الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
بيان أن عقيدة الحلول والاتحاد عقيدة كفرية مخالفة للإسلام
تساهل بعض الناس واستحلوا النطق بكلمات الكفر في غير محله وادّعوا أن لها تأويلاً، ومن أمثلة ذلك ما ادعاه بعض جهلة المتصوفة أن هذا البيت الذي ينشده بعض أدعياء الشاذلية وغيرهم في حضرة الذكر وهو قولهم:
فما في الوجود سوى واحد ولكن تكثر لما صفا
فقال بعض هؤلاء: إن تأويله أن الله تكثّر بصفاته.
قلنا: هذا تأويل بعيد وفيه زيادة في الكفر لأن هذا البيت فيه نسبة التغير إلى الله تعالى
وهذا كفر، ونسبة حدوث الصفاء في ذاته تعالى كفر، ونسبة التكثر إلى الله تعالى كفر، والله تعالى مستحيل عليه التغير فهو تعالى ذاته أزلي وصفاته أزلية بأزلية الذات، ولا يوصف الله بالصفاء ولا بالكدر لأن هذه أوصاف الخلق.
وعلى كل تقدير لا يجوز إثبات صفة لله لم ترد في الكتاب والسنة حتى بقول صحابي لا تثبت كما قال الفقيه الحافظ أبو بكر الخطيب في كتابه “الفقيه والمتفقه”، فكيف تثبت بغيره.
وهذا البيت موجود في بعض الكتب وفي الديوان المنسوب للشيخ عبد الغني النابلسي رضي الله عنه ولا نراه صحيحاً عنه بل نرى أنه مدسوس عليه ومفترى كما دُس على الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه كما قال صاحب “المعروضات المزبورة” الحنفي: “قد تيقنّا أن اليهود دسوا عليه” وهذا الظن هو اللائق به وبأمثاله.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ص ص: 129-130
وقال صاحب “المعروضات المزبورة” أحد الفقهاء الحنفية المشهورين: “تيقنّا أن اليهود دسوا عليه في فصوص الحكم” ا هـ.
قلت: وهذا الكلام المنسوب للشيخ محي الدين ليس من دين الله وهو مناف للتوحيد الذي هو أصل الدين وأصل التصوف الإسلامي، فما هذا الكلام إلا زندقةً وهو كفر صريح لا تأويل له، وهو دس على الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه فهو لا يتفوه بمثل هذا الكلام المنافي للتوحيد ولعقيدة المسلمين.
وقد وقع الشطح والغلو من كثير من المنتسبين للطرق الصوفية لا سيما في عصرنا هذا فاعتقدوا اعتقادات كفرية وتلفظوا بأقوال شنيعة وهم يظنون أنهم يتكلمون بالأسرار التي تخفى على مخالفيهم وأنهم على مرتبة ومقام عال والواقع أنهم ينطبق عليهم قول الله تعالى : {قل هل ننبّئكم بالأخسرين أعمالا (103) الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يُحسِنون صُنعا (104)} سورة الكهف.
والعجب كيف ينتسبون إلى التصوف الإسلامي وهم ضد الصوفية لأن التصوف الإسلامي ما ذهب إليه الجنيد وأمثاله وهو موافق للنصوص القرءانية كقوله تعالى: {ليس كمثله شيء (11)}، وقوله تعالى: {قل هو الله أحد (1) الله الصّمد (2) لم يلد ولم يولَد (3)} سورة الإخلاص، فإن هذا صريح في أن الله ليس أصلاً لغيره ولا فرعاً عن غيره، فكفرهم أسمج الكفر وأشنعه.
وهؤلاء الأدعياء مخالفون أيضاً لسيد الطائفة الصوفية الإمام الجنيد بن محمد البغدادي رضي الله عنه فقد قال: “التوحيد إفراد القديم من المحدَث”، فقول الإمام الجنيد في واد وهؤلاء الجهلة الذين يقولون مرة بعبارات الوحدة ومرة بعبارات الحلول اي حلول الله في خلقه في واد ءاخر، فما أبعد ما بين الواديين.
وقد تجرأ بعضهم فقال: “وقد ألف السادة الصوفية نفعنا الله بهم الكتب والرسائل في إثبات وحدة الوجود وأقاموا الأدلة النقلية والعقلية على إثباتها” ا هـ.
الجواب: هذا الكلام مردود لأن الصوفية الذين على نهج الإمام الجنيد البغدادي رضي الله عنه ردوا هذه العقيدة الفاسدة قال السيد أبو العلمين الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه: “إياك والقولَ بالوحدة فإنه من الأباطيل”، وقال أيضاً ما نصه: “لفظتان ثُلمتان في الدين: القول بالوحدة، والشطح المجاوزُ حدَّ التحدث بالنعمة”، وذم الشيخ محي الدين بن عربي رضي الله عنه في كتابه “الفتوحات” عقيدة وحدة الوجود وعقيدة الحلول وقال قولا شديداً في ذم هاتين العقيدتين ونصه: “من قال بالحلول فدينه معلول، وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد“، فكيف بعد هذا يقول هذا المؤلف إن هذا قول السادة الصوفية، وكيف يتجرأ أن ينسب إليهم ما هو ضد التوحيد.
ص ص: 133-134