قال الله تعالى : ” وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلَامِ دِيناً فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الأَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ” آية 85 سورة آل عمران .
فالدين الذي رضيه الله لنا وأمرنا بالثبوت فيه على الدوام هو الدين الذي لا نقص فيه ولا عيب ولا خلل ، هو الدين التام الكامل الذي فيه صلاح العباد في الدنيا والآخرة .
إنّ هذا الدين العظيم الاسلام هو دين جميع الأنبياء ، وإنّ العقيدة التي دعا إليها الأنبياء هي عقيدة التوحيد . فكل الأنبياء قالوا لا إله إلا الله وكلهم دعا إلى عبادة الله الواحد الذي لا شريك له الموصوف بصفات الكمال التي تليق به المنزه عن كل نقص في حقه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله ” . رواه مالك والترمذي وغيرهما .
وقد قال الله تعالى : ” قُولُوا ءَامَنَّا بِاللهِ وَمَآ أّنزلَ إِلَى إِبراهِيمَ وَ إِسمَاعِيلَ وَإِسحَاقَ وَيَعقُوبَ وِالأَسبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَآ أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِهِم لَا نُفَرّقُ بَينَ أّحَدً مَنّهُم وَنَحنُ لَهُ مُسلِمُونَ ” . آية 135 سورة البقرة .
ويجب الحذر كل الحذر من قول الأديان السماوية لإنه لا يوجد غير دين سماوي واحد وهو الإسلام دين كل الأنبياء . فقديماً كان البشر كلهم على دين الإسلام وإنما حدث الشرك والكفر بعد النبي إدريس فأرسل الله سيدنا نوحاً ليدعو الناس إلى عبادة الله الذي لا شريك له .
قال الله تعالى : ” كَانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِنَ مُبَشِرِينَ وَمُنذِرِيِنَ وَأنزَلَ مَعًهُمُ الكِتَابَ بِالحَقِّ ” . آية 213 سورة البقرة .
ثم أرسل الله الأنبياء مبشريم ومنذرين يدعون إلى توحيد الخالق العظيم تبارك وتعالى .
وكان آخر الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، أرسله الله ليجدد الدعوة إلى الإسلام بعد أن انقطع بين الناس في الأرض ، مؤيداً بالمعجزات الدالة على نبوته فدخل البعض في الإسلام وجحد بنبوته أهل الضلال الذين منهم من كان مشركاً قبلاً فازدادوا كفراً إلى كفرهم .
إذن كل الأنبياء مسلمون وليس فيهم من دعا الناس إلى عبادة غير الله فموسى عليه الصلاة والسلام كان مسلماً موحداً داعياً إلى توحيد الله . وعيسى عليه الصلاة والسلام كان مسلماً موحداً داعياً إلى توحيد الله . فمن كان تبعاً لموسي فهو مسلم موسوي أي من أمّة موسي . أما هؤلاء اليهود الذين لا يؤمنون بالله ورسوله فهم كفار وليسوا بمؤمنين .
ومن كان متبعاً لعيسى فهو مسلم عيسوي أي من أمّة عيسى الذين اعتقدوا أنه عالله ورسوله . قال الله تعالى : ” فَلَمَّآ أّحَسَّ عِيسَى مِنهُمُ الكُفرَ قَالَ مَن أَنصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحنُ أَنصَارُ اللهِ ءَامَنَّا بِاللهِ وَاشهَد بِأَنَّا مُسلِمُونَ ” . آية 52 سورة آل عمران .
ويصح أن يقال لمن اتبع محمداً صلى الله عليه وسلم مسلم محمدي أي من أمّة سيدنا محمد . والمبدأ الاسلامي الجامع لجميع أهل الاسلام عبادة الله وحده .
فإن أصول العقيدة من الإيمان بالله وملائكته والجنة والنار ونحو ذلك لا تقتضي مصلحة العباد تغييرهما مهما تطاولت العصور . وأما الشرائع وهي الأحكام العملية فاختلفت ، فكانت الحكمة تقتضي اختلافها لأهل العصور المختلفة .
أمثلة على اختلاف الشرائع : –
1) كان في شرع آدم عليه السلام يُزَوِّجُ الذكر من هذا البطن للأنثى من البطن الثاني . فقد كانت حواء تلد في كل بطن ذكراً وأنثى . والزنا كان أن يتزوج الرجل من الأنثى التي خرجت من البطن الذي خرج منه . ولم يحصل من أحد من أولاد آدم أنه وقع في هذا الحرام
2) كان يجوز في شرع سيدنا يعقوب الجمع بين أختين في آن واحد . أما في شرع التوراة صار حراماً إلى يوم القيامة .
3) وكانت من شريعة آدم ومن بعده إلى زمان بنى اسرائيل فرضية صلاة واحدة ثم فُرضت على بني اسرائيل صلاتان . أما سيدنا محمد فقد فرض عليه في ليلة الإسراء والمعراج خمس صلوات في اليوم والليلة .
4) ومما اختصت به شريعة سيدنا محمد من بين شرائع الأنبياء كلهم جواز الصلاة في أي موضع كان بعد أن كانت شرائع الأنبياء قبله أنه لا يجوز لهم تأدية الصلاة إلا في مكان مخصوص .
إن كل رسول أرسله الله في زمنٍ ما يوحى إليه بنسخ بعض الأحكام التي كانت في شرع الرسول الذي قبله بوحي من الله وليس من تلقاء نفسه .
ومما كان حراماً في الشرع من قبلنا الربا . كان الربا حراماً في شرع سيدنا موسى بدليل قوله تعالى في حق اليهود ” وَأَخذِهِمُ الرّبَا وَقَد نُهُوا عَنهُ ” آية 161 سورة النساء .
يتوهم بعض الذين ما دخل الإيمان إلى قلوبهم وليس لهم نصيب من الإسلام ان بهذا نقصاً عن تمام مصالح العباد لكنّ الله تعالى يقول ” اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم ” آية 3 سورة المائدة .
أي أنّ من قواعد الدين وأصول احكامه قد تمت فلا حاجة بكم إلى غيره . وقد نزلت هذه الآية في حجة الوداع قبل وفاة الرسول بشهرين وقليل .
والله تعالى أعلى وأحكم ….