قد كثر في الآونة الأخيرة التكلم عن ما يسمونه” حرية الإعتقاد” أي بمعنى آخر فليكفر من يكفر و ليسلم من يسلم و نحن ليس علينا أن نبيّن الحق من الباطل و لا الباطل من الحق, و هذه نظرية في غاية الخطورة يترأسها الماسونيون في عصرنا هذا, وهل سأل من يدافع و يناصر عن هذه النظرية و يدّعي أنه مسلم ما هي خلفيات هذه النظرية ؟ من روّج لها؟ من سوّقها بين المسلمين و من أين و كيف ظهرت؟
والسؤال الذي يطرأ على الذهن, إذا كان الله أو دين الإسلام يكفل حرية الإعتقاد و يكفل للكفار كفرهم فلماذا أرسل الله الرسل ؟ و لماذا كان هناك جزية في العهد بل الربيع الإسلامي الحقيقي آنذاك؟ ألم يتحققوا أنها قد تكون نظرية لتبيح لمن أسلم أن يكفر و أن يبتعد الناس كل الإبتعاد عن الدين ؟
ألم ينظروا في حال أمتنا ؟ أهذه هي الحضارة التي يدعوننا إليها ؟ أهي الحضارة في ترك الدين و الإقتراب من الشيطان ؟ و إن كان الأمر كذلك – أي حرية الإعتقاد- فلماذا الرسول أتى مبشراً للأمم دعى الكفار إلى ترك دين الإلحاد و عبادة الله و اعتناق الإسلام لما أبوا قاتلهم و حاربهم؟
حتى في أناجيل النصارى المحرفة و في توراة اليهود المحرفة لم يرد ذلك مثل هذه الأمر بل يذكر النصارى و اليهود في كتبهم أن موسى و عيسى عليهما الصلاة و السلام أتيا لدعوة الناس إلى الدين بغض النظر عما كتبوه في كتبهم المحرفة من أقوال زور و بهتان عنهما. فإذا كان دعوة الناس إلى ترك الكفر يكون تخلفاً فبهذه الدعوة تكونواً قد وصفتم الأنبياء بالتخلف لأنهم لم يرضوا بكفر أقوامهم و شعوبهم و أصروا عليه بل قاتلوهم بعضهم ليتركوا الكفر الذين هم عليه و اعتناق الدين الصحيح و هو الإسلام وحده, و هذا لقوله تعالى ” و من يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ” و هذه الآية صريحة في نفي كل ما يدعون إليه بعض الجهال من حرية إعتقاد و تفكير . و نورد في هذا السياق تفسير الآيات التي يحتج بها بعض المنتسبين إلى الإسلام فنقول : معنى قوله تعالى (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ( (256) سورة البقرة
فمعناهُ جاءَ على عِدَّةِ أوْجُهٍ مِن التفسير: التفسيرُ الأول:أنَّ الذي لَمْ يدخُلْ في الإسلامِ إذا دفعَ الجزيةَ لِسُلطانِ المسلمينَ فهذا لا نقتُله. فقول الله تعالى(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) معناه قد بلَّغْتَ يا محمد الدَّعْوةَ التي أُمِرْتَ بتبليغها فأظْهَرْتَ الرُّشْدَ للناسِ وتميّزَ الحقُّ مِن الباطل, فَمَنْ قَبِلَ دعوتكَ ودخلَ فيها فذاكَ الأمر, ومَن لم يدخُلْ ودفعَ الجِزيَةَ فلا تقاتلوه, والمقصودُ بهذا أهلُ الذِمَّة, وقد روى البخاري عن المُغيرَةُ بن شُعبة أنهُ قال لِكفارِ الفُرس( أمرَنا نَبيُّنا أن نُقاتِلَكُم حتى تعبُدوا اللهَ وحدهُ أو تُؤَدّوا الجِزية) وهذا على التَّرْتيبِ وليسَ تخْييراً,لا يُقالُ لهم إما أن تُسلِموا وإما أن تدفَعوا الجِزية, بل يُقالُ لهم أسْلِموا فإنْ أَبَوْا يُعرَضُ عليهِم الجزية لأن دَعْوةَ الكُفارِ إلى الإسلامِ واجِبَة,فإن قَبِلوا فذاك الأمر, وإن لَم يقبلوا يُعرَضُ عليهِم دَفْعُ الجزية,فإن قَبِلوا تُرِكوا وإلا وجَبَ قِتالُهُم,هذا إن استطاعَ المسلمون . فليسَ الأمْرُ كما يقولُ بعضُ الجُهّالِ أنَّ قِتالَ الكفارِ يكونُ في حالَةِ الدِّفاعِ فقط أي إذا جاءوا لِقِتالِ المسلمين فالنبي قاتل لأجل الإسلام,في كثيرٍ من المعارِكِ كان هو يغزو الكفار,كَغزوةِ تبوك فقد قال عليه الصلاة والسلام (أيها الناس إنّي أريدُ الرَوم)
وورد أن سيدنا خالد بن الوليد ذهبَ للفُرْسِ ومعَهُ جيشٌ من المسلمين,فلمّا وصَلَ لهُم قال له زعيمُ الفُرس واسْمُهُ يزْدجَرْدماذا تُريدونُ مِنّا,ألِأنّا تشاغَلْنا عنكُم جِئتُم تُقاتِلونا,فقال له سيدنا خالد (أمِرْنا أن نُقاتِلَكُم حتى تُسلِموا ,قال فإنْ أبَيْنا قال فالجِزية, قال فإنْ أبَيْنا قال فلقد جِئتُكَ بِأناسٍ هم أحْرَصُ على الموْتِ مِنكُم على الحياة. الإسلام لم يأتِ بحرية الرأي والفكرِ والاعتقاد لِيُعْلَم أن دينَ الإسلامِ لم يأتِ بِحُريَّةِ الرأيِ والفكرِ والمُعتقدِ وهذا القولُ أي قولُ من جعلَ الإسلامَ قد أعطى حريةً للناسِ في اعتقادِهِم قولٌ كُفرِيٌّ يخالِفُ القرآنَ ويخالفُ شرعَ اللهِ فقد قال ربنا عز وجل (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ ) (39) سورة الأنفال معناه فُرِضَ عليكم أيها المسلمونَ أن تقاتلوا الكفارَ لِضمانِ سلامةِ دينِكُم ولإدخالِ الناسِ في دينِ الإسلام دينُ الله ,وقال تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (216) (سورة البقرة وقال صلى الله عليه و سلم فيما رواه مسلم في صحيحه :أُمِرتُ أنْ أُقاتلَ الناسَ حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأني رسولُ اللهِ ويقيموا الصلاةَ ويؤتوا الزكاةَ فإن هم قالوها عصموا مني دمائَهُم وأموالَهُم إلا بِحقِّ الإسلامِ وحسابُهم على الله ) فَبِقَوْلِ الرسولِ هذا تبيّنَ أن الإسلامَ لم يأتِ بحريةِ الاعتقاد .
والله تعالى قال (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) (سورة الذاريات أي إلا لآمُرَهُم بعِبادتي,فاللهُ لم يُخَيِّر الجِنَّ والإنسَ بين الكُفر والإيمان ومن أكبر الأدلى على ذلك هو الجهاد الذي جعله الله من أسمى العبادات,فهل يقولُ عاقلٌ أنّ الجهادَ ما فيه إكراه , والجهاد حصلَ مِن الأنبياءِ الذين قبلَ محمد عليهم الصلاة والسلام, فَهُم قاتلوا لإدخالِ الناسِ في الإسلام, فرسولُ اللهِ موسى أمرَ أتباعَهُ بِقِتالِ الجبّارينَ الذينَ كانوا مُسَيْطِرين على القدسِ فلم يُطيعوهُ فماتَ قبلَ أنْ يَصِلَ إلى القدسِوَدُفِنَ في ارضٍ قريبةٍ مِن الأرضِ المقدسة . وليعلم أنهُ ليسَ في الجِهادِ عُدْوانٌ على الناسِ بغَيرِ حق, وليس المقصودُ مِن الجهادِ المال, إنما المقصودُ منه إخراجُ الكفارِ من كُفرِهِم إلى دينِ اللهِ رأفةً ورحمةً بهم ويُحتج على من يُنكر محاربة الكفار بدعوى ما يسمونه بحرية الإعتقاد و اختيار الدين بما فعلَهُ سيدناأبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه في الناسِ الذين كفروا لمّا مات الرسول, لأنه لمّا ماتَ الرسولُ كفرَ كثيرٌ من العرب , بعض القبائل أرسلَ إليهِم أبو بكرٍ جيشاً أبادَهُمإلا مَن رجعَ إلى الإسلام, وقُتِلَ من الصحابةِ سبعينَ شخصاً في تلك المعركة, فلو كان يجوز ترك هؤلاء على كفرهم لما أرسل إليهم أبو بكر جيشاً.
هذا الذي ينكر محاربة الكفار ويقولُ بِحُريَّةِ الأديانِ يعترِضُ على رسولِ الله وعلى الصَّحابةِ وعلى مَن جاءَ بعدَهُم من الخلفاءِ وعلى الآياتِ القرآنية ومعنى قوله تعالى :[ لست عليهم بمسيطر] معناه :لا تستطيع يامحمد أن تسيطر على قلوبهم فتقلبها من الكفر إلى الإيمان كما قال تعالى : [ليس عليك هداهم] معناه: لا تستطيع خلق الهداية في قلوبهم لأن الخلق بيد الله. وأما قوله تعالى:{ لكم دينكم ولي دين }فهو تهديد ووعيد وليس تخييرا معناه: أيها الكفار لكم دينكم الباطل فاتركوه ولي ديني الصحيح وهو الإسلام فاتبعوه . و قوله تعالى في سورة الكهف: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} فهو تهديد يفهم ذلك من سياق الآية إذ تكملتها (إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفق). و بعد هذا البيان أتعجب من بعض المنتسبين إلى الإسلام كيف يتجرأون و يدعون إلى نظريات مخالفة للقرآن و السنة و إجماع الأمة فيا مدعو العلم و المشيخة , أين دليلكم على قولك ؟
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
لم يرد ذكر مثل هذه الأقوال في القرآن أو السنة أو إجماع للأمة بل كل ما ورد هو عكس ما تدعون إليه مسيّرين بالمال المشبوه و خادمين لمشاريع ماسونية مشبوهة. فهل تريدوننا أن نسمع مسبة الله و نبيه بآذاننا و نسكت بدعوى حرية الإعتقاد ؟ هل هذا ما تصبون إليه جاهدين ؟
كلا .. فنحن أمة لطالما دافعنا عن الإسلام و لن نسكت لأحد يتجرأ علينا تحت مظلة ما تسمونها الديمقراطية البلهاء ثم إني لأ عجب من هؤلاء المغفلين الذين يستحسنون القوانين الوضعية التي تمنع من سب الرؤساء وغير ذلك من ابداء الآراء المخالفة للأنظمة الوضعية وسجن من يفعل ذلك أو معاقبته بغير ذلك ولا يستحسنون ما أنزل الله في القرءان صريحا وما أوحى به لنبيه صلى الله عليه وسلم نسأل الله أن يثبتنا على سبيل وسنة.