في الوقت الذي تحالفت نحو 40 دولة من أجل القضاء على تنظيم الدولة الوهابية في العراق وسوريا، يبرز سؤال مهم عن موقف ما عرف بالتيار الإسلام السياسي المعتدل من هذه الحرب وعن “البديل السياسي والفكري” الذي يجب العمل على زرعه في المناطق التي يتم تحريرها من يد التنظيم، خصوصاً وأن الجميع يتفق على أن هذه الحرب لن تكون عسكرية خالصة وأن العمل ضد التطرف بإسم الدين يتطلب محاورة العقول وخطة سياسية اجتماعية اقتصادية من أجل وئد الأفكار الوهابية والاخوانية المتطرفة.
هنا تجد التيارات الإسلامية التي تسمي نفسها بالمعتدلة، ومن بينها تيار الإخوان ، الفرصة سانحة للقول إن إزاحتها عن السلطة في عدد من دول الربيع العربي كان السبب في ظهور ذلك التطرف على الأرض، وأن عملية المراجعة الفكرية المأمولة في الحرب ضد داعش تستلزم طلب العون من تيار الإخوان الذي يريدنا أن نرضى به وبعودته، بحجة أن القبول “بالإسلام المعتدل” المتمثّل بفكر و نهج الإخونجية يجنبنا ظهور تيارات دينية متطرفة،وهذه نظرية اثبتت فشلها؛ لأنه سنستبدل التطرف بالتطرف.
الحاصل على الأرض هو أن هذه التنظيمات المتطرفة ولدت من رحم تلك الجماعات التي تسمى نفسها بالمعتدلة، ونظرية أن “الإسلام المعتدل” المتمثل بالاخونجية يمنع ظهور المتطرفين والمتشددين أثبتت فشلها عملياً، لماذا؟
إن جماعة الاخوان هي جماعة انسلخت عن الاسلام منذ عقود؛ في حين انهم يستخدمون الدين للوصول الى السلطة، لا مبادىء لهم ولا قيم؛ تارة يكفّرون الحكومات والشعوب وتارة يقولون العكس!
تارة يحاربون التيارات الوهابية ويكفّرونها وتارة يقولون انها مسلمة عندما تستدعي الحاجة طلب المال والدعم السياسي السعودي!
النموذج المصري لما يسمى بـ”للإسلام المعتدل”، الذي طرح إقليميًا، سقط في أول اختبار جدي مع وصول الإخوان للحكم، صاروا يفتوا بفتاوى واحكام على قياسهم ويحرّفون دين الله فقط لأجل تثبيت اقدامهم والدوس على الشعوب.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
كما أن هذه التيارات المتطرفة والمقاتلة ظهرت فقط في الدول التي وصل فيها الإخوان إلى السلطة، فالإخوان في ليبيا وتونس ومصر، اعتبروا هذه الحركات ساحة خلفية لهم، وتم إرخاء الحبل لها ولقياداتها من باب التواصل والود الأيديولوجي الذي يجمعها بتيار الإخوان، فاستقوى التطرف بوصول “الاعتدال” المزعوم إلى السلطة وليس العكس، ولا ننسى أن عمليات خطف الجنود المصريين في سيناء، واغتيال معارضين في تونس وليبيا وقعت أثناء حكم الإخوان في تلك الدول وليس قبل اسقاطها.
وبمتابعة لشجرة عائلة التطرف، التي تنتهي بداعش اليوم، نجد أن أصول كل الفروع المتطرفة والموجودة على الأرض اليوم من القاعدة إلى التكفير والهجرة وغيرها ولدت من رحم افكار محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية ومرشد تنظيم الإخوان سيد قطب، ولم تؤد أي عملية إصلاح داخلي مزعوم في تيار الإخوان إلا إلى ولادة تنظيمات أكثر تشدداً تنسلخ عنها.
وعليه فإن الدرس الذي يجب أن يوضع في عين الاعتبار أثناء محاربة تنظيم الدولة الوهابية هو ضرورة عدم العودة الى الزام نظرية “الإسلام المعتدل” للاخوان مقابل التطرف، لأن التجربة على الأرض أثبتت أن البذرة واحدة.
إنما يجب محاربة الافكار الهدّامة من منابعها كالسعودية وقطر؛ وهنا لا نهاجم الدول سياسيًا إنما نقول الحقائق البيّنة كما هي, إذ أن من المعلوم للجميع أن الداعم الرئيسي للفكر الوهابي هو السعودية و إن كانت التغيرات في أيامنا هذه تدل على أن النظام السعودي يذهب إلى تقطيع أجنحة الوهابية رويدًا رويدًا (وهذا ما نتمناه), لهذا, ينبغي التحذير من افكار ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وسيد قطب ونشر تعاليم الدين الحنيف لئلا يجُر جهل الأمم بهؤلاء الى عواقب اشد سوء؛ فقتال داعش والاخوان وانهائهما لا بكون فقط بالسلاح ، إنما بتوعية الأمة.