تفسير سورة البلد
سورة البَلد
قال الله تعالى: { لا أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ} أي أُقسِم بمَكّة. اللهُ يُقسِمُ بما شاءَ مِن خَلقِه، يُقسِم بالتّين والزّيتُون والضُّحى ومَكّة ونهانَا عن ذلك. نحنُ مالَنا رُخصَة أن نُقسِم بغَيرِ الله. {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ} أي أُقسِم بمكّة وأنتَ فيه. {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} وأقسِمُ بالوالِد وما ولَد الوالِد. {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} أي في مشَقّة. الإنسانُ خُلِقَ في مَشَقّة، لو قِيسَت مشَقّاتُ الإنسان مِن أوّل ما وُلِدَ إلى آخِر عُمره كثِيرة { أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} معناهُ أَيَظُنّ أنّ ربَّه لا يَقدرُ علَيه، اللهُ قَادرٌ على أن يُعَذّبَه على معاصيْه على أن يَنتَقم منه في الدّنيا والآخِرة { يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا} يقول صرَفتُ مَالا كثيرا كَي يَفتَخِر. {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} أيَظُنّ أنّه لم يرَه أحَد. اللهُ تعالى يَراه لا يَخفَى عليهِ شَىء. {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ} ألم نُعطِه العَينَين التي يُبصِر بها. {وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} ألم نُعطِه لِسَانًا يَقضِي به حاجاتِه وشَفَتين تُسَاعِدانِه على ذلك الكَلام. {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} معناه بيّنا لهُ طَريق الخَير والشّر، الله أرسلَ الأنبياءَ فبَيّنوا طريقَ الخَير والشّر {فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ} هذا الإنسانُ لم يتَحمّل المشَقّة، الصّعُوبة الشّديدَة {وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ} ما أدراكَ ما هذه العقبَة. {فَكُّ رَقَبَةٍ} معناه إعتاقُ الرّقيق، إعتاقُ الرّقيق فيهِ ثَوابٌ عَظيم. {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} إطعامُ الفَقير في يوم المجَاعَة. {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} إطعامُ اليتيم. اليتيمُ الذي هو قَريب. {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} ذا شِدّة الفَقر. {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالمَرْحَمَةِ} مع ذلكَ هو المؤمن ثم كان هذا الإنسان من المؤمنينَ بالله ورسولِه وتواصَوا بالحقّ مِن الذين يتَواصَون بالحقّ ويأتمرونَ بالمعروف يحثُّ بَعضُهم بعضًا لعَمل البِرّ. {أُولَئِكَ أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ} يوم القِيامة أولئك أهلُ اليمين. {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ المَشْأَمَةِ} أمّا الذينَ يَكفُرون بآياتِنا أي الذين كذّبوا الأنبياء،كذبوا ما أنزلَ اللهُ على الأنبياء فإنهم على عكس ذلكَ هؤلاء أهلُ اليَسار. {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ} يومَ القِيامة عليهم نارٌ مُطبَقَة أي جَهنم، جهنّم لها أرضٌ ولها سَقفٌ تُغلَق حتى تَزدادَ حمَاوَتها هيَ كالصّندُوق تُقفَل على ما فيه ولها أبواب تُغلَق. الآن هي مُغلَقة إلا في أوقاتٍ يؤمَرُون بفَتحِها.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website