يقال له غيلان الدمشقي كان في أيام عمر بن عبد العزيز فاستدعاه عمر بن عبد العزيز لأنه بلغه أنه يقول بقول المعتزلة فأنكر غيلان أنه يقول ذلك أمام عمر، ثم لما مات عمر واستخلف يزيد بن عبد الملك ثم استخلف هشام أظهر غيلان ذلك الاعتقاد فاستدعاه الخليفة هشام فقال غيلان: أقلني يا أمير المؤمنين، فقال: لا أقالني الله إن أَقلتك، فقال غيلان: إذًا اجمعني بمن يجادلني فإن غلبني فهذا رأسي وإن غلبته افعل به مثل ذلك، فقال الخليفة: مَن لهذا القدري؟، فقيل له: الأوزاعي، وكان الأوزاعي في بيروت والخليفة في دمشق، فاستدعي الأوزاعي إلى دمشق، ولما ناظره الأوزاعي فغلبه قال الأوزاعي عنه: كافر ورب الكعبة يا أمير المؤمنين، فأخذه الخليفة هشام فقطع يديه ورجليه وعلّقه على باب دمشق، ذكر ذلك الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، ثم إنه صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صنفان من أمتي ليس لهما نصيب في الإسلام المرجئة والقدرية» حديث صحيح صححه الحافظ الفقيه المجتهد المطلق محمد بن جرير الطبري في كتابه تهذيب الآثار، فيؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم :«صنفان من أمتي ليس لهما نصيب في الإسلام» أن هذه العقيدة عقيدة كفر وأن اعتقاد أن العبد يخلق أفعاله الاختيارية ضد ءايات من القرءان كقوله تعالى {قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ} [سورة الرعد/16] والشىء يشمل الأجسام على اختلاف أشكالها والحركات والنوايا والخواطر، وقوله تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [سورة الأنعام/110] هذه الآية دلت على أن الله هو الخالق لأعمال القلوب وتقلب الأبصار، فهؤلاء التحريرية عمُوا وقلدوا الذين قال عنهم الرسول ليس لهم نصيب في الإسلام، ثم ثبت عن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن نكاح القدرية أي نكاح المعتزلة فقال:«ولعبد مؤمن خير من مشرك» أي لا يصح التزوج منهم، اعتبر مالك المعتزلة مشركين لأنهم أشركوا العبد مع الله لأن الله تعالى هو الخالق أي المُخرج لكل شىء من العدم إلى الوجود، فالمعتزلة أشركوا بالله بقولهم العبد يخلق أعماله الاختيارية من العدم إلى الوجود، وهذا أي الإبراز من العدم إلى الوجود هو معنى الخلق المراد في ءايات كثيرة روى ذلك عن مالك من لا يحصى، روى ذلك الحافظ الإمام المجتهد ابن المنذر في كتابه الأوسط وكتاب الإشراف ولا ينفعهم قولهم إن العبد يخلق أفعاله بقدرة أعطاه الله إياها، وقال الإمام المحدث الفقيه عبد القادر بن طاهر التميمي البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق: «المعتزلة مشركون» أي لأنهم أشركوا العبد مع الله في صفة الخلق أي إبراز المعدوم من العدم إلى الوجود، فأجسام الخلق وحركاتهم وسكناتهم كانت معدومة ثم الله تعالى هو أخرجها من العدم إلى الوجود، فالمعتزلة ومن تبعهم من التحريرية جعلوا إبراز العباد وحركاتهم الاختيارية للعباد قالوا الله يبرز من العدم إلى الوجود الأجسام والحركات الغير اختيارية، أما الحركات الاختيارية نحن نبرزها، وهذا إشراك بالله تعالى.
ويكفي في إبطال قولهم ءايتان من كتاب الله، الأولى قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ (163)} [سورة الأنعام] ذكر الله في هذه الآية الصلاة والنسك وهما من الأفعال الاختيارية وذكر المحيا والممات وهما ليسا من الأفعال الاختيارية فجعل كلاًّ خلقًا له لا شريك له في ذلك، ومعنى الآية: قل يا محمد إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي مخلوق لله لا شريك له في ذلك. فخالفت التحريرية تبعًا للمعتزلة فقالوا إن كل الأفعال الاختيارية العبد يخلقها وهو مالكها.
والآية الثانية :{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} [سورة الأنفال/17] فنفى الله تعالى الرمي عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأثبته من جهتين، نفاه من جهة الخلق عنه أي ما أنت خلقت ذلك الرمي يا محمد وأثبته له من جهة الاكتساب فقد اجتمع النفي والإثبات في الآية لكن من جهتين وهذا مذهب أهل السنة الأشاعرة والماتريدية ومن كان قبلهم من أهل السنة أن العباد لا يخلقون أعمالهم أي ليسوا مبرزين لها من العدم إلى الوجود وإنما الله هو الذي يبرزها من العدم إلى الوجود والعباد يكتسبونها فقط أي يوجهون إرادتهم إليها، وعلى قول التحريرية تكون الآية جمعت النفي والإثبات من جهة واحدة وذلك باطل محال كقول القائل: قام زيد لم يقم زيد.
أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ما نصه: «قال أبو عبد الله أحمد بنُ محمد بنِ حنبل: القدرُ خيره وشرُّه وقليله وكثيره ظاهرُه وباطنُه وحُلوُه ومرّه ومحبوبه ومكروهه وحسنه وسيّئه وأوّله وءاخره من الله. قَضَاءٌ قضاهُ على عباده وقَدَرٌ قدّره عليهم لا يعدو أحد منهم مشيئةَ الله ولا يجاوز قضاءه. بل كلهم صائرون إلى ما خلقهم له، واقعون فيما قَدَّرَ عليهم وهو عَدْلٌ منه عزَّ ربُّنا وجلَّ، والزنا والسرقةُ وشربُ الخمرِ وقتلُ النفسِ وأكلُ المالِ الحرامِ والشركُ بالله والمعاصي كلُّها بقضاءٍ مِنَ الله عزّ وجلّ وقَدَرٍ من غير أن يكون لأحدٍ من الخلق على الله حجة بل لله الحجةُ البالغةُ على خَلْقه، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.
وعلمُ الله ماضٍ في خلقه بمشيئة منه، قد علم من إبليسَ ومن غيره ممّن عصاه من لَدُن أن يُعصَى الله إلى أن تقوم الساعة المعصية وخلقهُم لها وعلِمَ الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها، وكلٌّ يعملُ لما خُلِقَ له وصائرٌ إلى ما قضى عليه وعَلِمَ منه لا يعدو واحدٌ منهم قدر الله ومشيئته والله الفاعل لما يريد الفَعّالُ لما يشاء، ومَن زعم أن الله شَاء لعباده الذين عصوه الجنة والطاعة وأن العبادَ شاءوا لأنفسهم الشرَّ والمعصية فعمِلوا على مشيئتهم فقد زعم أن مشيئة العبادِ أغلَظُ مِنْ مشيئة الله فأيُّ افتراءٍ أكبرُ على الله من هذا، ومَن زَعَمَ أن الزِنا ليس بقَدَرٍ قيل له أنت رأيت هذه المرأةَ حَملت مِنَ الزنا وجاءت بولدها شاء الله أن يُخلق هذا الولد وهل مضى في سابِق علمِه، فإن قال لا، فقد زعم أن معَ الله خالِقًا وهذا الشركُ صُراحًا ومَن زَعَمَ أن السرقة وشربَ الخمر وأكل مال الحرام ليس بقضاءٍ وقَدَرٍ فقد زعم أن هذا الإنسانَ قادرٌ على أن يأكلَ رِزقَ غيره وهذا صُراحُ قول المجوسية: بلْ أكلَ رِزْقَه، وقضى الله أن يأكلَ مِنَ الوجه الذي أكلَهُ، ومَن زعم أن قتْلَ النَّفس ليس بقَدَرٍ مِنَ الله فقد زعم أنّ المقتولَ ماتَ بغير أجَلِه وأيُّ كفر أوضح من هذا، بل ذلك بقضاء الله ومشيئته في خلقه وتدبيره فيهم وما جرى من سابق علمه فيهم، وهو العَدْل الحقُّ الذي يَفعل ما يريدُ، ومن أقَرّ بالعلم لزِمَه الإقرارُ بالقدر والمشيئة على الغضب والرضا» اهـ.
اما الرد ,
قال أهلُ الحقّ: «امتنعَ خلقُ العبدِ لفعلِهِ لعمومِ قدرةِ الله تعالى وإرادتِهِ وعلمِهِ».
وبيانُ الدليلِ على ذلكَ أن قدرةَ الله عامَّةٌ وعلمَهُ كذلكَ وإرادتَهُ كذلكَ، فإنَّ نسبَتَها إلى الممكناتِ نسبةٌ واحدةٌ.
فإنّ وجودَ الممكنِ إنما احتاجَ إلى القادرِ من حيثُ إمكانُهُ وحدوثُهُ.
فلو تخصَّصَت صفاتُهُ هذه ببعضِ الممكناتِ لَلَزِمَ اتصافُهُ تعالى بنقيضِ تلكَ الصفاتِ من الجهلِ والعجزِ وذلكَ نقصٌ والنقصُ عليهِ مُحالٌ، ولاقتضَى تخصُّصُها مُخَصّصًا وتعلَّقَ المُخَصّصُ بذاتِ الواجبِ الوجودِ وصفاتِهِ وذلكَ محالٌ، فإذًا ثبتَ عمومُ صفاتِهِ.
فلو أرادَ الله تعالى إيجادَ حادِثٍ وأرادَ العبدُ خلافَهُ ونفذَ مرادُ العبدِ دونَ مرادِ الله للزمَ المحالُ المفروضُ في إثباتِ إلهينِ، وتعدُّدُ الإلهِ محالٌ بالبرهانِ، فما أدَّى إلى المحالِ محالٌ».
تنبيه: «يجب تكفير المعتزلة القائلين بأنّ العبد يخلق أفعاله الاختيارية أي يحدثها من العدم إلى الوجود لأنهم كذّبوا قول الله تعالى :{هل من خالقٍ غيرُ الله} [سورة فاطر/3]، وقول الله :{قلِ اللهُ خالق كل شىء} [سورة الرعد/16] وءايات أخرى كثيرة وأحاديث عديدة. وهؤلاء المعتزلة هم القدرية الذين سمّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الأمة، وقد أورد هذا الحديث أبو حنيفة في إحدى رسائله الخمس وهو صحيح عنده لأنه أورده في معرِض الاحتجاج، وهم الذين شدّد عليهم النكير عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما وغيره من أكابر الصحابة ومن جاء بعدهم . قال ابن عباس رضي الله عنهما: «كلام القدرية كفر»، وقال سيدنا علي بن أبي طالب للقدري: «إن عُدت إلى هذا لأقطعن الذي فيه عيناك»، وكذلك الحسن بن علي بن أبي طالب والإمام المجتهد عبد الله بن المبارك فقد حذّر من ثور بن يزيد وعمرو بن عبيد الذي كان من رءوس المعتزلة، وقد ألّف في الرد عليهم الحسن بن محمد ابن الحنفية حفيد سيّدنا علي بن أبي طالب، وكذا الإمام الحسن البصري، والخليفة الأموي المجتهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم، وعلى تكفيرهم كان الإمام مالك فقال حين سُئل عن نكاح المعتزلة :{ولَعَبد مؤمنٌ خيرٌ من مشرك} [سورة البقرة/221]، نقل ذلك عنه أبو بكر ابن العربي المالكي، والزركشي في شرحه على أصول ابن السبكي، وكذلك كفّرهم إماما أهل السنّة أبو منصور الماتريدي الحنفي، وأبو منصور عبد القاهر البغدادي التميمي الشافعي شيخ الأشاعرة وشيخ الحافظ البيهقي الذي قال فيه ابن حجر الهيتمي: «الإمام الكبير إمام أصحابنا أبو منصور البغدادي».
وقد قال شارح إحياء علوم الدين الإمام الفقيه المحدّث اللغوي محمد مرتضى الزبيدي(إتحاف السادة المتّقين (2/135)) : «لم يتوقف علماء ما وراء النهر من أصحابنا ـ يعني الماتريدية ـ في تكفير المعتزلة» اهـ. وقال الزاهد الصفّار من أكابر الحنفية: «يجب إكفار القدري ـ أي المعتزلي ـ في قوله: إن العبد يخلق أفعال نفسه، وفي قوله: إن الله لم يشأ وقوع الشر» اهـ.
وممن نقل أيضًا تكفيرهم الإمام شيخ الإسلام البلقيني، وردّ عليهم الإمام المتولي في كتابه الغنية في العقيدة وهما من أكابر أصحاب الوجوه من الشافعية، والإمام أبو الحسن شيث بن إبراهيم المالكي، وكذلك الإمام ابن التّلمساني المالكي في كتابه شرح لمع الأدلة لإمام الحرمين وغيرهم، ولم يصح عن إمام مجتهد كالشافعي وغيره القول بترك تكفير هذا الصنف من المعتزلة.
فبعد هذا لا يلتفت إلى ما يخالفه ولا يغترّ بعدم تكفير بعض المتأخرين لهم، فقد نقل الأستاذ أبو منصور التميمي في كتابه التذكرة البغدادية وكتابه تفسير الأسماء والصفات تكفيرهم عن الأئمة فقال(أصول الدين (ص/337، 341، 342، 343)): «أصحابنا أجمعوا على تكفير المعتزلة»(تفسير الأسماء والصفات (ق/191)). وقوله: «أصحابنا» يعني به الأشاعرة والشافعية لأنه رأس كبير في الأشاعرة الشافعية، وهو إمامٌ مقدّم في النقل معروف بذلك بين الفقهاء والأصوليين والمؤرخين الذين ألّفوا في الفِرق، فمن أراد مزيد التأكد فليطالع كتبه هذه، فلا يُدافع نقله بكلام بعض المتأخرين.
وما يذكر من العبارات التي تفهم ترك تكفيرهم عن بعض المشاهير كالنووي فقد يؤول بأن مراده من لم تثبت عليه قضية معينة تقتضي كفرَه من مسائلهم، لأن منهم من ينتسب إليهم ولا يقول بجميع مقالاتهم كبشر المريسيّ والمأمون العباسي، فإن بشرًا كان موافقهم في القول بخلق القرءان وكفَّرهم في القول بخلق الأفعال؛ فلا يحكم على جميع من انتسب إلى الاعتزال بحكم واحد ويحكم على كل فرد منهم بكونه ضالا، فالذين لا يعتقدون من الاعتزال أصوله الكفرية إنما ينتسبون إليهم ويعتقدون بعض المسائل الأخرى كعدم رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة فهؤلاء الذين لم يكفّرهم من تحاشى تكفيرهم. ومن أراد المزيد فليراجع الكتب التي ألّفت في الفِرق لبيان مقالاتهم وأقوال العلماء فيهم. وكذلك قول الإمام أحمد في المعتصم «يا أميرَ المؤمنين» فإن المعتصم والمأمون لم يثبت عنهما القول بخلق العبد لفعله كما تقول المعتزلة إنما وافقا المعتزلة في القول بخلق القرءان، ولا يعني المعتصم والمأمون أنه ليس لله كلام إلا هذا اللفظ المنزل الذي هو مخلوق لله كما تعتقد المعتزلة، إنما وافقاهم في القول بمخلوقية اللفظ ففرق بينهما وبين المعتزلة لأن المعتزلة نفوا الكلام القائم بذات الله وقالوا ليس لله كلام إلا الكلام الذي يخلقه في غيره كالشجرة التي كان عندها موسى، فحكم المعتزلة الذين نفوا الكلام القائم بذات الله غير حكم من قال بمخلوقية اللفظ المنزل، ولا يستطيع أحد أن يثبت عن الخليفتين أنهما تلفظا بنفي الكلام الذاتي عن الله، فالتسوية بينهما وبين المعتزلة جهل بالحقيقة كما ادعى البوطي في بعض كلامه حيث إنه احتج بقول الإمام أحمد للمعتصم «يا أمير المؤمنين» بأن أحمد لم يكفّرهم وهذا تقويلٌ للإمام ما لم يقله، ولا يستطيع أن يثبت عن أحمد أنه قال عن المعتصم أنه كان يقول بما تقول المعتزلة أنه ليس لله كلام إلا ما يخلقه في غيره، ودون ذلك خرق القتاد.
وقد أنكر الحافظ البلقيني في حواشي الروضة قول صاحب الروضة بصحة القدوة بهم في الصلاة قال(حواشي الروضة للبلقيني (1/83)): «وقول الشافعي رضي الله عنه: «أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية» محمول على من لم تثبت فيهم قضية معينة تقتضي تكفيرهم، واستدلَّ لذلك بقوله لحفص الفرد لما جادله في مسئلة القول بخلق القرءان فأفحمه الشافعي: «لقد كفرت بالله العظيم». وردّ البلقيني تأويل قول الشافعي هذا بكفران النعمة فقال في حاشيته على روضة الطالبين ما نصه(حواشي الروضة للبلقيني (1/83)) : «قوله ـ يعني النووي ـ: وأطلق القفال وكثيرون من الأصحاب القول بجواز الاقتداء بأهل البدع، وأنهم لا يكفرون، قال صاحب العُدة: هو ظاهر مذهب الشافعي رضي الله عنه، زاد ـ أي النووي ـ هذا الذي قاله القفّال وصاحب العدة هو الصحيح أو الصواب، فقد قال الشافعي: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم، ولم يزل السلف والخلف على الصلاة خلف المعتزلة وغيرهم». قال البلقيني: «فائدة: الصحيح أو الصواب خلاف ما قال المصنف ـ يعني النووي ـ وقول الإمام الشافعي رضي الله عنه محمول على من ذكر عنه أنه من أهل الأهواء ولم يثبت عليه قضية معينة تقتضي كفره، وهذا نص عام، وقد نص نصًّا خاصًّا على تكفير من قال بخلق القرءان، والقول بالخاص هو المقدّم، وأمّا الصلاة خلف المعتزلة فهو محمول على ما قدمته من أنه لم يثبت عند المقتدين بهم ما يكفرهم». ثم قال البلقيني: «قوله ـ يعني النووي ـ وقد تأوّل البيهقي وغيره من أصحابنا المحققين ما جاء عن الشافعي وغيره من العلماء من تكفير القائل بخلق القرءان على كفران النعم لا كفران الخروج عن الملّة». قال البلقيني: «فائدة: هذا التأويل لا يصح لأن الذي أفتى الشافعي رضي الله عنه بكفره بذلك هو حفص الفرد، وقد قال: أراد الشافعي ضرب عنقي، وهذا هو الذي فهمه أصحابه الكبار وهو الحقّ وبه الفتوى خلاف ما قال المصنّف».اهـ.
ويرد تأويل من أوَّل عبارة الشافعي المذكورة في حق حفصٍ بكفران النعمة لا كفران الجحود ما ثبت عن عبد الرحمن بن أبي حاتم عن ربيعة بن سليمان المراديّ صاحب الشافعي أن الشافعيّ كفَّره أي حفصًا كما أنه هو الراوي لقول الشافعي لقد كفرتَ بالله العظيم.
فلا يجوز التردّد في تكفير المعتزلة القائلين بأن الله كان قادرًا على خلق حركات العباد وسكونهم ثم لما أعطاهم القدرة عليها صار عاجزًا عنها، حكى ذلك غير واحد من الأكابر منهم الإمام أبو منصور الماتريدي، والإمام أبو منصور البغدادي، والإمام أبو سعيد المتولي، والفقيه المالكي شيث ابن إبراهيم، وإمام الحرمين وغيرهم كما تقدم، فكيف يسوغ ترك تكفيرهم بعد هذا الذي هو صريح في نسبة العجز إلى الله.
قال الزركشي في تشنيف المسامع ما نصه: «وقد نص الشافعي على قبول شهادة أهل الأهواء، وهو محمول على ما إذا لم يؤد إلى التكفير، وإلا فلا عبرة به».اهـ. وهذا يؤكد ما قاله البلقيني في حواشي روضة الطالبين بأن مراد الشافعي بقوله أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من لم تثبت بحقه قضية تقتضي تكفيره منهم، يعني كقولهم إن العبد يخلق أفعال نفسه الاختيارية استقلالاً، وإن الله كان قادرًا على خلقها قبل أن يعطيهم القدرة فلما أعطاهم صار عاجزًا.
أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم المشهور :«القدرية مجوس هذه الأمة»(أخرجه أبو داود في سننه: كتاب السنّة: باب في القدر، وصححه الحاكم في المستدرك (1/85) ووافقه الذهبي). فمعناه أمّة الدعوة، وأمّة الدعوة تشمل الكافرين والمؤمنين، لأن لفظ أمتي ونحوه يحمل على من اتبعه في بعض المواضع، وفي بعض المواضع يطلق على من توجهت إليه دعوته فمنهم من ءامن ومنهم من أبى».
ومن جملة ضلالهم ما يقول زعيمهم في نفس الكتاب المذكور(انظر كتابه الشخصية الإسلامية: الجزء الأول: القسم الأول: (ص/120)) ونصه: «إلا أن هذه العصمة للأنبياء والرسل، وإنما تكون بعد أن يصبح نبيًّا أو رسولا بالوحي إليه، أما قبل النبوة والرسالة فإنه يجوز عليهم ما يجوز على سائر البشر، لأن العصمة هي للنبوة والرسالة» اهـ.
الرد:
اتفق أهل الحق على أنه يجب للأنبياء الصدق والأمانة والفطانة، فعُلم من هذا أن الله تعالى لا يختار لهذا المنصب إلا من هو سالم من الرذالة والخيانة والسفاهة والكذب والبلادة، فمن كانت له سوابق من هذا القبيل لا يصلح للنبوة ولو تخلى منها بعد.
وتجب للأنبياء العصمة من الكفر والكبائر وصغائر الخسة والدناءة، وتجوز عليهم ما سوى ذلك من الصغائر التي ليس فيها خسة، وهذا قول أكثر العلماء كما نقله غير واحد وعليه الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه.
فعلى قول زعيمهم تصح النبوة لمن كان لصًّا سراقًا نباشًا للقبور ولواطيًّا إلى غير ذلك من الرذالات التي تحصل من البشر.
ومن أباطيلهم قولهم في بعض مناشيرهم التي نشروها في طرابلس منذ أكثر من خمس عشرة سنة تقريبًا إنه لا يحرم المشي بقصد الزنى بامرأة أو الفجور بغلام، وإنما المعصية في التطبيق بالفعل.
الرد: في هذا الكلام مخالفة للإجماع، وللحديث :«كُتب على ابن ءادم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا» رواه البخاري ومسلم وغيرهما(صحيح البخاري: كتاب الاستئذان: باب زنا الجوارح دون الفرج، وصحيح مسلم: كتاب القدر باب قدر على ابن ءادم حظه من الزنى وغيره).
وقد ذكر النووي في شرحه على مسلم(شرح صحيح مسلم (16/206)) كون المشي للزنى حرامًا، واللمس حرامًا بدليل الحديث المذكور.
فالدولة في الحياة العامة قد تمنع المباحات.. فمن الرجال من يلمس ثوب المرأة بشهوة، ومنهم من ينظر إلى حذائها بشهوة، ويسمع صوتها من الراديو بشهوة، وتتحرك فيه غريزة الجنس على وجه يحرك ذكره من سماع صوتها مباشرة، أو من الغناء، أو من قراءة إعلانات الدعاية أو من وصول رسالة منها، أو نقل له منها مع غيرها… فهذه أفعال بشهوة كلها تتعلق بالمرأة، وهي مباحة لدخولها تحت أدلة الإباحة…» اهـ.
ويذكرون في منشور ءاخر( منشور جواب سؤال بتاريخ 8 محرم 1390هـ) ما نصه: «ومن قبَّل قادمًا من سفر رجلًا كان أو امرأة، أو صافح ءاخر رجلًا كان أو امرأة، ولم يقم بهذا العمل من أجل الوصول إلى الزنى أو اللواط فإن هذا التقبيل ليس حرامًا، ولذلك كانا حلالين» اهـ.
وقالوا أيضًا بجواز مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية زاعمين أن الرسول صافح بدليل حديث أم عطية في المبايعة المروي في البخاري: «قالت: فقبضت امرأة منا يدها» فإن غيرها لم تقبض يدها، وقالوا: البيعة تكون مصافحة باليد أو كتابة ولا فرق بين الرجال والنساء، فإن لهن أن يصافحن الخليفة بالبيعة كما يصافحه الرجال»(انظر كتابهم الخلافة (ص/22 ـ 23)، وكتاب المسمى بالشخصية الإسلامية: الجزء الثاني: القسم الثالث: (ص/22 ـ 23)، والجزء الثالث منه (ص/107 ـ 108)) اهـ.
وقالوا في منشور لهم(صدر بتاريخ 21 جمادى الأولى 1400هـ = 7/4/1980ر) عنوانه «حكم الإسلام في مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية» بعد كلام طويل ما نصه: «وإذا أمعنا النظر في الأحاديث التي فهم منها بعض الفقهاء تحريم المصافحة نجد أنها لا تتضمن تحريمًا أو نهيًا» اهـ.
وختموا هذا المنشور بقولهم: «وما يصدق على المصافحة يصدق على القبلة» اهـ.
الرد: روى ابن حبان(صحيح ابن حبان، انظر «الإحسان» (7/41)) عن أُميمة بنت رُقَيْقَة، وإسحاق ابن راهويه بسند جيد عن أسماء بنت يزيد مرفوعًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إني لا أصافح النساء» قال الحافظ ابن حجر بعد إيراده للحديث(فتح الباري (13/204)) :«وفي الحديث أن كلام الأجنبية مباح سماعه، وأن صوتها ليس بعورة، ومنع لمس بشرة الأجنبية بلا ضرورة» اهـ.
أما حديث أم عطية الذي ورد في البخاري(صحيح البخاري: كتاب الأحكام: باب بيعة النساء.) فليس نصًّا في مس الجلد للجلد، وإنما معناه كنَّ يُشرنَ بأيديهن عند المبايعة بلا مماسة فتعين تأويله توفيقًا بين الحديثين الثابتين، ولأنه يتعين الجمع بين الحديثين إذا كان كل واحد منهما ثابتًا.
ثم إنه قد ورد في صحيح البخاري(صحيح البخاري: كتاب الأحكام: باب بيعة النساء.) في نفس الباب الذي ورد فيه حديث أم عطية حديثٌ عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية :{لا يشركن بالله شيئًا} [سورة الممتحنة/12] قالت: وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأة إلا امرأةً يملكها»، فلو كان معنى المبايعة المصافحة كما زعموا لكان في كلامها تناقض.
قال ابن منظور في لسان العرب( لسان العرب: مادة ب ي ع (8/26)): «وبايعه عليه مبايعة: عاهده، وفي الحديث: «ألا تبايعوني على الإسلام»، هو عبارة عن المعاقدة والمعاهدة» اهـ، فليست المبايعة من شرطها لغة ولا شرعًا مسُّ الجلد للجلد، فالمبايعة تصدق على المبايعة بلا مس ولكن للتأكيد بايع الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة الرضوان بالأخذ باليد، وقد تكون المبايعة بالكتابة.
ومما يردُّ كذبهم بأن غير أم عطية مدت يدها للرسول فصافحته في المبايعة حديث البخاري أيضًا من قول عائشة(صحيح البخاري: كتاب التفسير: باب {إذا جآءكم المؤمنات مهاجرات} [سورة الممتحنة/10]) :«لا والله ما مست يدُه يدَ امرأةٍ قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: قد بايعتُكِ على ذلك»، وأيضًا يقال لهم: أين في حديث أم عطية النص على أن غيرها قد صافح النبي فهذا وهم منهم وافتراء.
ويدل أيضًا على تحريم المصافحة ومس الأجنبية بلا حائل حديث: «لأن يطعن أحدُكم بحديدة في رأسه خير له من أن يمس امرأة لا تحلُّ له»، رواه الطبراني(المعجم الكبير (20/211 ـ 212)، قال الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/326): «رجاله رجال الصحيح» اهـ، وقال المنذري في «الترغيب والترهيب» (3/10): «رواه الطبراني والبيهقي، ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح» اهـ.) في «المعجم الكبير» وحسنه الحافظ ابن حجر ونور الدين الهيثمي والمنذري وغيرهم.
ثم المس في الحديث معناه الجس باليد ونحوها ليس الجماع كما زعمت التحريرية، وراوي الحديث معقل بن يَسار فهم من الحديث خلاف ما تدعيه التحريرية كما نقل ذلك عنه ابن أبي شيبة في مصنفه.
فتبين أن التحريرية افتروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبوا عائشة رضي الله عنها، وحرفوا اللغة العربية، وأباحوا ما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومما يدل على جهلهم أنهم ادعوا أن حديث الطبراني في تحريم مصافحة الأجنبية من قبيل خبر الآحاد ولا يعمل به في الأحكام، فنرد عليهم بما ذكره الخطيب البغدادي في كتاب «الفقيه والمتفقه» (الفقيه والمتفقه (1/96)) من جواز العمل بحديث الآحاد، وقرر الأصوليون أنه حجة في سائر أمور الدين ولم يخالف في ذلك باشتراط التواتر إمام من الأئمة إلا الآمدي وكلامه لا حجة فيه، فظهر بلا خفاء مكابرة حزب التحرير للحقيقة.
ثم ما يروى من أن النبي كانت تقوده أمة سوداء في أحياء المدينة ويقولون: في هذا الحديث حجة على جواز مصافحة المرأة بلا حائل.
يقال لهم: هذا الحديث ليس فيه النص على أنها كانت تأخذ بيده مصافحة بلا حائل، وليس هناك دليل على أنها كانت في حد مشتهاة، ومع هذا لا يجوز إلغاء الحديث الصريح الذي في مسلم (سبق تخريجه): «واليد زناها البطش» من أجل ذلك الحديث الذي يدخله الاحتمال وهذا خلاف قاعدة الأصوليين والمحدثين أنه إن تعارض حديثان ثابتان إسنادًا في الظاهر يجب الجمع بينهما ما أمكن، فإن لم يمكن فإن عُرف المتأخر كان ناسخًا والمتقدم منسوخًا، وإلا ذُهب إلى الترجيح. فلو ذهبنا إلى الترجيح كان هذا الحديث أي حديث مسلم هو المعمول به لأن عليه إجماع الأئمة، فإن المذاهب الأربعة يحرمون المس بلا حائل بشهوة وبدون شهوة، فالحديث الذي يوافق عمل الأكثر عند المحدثين والأصوليين يكون راجحًا على الذي يخالفه، فكيف بالذي عليه عمل الجميع؟!
وانظر أيها القارئ إلى فساد قولهم إنه لا يحرم المشي للزنى ولا تحرم قبلة الرجل للمرأة الأجنبية وبالعكس، وكذا الغمز والمص ولمس ثوب المرأة بشهوة، وعدوا كل ذلك من المباحات، أليس هذا الكلام مخالفًا لحديث الطبراني المذكور؟، ومخالفًا لحديث مسلم (سبق تخريجه) :«كُتب على ابن ءادم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخُطا، والقلبُ يهوى ويتمنى ويُصدّق ذلك الفرج ويكذبه»، وفي رواية لأبي داود (سنن أبي داود: كتاب النكاح: باب فيما يؤمر به من غض البصر): «واليدان تزنيان فزناهما البطش، والرجلان تزنيان فزناهما المشي، والفم يزني فزناه القُبل»، والقُبل جمع قُبلة، وفي رواية عند ابن حبان(أخرجه ابن حبان في صحيحه، انظر «الإحسان» (6/300)): «واليد زناؤها اللمس».
وما فعلوه يكفي كفرًا لأن رد النصوص كفر كما قال النسفي وغيره. فكيف يصح لهم دعوى الإسلام مع معارضته؟ وإنما المسلم من سلَّم لله ورسوله ولم يرد نصَّ القرءان ولا نص الحديث.
نقول لهم بِينُوا عن دعوى الإسلام ـ أي ابتعدوا ـ لأنكم لستم من أهله فقد رددتم النصوص.
فالتحريرية يحرفون شرع الله بتحليلهم مصافحة الرجال للنساء الأجنبيات غير المحارم وتقبيلهن عند الوداع، وقد خالفوا في هذا الإجماع وأحاديث صحيحة كما تقدم ذلك، أما الإجماع فإن المجتهدين الأربعة وغيرهم وأتباعهم من الأمة يحرمون مصافحة الأجنبيات مع اختلافهم في نقض الوضوء وعدمه، وأيضًا فإن التحريرية خالفوا حديث عائشة: «ما مَسَّت يد رسول الله امرأة لا تحل له قط» رواه البخاري، وحديث مَعْقِل بن يسار رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لأن يطعن أحدكم بحديدة في رأسه خير له من أن يَمَسَّ امرأة لا تحل له» رواه الطبراني وحسنه الحافظ ابن حجر، فهذه الأحاديث فيها التصريح بحرمة مس المرأة الأجنبية.
وأما استدلال التحريرية بحديث أم عطية جاءنا عمر بن الخطاب فقال: أنا رسول رسول الله إليكم للمبايعة فمد عمر يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت فبايعناه فليس فيه ذكر المصافحة وإنما فيه ذكر مد اليد من عمر ومنهن فيحمل على أنه كان المد منهن للإشارة للمبايعة، ومن القواعد المقررة عند الأصوليين والفقهاء أن المحتمِلَ لا يعارض الصحيح على أن الإجماع كافٍ وحدَهُ فكيف إذا انضمت إليه هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة فبعد هذا لا يبقى للمخالف إلا المكابرةُ والعناد.
الرد: في هذا الكلام فتح لباب الفتوى بغير علم، ألم يعلموا أن المجتهد هو من علم ما يتعلق بالأحكام من الكتاب والسنة، وعرف الخاص والعام والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والناسخ والمنسوخ، وعرف من السنة المتواتر والآحاد والمرسل والمتصل وعدالة الرواة وجرحهم، وعرف أقاويل الصحابة فمن بعدهم من المجتهدين إجماعًا وغيره، وعرف القياس جليَّه وخفيَّه وصحيحه وفاسده، وعرف لسان العرب الذي نزل به القرءان، وعرف أصول الاعتقاد، ويشترط أن يكون عدلا قوي القريحة، حافظًا لآيات الأحكام وأحاديث الأحكام.
ثم إن المجتهد يشهد له أهل العلم بذلك ولم يشهد أحد من العلماء المعتبرين لتقي الدين النبهاني بذلك ولا بأقل من ذلك مرتبة، وأنَّى يكون مثل هذا الرجل مجتهدًا.
ويكفي في رد مقالتهم هذه الحديث المتفق على تصحيحه بل هو من المتواتر (سنن الترمذي: كتاب العلم: باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع): «نضَّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»، فقوله عليه السلام: «فرب حامل فقه ليس بفقيه» معناه أن منكم من ليس له حظ من الحديث الذي يسمعه مني أن يفهم ما فيه من الأحكام، إنما حظه أن يبلغه لغيره، فذلك الغير قد يكون ممن له حظ في الاستنباط والاجتهاد، فقد قسم الرسول أصحابه إلى قسمين جعل قسمًا لا حظ لهم في الاستنباط والاجتهاد، فجعل هذا الصنف الأكثر، وجعل قسمًا منهم مجرد رواة يُسمعون الغير ما سمعوه منه صلى الله عليه وسلم.
فمن نظر بعين التأمل إلى تصرفات هذه الفرقة لعلم أنها تدعو المسلمين إلى الفوضى والتهور.
وما ذهبت إليه هذه الفرقة التحريرية هو دعوة إلى الفوضى في أمور الدين، فكيف تصلح الفوضى في أمور الدين وهي لا تصلح في أمور الدنيا، قال الأفوهُ الأوديُّ:
.
أ ـ المصادر المخطوطة:
ـ تفسير الأسماء والصفات، أبو منصور البغدادي، مكتبة قيصري ـ تركيا.
ـ حواشي الروضة، البلقيني، مخطوط في المكتبة الأزهرية ـ القاهرة.
ـ القضاء والقدر، البيهقي، تركيا.
ب ـ المصادر المطبوعة:
ـ إتحاف السادة المتقين، الزبيدي، دار الفكر ـ بيروت.
ـ إتمام الأعلام، نزار أباظة/رياض المالح، دار صادر ـ بيروت.
ـ الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، لابن بلبان، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
ـ أصول الدين، أبو منصور البغدادي، دار الآفاق الجديدة ـ بيروت.
ـ الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد، البيهقي، عالم الكتب ـ بيروت.
ـ تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، دار الفكر ـ بيروت.
ـ الترغيب والترهيب، المنذري، دار الفكر ـ بيروت.
ـ تشنيف المسامع شرح جمع الجوامع، الزركشي، مؤسسة قرطبة ـ القاهرة.
ـ التفكير، تقي الدين النبهاني، من منشورات حزب التحرير ـ 1393هـ ـ 1973ر.
ـ تكملة معجم المؤلفين، محمد خير رمضان، دار ابن حزم ـ بيروت.
ـ تهذيب الآثار، ابن جرير الطبري، القاهرة.
ـ الخلافة، من منشورات حزب التحرير.
ـ دستور حزب التحرير، من منشورات حزب التحرير.
ـ الدولة الإسلامية، تقي الدين النبهاني، من منشورات حزب التحرير، 1372هـ ـ 1953ر.
ـ سنن الترمذي، الترمذي، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
ـ سنن أبي داود، أبو داود، دار الجنان ـ بيروت.
ـ الشخصية الإسلامية، تقي الدين النبهاني، من منشورات حزب التحرير 1372هـ ـ 1953ر.
ـ شرح صحيح مسلم، النووي، دار الفكر ـ بيروت.
ـ صحيح البخاري، البخاري، مكتبة الرياض ـ الرياض.
ـ صحيح ابن حبان = الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان.
ـ صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج، دار الفكر ـ بيروت.
ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، دار المعرفة ـ بيروت.
ـ الفقيه والمتفقه، الخطيب البغدادي، دار إحياء السنة النبوية.
ـ لسان العرب، ابن منظور، دار صادر ـ بيروت.
ـ مجمع الزوائد، الهيثمي، دار الكتب العلمية ـ بيروت.
ـ مذكرة من حزب التحرير، من منشورات حزب التحرير، رجب 1405هـ / نيسان 1985ر.
ـ مستدرك الحاكم، الحاكم، دار المعرفة ـ بيروت.
ـ مسند أحمد، أحمد بن حنبل، دار صادر ـ بيروت.
ـ المعجم الكبير، الطبراني، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
ـ مصنف عبد الرزاق، عبد الرزاق، طبعة زهير الشاويش ـ بيروت.
ـ المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، ابن حجر العسقلاني، دار المعرفة ـ بيروت.
ـ نظام الإسلام، من منشورات حزب التحرير، 1372هـ ـ 1953ر.
وبارك الله فيكم