تعاني الأمة منذ عقود من خروج طائفة على الساحة يثبتون لله ما لا يليق بجلاله سبحانه وتعالى ويتكلمون في الذات المقدس بجرأة لم نعهدها وبوقاحة بحيث يثبتون لله ما أثبتته اليهودية بل يزيدون عليها بنسبة الأذية والإنزعاج للذات الإلهية.
حيث ظهر لنا رأي المشبهة المجسمة في إثبات و نسبة صفات البشر للذات المقدس” كالأذى والأسف” وغيرهما لله تبارك وتعالى
وقال بعضهم : “ إن الله يتأذى أذى يليق بجلاله “وفي نفس الوقت نجدهم ينسبون أنفسهم للسلف رضي الله عنهم
ومع ما يدعونه من النسبة للسلف إلا أنهم أبعد ما يكونوا عن المنهج السلفي حيث أنهم لم يأتوا لنا بقول واحد لعلم من أعلام السلف في نسبته التحيز والمكان والجسمية لله سبحانه و تعالى
فنجد أول من أثبتها وتكلم وخاض فيها هذا المخاض هو ابن تيمية ثم بعد ذلك لحقه محمد بن عبد الوهاب
قال صلى الله عليه وسلم : قال الله تعال )يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ(أخرجه أحمد (2/238 ، رقم 7244) ، والبخاري (4/1825 ، رقم 4549) ، ومسلم (4/1762 ، رقم 2246) ، وأبو داود (4/369 ، رقم 5274)
و قال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل [يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ يَقُولُ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ. فَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ. فَإِنِّى أَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا] أخرجه مسلم (4/1762 ، رقم 2246) . وأخرجه أيضًا : عبد الرزاق عن معمر فى الجامع (11/436 ، رقم 20938) ، وأحمد (2/272 ، رقم 7669) ، والحاكم (2/492 ، رقم 3692) ، وقال : صحيح على شرطهما .
فنجد أن الوهابية ” أدعياء السلفية ” يزعمون أن الله ما أراد إلا أن يثبت الأذى لنفسه ويصرّون على ذلك بل ويدّعون أن الله لحقه الأذى من بعض الناس وأنهم أزعجوه! فها هو أحد رؤسائهم محمد بن صالح بن عثيمين يقول في مجموع الفتاوى جـ 1 جوابا على احد الأسئلة ما نصه : ( يؤذيني ابن آدم” أي إنه سبحانه يتأذى بما ذكر في الحديث ولكنه لا يتضرر}.اهـ
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ثم يلحق ابن عثيمين أحد مشايخهم في نسبة الأذى لله ,ألا وهو الغنيمان حيث أنه يقول في شرحه لكتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب ما نصه “وسب الدهر يدل على أن الأذى يقع من ابن آدم على الله ” اهـ
و قال صالح الفوزان مانصه: (يقول جل وعلا: “يؤذيني ابن آدم” الله يتأذّى ببعض أفعال عباده، لكنّه لا يتضرّر بها)ا.هـ
وقال سليمان بن عبد الله آل الشيخ: (قوله: “يؤذيني ابن آدم يسب الدهر”، فيه أن سب الدهر يؤذي اللّه تبارك وتعالى)ا.هـ
نعوذ بالله من هذه الأقوال الكفرية الصريحة .. أرادوا أن ينفوا الضرر فنسبوا الأذى لله على ظاهره وقالوا أن العبد يمكنه أن يؤذي ربه! و بهذه الأقوال فتحوا الباب على مصرعيه لكل كاره للإسلام أن يأتي و يطعن بديننا الحنيف فيقول “أيها المسلمون إن ربكم لضعيف يتأذى و يأسف من سبكم للدهر!”
أما قول أهل السنة و الجماعة في تأويل هذا الحديث, فيقول العلماء:
إن هذا الحديث لا يؤخذ على ظاهره بالتأكيد لأنه يوهم التشبيه للذين زاغت قلوبهم أمثال المجسمة المشبّهة, كلمة “ يؤذيني ابن أدم ” هي من المتشابه لفظاً وفيها أمرين الأول هو إمرارها كما أخذ هذا المسلك بعض العلماء، والثاني وهو تأويلها بما يتوافق معها لغوياً وفوق ما يقتضيه تنزيه الله تبارك وتعالى وعلى ذلك نقول أن الكلمة هنا تعني أن ابن آدم يفعل أفعالاً لا يرضى بها الله ,كقول النصارى أن عيسى ابن الله و كقول اليهود أن عزير ابن الله و قولهم أن الله يجلس على العرش و يستقر عليه –تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- و كقول المجسمة أن الله جسم مستقر في جهة فوق يطلع و ينزل و يجلس على العرش. هذا التفسير قاله القرطبي وحكاه أيضاً عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني فى موسوعة فتح الباري.
و إن أردنا أن نبسطها أكثر من حيث التفسير:
معاني المفردات
السب : الشتم أو التقبيح والذم .
الدهر : الوقت والزمان .
يؤذيني : أي ينسب إليَّ ما لا يليق بي .
. وأنا الدَّهر : أنا ملك الدهر ومصرفه ومقلبه
والله تعالى أعلم و أحكم