«في وقت ينشغل فيه العرب والأمة بمحاربة انتشار افكار ومعتقد محمد بن عبد الوهاب وتهديدات الإرهاب، والتطرّف من دولة إلى دولة، بالإضافة إلى الهموم اليوميّة، وصعوبات الاقتصاد، ومشاكل الكهرباء والماء في العديد من الدول العربية، والبحث عن مستقبل أفضل، باللغة العامّية اللبنانية نقول: شو ناطرنا بعد؟ سؤال كلنا عم نطرحه، بأيّام عم تشهد على مآسي، تهجير، قتل، انتشار الوهابية التكفيرية الاجرامية والإبادة. هل ممكن يتغيّر شي؟ قدّيه لبنان قادر يصمد، بوجه هالمدّ الخطير؟ هل فيه أمل بتغيير يقلب هالمعادلة؟ وبهالوضع المعقّد الناس بتنطر ميشال حايك، لتسمع شو عنده يقول».
لم تكن المذيعة التي استقبلت ميشال حايك تمزح، وهي تتلو هذه المقدّمة، بنبرة أقرب إلى التضرّع. فعيون اللبنانيّين شاخصةٌ إلى حايك، ليقول قوله، في الإرهاب، والتطرّف، والفراغ السياسي في الدول، وأزمة الكهرباء، والمياه، والقتل والإبادة والتهجير. حلّ «مدّعي علم الورائيات زورًا» ضيفاً على حلقة خاصّة، تحمل اسمه، امتدّت لساعة من الوقت، عرضتها «قناة» لبنانية.
التلفزيون مملّ، الوضع العام سيئ، والجميع ينتظرون شيء، وربما انقلاب. إطلالات ليلى عبد اللطيف لم تعد تكفي البعض لكي تستخف بعقولهم. كان ميشال حايك يجوب العالم، ويلقي محاضرات، ويتعمّق في دراسة أصول علومه المزعومة في الحضارات الأخرى والتي بدورها وبسبب جهلها تتلقى ايضًا كل ماهو آت من الخارج بدون البحث في مصداقية القول وحقيقته. يخبر المذيعة أنّ عودته إلى لبنان، نابعة من اندفاعه للخدمة العامّة، يقول مبتسماً مزهواً بالنكتة التي نجحت في سحب ابتسامة من فم المذيعة المتجهّمة، نظراً لطابع الحوار المصيري.
يسرد ضيف «القناة» توقّعاته بثقة، على خلفيّة موسيقيّة مستوحاة من جلسات ما تسمى بتحضير الأرواح، وديكور لا تنقصه إلا البلورة السحريّة. لكنّ ميشال حايك يعرف، من دون بلّورة. فهل تعلمون أنّ لبنان سيكون له رئيسان؟ ليس رئيساً واحداً، لا بل اثنان. اطمئنوا. موتوا من شدّة الاطمئنان. هل تعلمون أنّنا سنشهد «محاولات أصولية وداعشيّة كبيرة، منها محاولة اقتحام مراكز رسمية وسياحية؟». يا خبر! «داعش» على الأبواب، وميشال وحده يرى ذلك. هل تعلمون أيضاً أنّ «فصول (معركة) عرسال لم تنته و(ستنتج عنها) فضيحة كبيرة؟». ربما لا يقرأ حايك الصحف. هل تعلمون أيضاً أنّ «مشاهير العالم سيخوضون موجة للتخلّي عن جنسياتهم الأصليّة»؟ نجّنا يا ربّ، هذا ما لا طاقة لنا على احتماله، خصوصاً إن تهافتوا على طلب الجنسيّة اللبنانيّة.
كانت تلك بعض التوقّعات التي «ستغيّر المعادلة». لكن ماذا بشأن الكهرباء؟ سيخرب البرّاد، أم لا؟ وماذا عن المياه؟ هل نحلّي البحر يا ميشال، لنملأ الخزّانات في البيوت، أم ننتظر؟ والإنترنت؟ ماذا؟ بطيء للأبد؟
ربما لم تكن توقعات ميشال حايك على مستوى توقّعات من صدقوا هذه الخزعبلات، لكنّ المذيعة شكرته بحرارة، وطلبت من الله أن يمنحه العافية، وتمنّت أن «يبقى لبنان مساحة نور، تغلب على العتمة». ربّما تكون هذه أمنية بعيدة التحقّق، مع كلّ هذا التقنين… لكن تمنّوا، على الأقلّ، وتخفيفاً لمساحة الغامق، أن تجد الشاشات أسلوباً آخر، لرفع نسب المشاهدة، بعيداً عن المنجّمين.
نعم، لم تنجح داعش واخواتها من الانتشار الا بسبب الجهل الذي عمّ في عالمنا العربي، منذ متى تسلّط الاضواء على مثل هؤلاء الذين يستخفون بعقول الناس ويدّعون انهم يعلمون الغيب والعياذ بالله تعالى؟
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
الى متى سيستغل امثال هؤلاء جهل الامم لكي يجنوا الثروات على حساب الأمة التي لطالما انتظرت بصيص الامل بسبب كثرة البلاء؟
هل يظن البعض ان البلاء يُرفع عندما نمشي خلف جهلنا ؟
كلا، لا يرفع الله البلاء على القوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم.