الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد رسول الله وبعد، فإن مما أردنا أن نسلط الضوء عليه من تحريفات هذا الرجل مقالة خالف فيها الدين وكذب القرءان الكريم وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب بالقواعد التي قررها العلماء عرض الحائط، وهي قوله :”أما الكفر لا يُوَجَّه إلا لمن اختار الكفر دينًا وارتضى غير دين الله سبحانه وتعالى” وقد جاء ذلك في شريط فيديو لحسن قاطرجي في درس له في مخيم عين الحلوة في جامع النور الأحد 18/8/1991. وقوله:”أما الكفر فلا يُوجّه إلا لمن اختار الكفر دينًا …” وقد جاء ذلك في مجلة تسمَّى “مجلة الهداية” العدد (21) ربيع الأول 1412هـ أيلول/تشرين الأول 1991م صحيفة 10 فجعل الذي يتكلم بكلمات الكفر لا يكون كافرًا إلا أن يختار دينًا غير الإسلام.
فهلا أريت الناس يا قاطرجي أين ذكر الله تعالى هذا الكلام؟!! بل أين قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم!؟ والحق أن ما في القرءان الكريم وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف الذي ادعيته، فقد قال الله تبارك وتعالى: {ولئن سألتهم لَيَقولُنَّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أباللهِ وءاياتِهِ ورسولِهِ كنتم تستهزِءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانِكم} [سورة التوبة/65-66].
ويقول تعالى أيضًا :{يحلفونَ باللهِ ما قالوا ولقد قالوا كلمةَ الكفرِ وكفروا بعد إسلامِهِم} [سورة التوبة/74].
واعلم يا طالب الحق أن الذي يُسئل عن انشراح صدره للكفر حين النطق بكلمة الكفر هو المُكره لا غير، فقد بيّن الله تعالى ذلك في القرءان الكريم حيث قال تعالى :{من كفرَ باللهِ من بعدِ إيمانهِ إلا من أُكرِهَ وقلبُه مطمئنٌ بالإيمانِ ولكن منْ شرحَ بالكُفرِ صدرًا فعليهم غضبٌ منَ الله ولهم عذاب عظيم} [سورة النحل/106] فهذه الآية معناها ومفادها أن من تلفظ بكلمة الكفر وهو مكره على ذلك وقلبه مطمئن بالإيمان ولم تتغير عقيدته فليس بكافر ومن لم يكن كذلك بل شرح بالكفر صدرًا عند نطقه بالكفر هو الذي يستحق الغضب من الله والعذاب الأليم، فالآية تعني المُكره الذي انشرح صدره بالكفر أما غير المُكره فليس محل الآية.
وقد انعقد الإجماع على أن المكره له حكم خاص ليس لغيره، فلذلك استثناه الله تعالى في الآية. فمن اشترط لحصول الكفر ممن نطق بكلمة الكفر أن يكون صدره منشرحًا فقد ساوى غير المكره بالمكره وألغى قوله تعالى :{إلا من أُكره} وهذا تمويه وتلبيس وإلغاء لفائدة الاستثناء الذي ورد في المكره وخرقٌ للإجماع.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ثم إن العُمدة في ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم والترمذي، ولفظ الترمذي :”إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها سبعين خريفًا في النار”.
فدل الحديث أن الإنسان قد ينطق بكلمة الكفر من غير اعتقاد ولا قصد الخروج من الإسلام، ومع ذلك فإنه يكفر لأنه بسبب هذه الكلمة ينزل إلى قعر جهنم وهو مكان لا يصله إلا الكفار.
فمن أين أتيت يا قاطرجي بشرطك الفاسد “وهو أنه لا يكفر إلا إذا اختار دينًا غير الإسلام”؟ أليس هذا تلبيسًا؟! ألم تعلم أن حديث رسول الله شرحٌ للقرءان وقد أفادنا الحديثُ أن الذي يقع في الكفر يُحكم عليه بمقتضى كفره لا على ظنّه ورأيه.
هذا وقد ذكر الفقهاء مثالاً لعدم اشتراط أن يكون الشخص معتقدًا أو راضيًا بالكفر حين النطق به: أنه لو غضب رجلٌ غضبًا شديدًا على ولده أو غلامه فضربه ضربًا شديدًا فقال له رجل: ألست مسلمًا؟ فقال: لا (متعمدًا) كفر. ومعنى متعمدًا أي بإرادته من غير سبق لسان.
ذكره النووي والرافعي وابن حجر وغيرهم من الشافعية وكذلك ذكره عدد من الحنفية ولم يخالفهم في ذلك أحدٌ.
ونقول لك يا حسن قاطرجي أليس في قولك هذا فتحُ بابٍ واسع للكفر؟! أليس فيه تجريءٌ للناس على الكفر والعياذ بالله؟!
أليس يا قاطرجي من المعلوم أن الحاكم لا يَسأل المعتدي هل كنت معتقدًا منشرح الصدر ليُصدر العقوبة على حسب جوابه؟ وكذلك القاذف للمحصن يُجري عليه الحاكمُ الحدَّ إذا اعترف باللفظ من غير أن يقول له هل كنت معتقدًا منشرح البال بهذا اللفظ.
فإذا كان ساب العبد هكذا فكيف يُشترط في ساب الله أو ساب الأنبياء أو الملائكة أن يقترن الاعتقاد بالقول؟!!
أما نسبتك يا قاطرجي لهذا الكلام إلى كتاب الشعراني، فنقول لك: إن نسبتها إلى الشعراني لا تصح بل هي مدسوسة عليه لأنه ذكر في بعض كتبه ككتاب “اليواقيت والجواهر” ما يخالفها، وأثبت أن الذي ينطق بكلام الكفر يُحكم عليه بالكفر من غير سؤاله هل اعتقد الكفر أو هل اختار دينًا غير الإسلام. فلا شك أن العبارة التي نقلتَها من غير تحقق ولا مراعاة للنصوص هي من جملة الدس على الشعراني كما ذكر هو أنه دُس عليه في بعض كتبه في حياته ثم أظهر براءته بإبراز النسخة الأصلية من الكتاب الذي دُس عليه فيه.
وقد ظهر بالأدلة القاطعة أن تلك الفتوى باطلة وهي ضد الإسلام وخروج منه والقول بها فتح لأبواب الكفر وتهوين أمر الكفر على الناس.
فكأنك يا قاطرجي بهذه الفتوى تقول للناس: يا ناس قولوا ما شئتم من سب الله والرسول وسب الملائكة وسب شعائر الإسلام من غير أن تختاروا دينًا ءاخر غير الإسلام فلا تكفرون بذلك. وهذا يتضمن إلغاء تطبيق أحكام المرتدين التي كان السلف والخلف يطبقونها على المتلفظين بألفاظ الكفر من غير أن يسألوهم هل نويتم الانتقال إلى دين ءاخر اخترتموه على الإسلام.
وليُعلم أيضًا أن السبكي الذي نقلتَ عنه ما يؤيد رأيك بزعمك، يذكر في فتاويه ما يفيد أن من ارتكب مكفّرًا لا ينجيه عن الحكم بكفره اعتقادُه أنه مسلم.
وقد نقل عن السبكي ذلك الحافظُ ابن حجر في شرح البخاري.
فنعيد نصيحتنا لك يا قاطرجي بأن تقلع عن هذه الفتوى الباطلة وغيرها من فتاويك التي خالفت بها النصوص الشرعية وخرقت بها إجماع المسلمين.
والله الموفّق.