تعتبر جمهورية تركيا إحدى دول العالم الإسلامي وتبلغ نسبة المسلمين في تركيا قرابة 97.8% من الشعب التركي وتتبع الغالبية منهم المذهب السني. وعلى الرغم من التاريخ الإسلامي الحافل للأتراك فترة الخلافة العثمانية إلا أن الجمهورية التركية الحديثة التي أسسها كمال أتاتورك كادت تكون قد قطعت الصلة بينها وبين هذا التاريخ الإسلامي على المستويين التشريعي والقانوني للدولة التركية حيث تبنت النهج العلماني كنظام حكم بعد قيامها سنة 1923.
وبالرغم من تمسك الدولة التركية بالقيم العلمانية على المستوى الرسمي إلا أن الإسلام احتفظ بحضوره القوي في أوساط الشعب التركي، وهو ما أدى في خمسينيات القرن العشرين إلى إفصاح بعض السياسيين الأتراك عن ميولهم الإسلامية ومحاولتهم الاستفادة من المكانة الشعبية للإسلام في تقديم خططهم لنهضة جمهورية تركيا وحل مشكلاتها، غير أن هذه الأصوات عورضت من قبل أغلبية النخبة العلمانية الحاكمة لتركيا وذلك لاعتقادها بأن العلمانية تعتبر مبدًأ راسخًا قامت على أساسه الدولة التركية الحديثة ولا ينبغي تجاوزه، ولعل هذا التعصب من قبل القادة الأتراك للقيم العلمانية أدى بشكل تدريجي إلى استقطاب المجتمع التركي نحو إيثار عودة الإسلام كنظام للحكم في تركيا وهو ما دفع بدوره بحلول الثمانينات من القرن العشرين إلى ظهور جيل من السياسيين الأتراك أخذوا علانية في تحدي النخبة العلمانية الحاكمة لبلادهم والمناداة بعودة الحكم الإسلامي في تركيا.
وعلى صعيد متّصل، معظم الاتراك تأثروا بالأفكار الصوفية التي طرأت عليهم من الشرق والغرب الإسلاميين
حيث تأسس العديد من المراكز للصوفية والتي اهمها تأسس في مدينة قونية التي تقع في وسط جنوب الأناضول
وللعلم، ان التصوّف ليس مجرد لُبس جبة وعمامة وكثرة ذكر وطقطقة سبحة مع ترك ما أوجب الله ، إنما التصوف علم وعمل فكم من الناس يظن نفسه صوفِيًّا مع أنه لم يتعلم ما أوجب الله عليه تعلمه من علم الدين، هذا كيف يصير وليًّا. الصوفي هو الذي استقام على التوحيد وأداء الفرائض وزهِد في الدنيا وتواضع وذل لله تعالى وأظهر افتقاره لله بصدق، الصوفيُّ الصادق هو مَن كان عامِلاً بشريعة الله تعالى ولا يُتبعُ نَفسَه الهَوى في المأكَلِ والـمَشْرَبِ والـمـَلْبَسِ بل يَكْتَفي بالقدر الذي يَحفَظُ له صحّةَ جسده من المأكل والمشرب والملبس مع بذل الجهد بطاعة الله بأداء الواجبات والإكثار من النوافل.
فهو كما قال سيد الصوفية الإمامُ الجُنَيد البَغدادي رضي الله عنه:” ما أخَذْنا التَّصوُّفَ بالقال والقيل ولكن أخذناه بالجوع والسهر وترك المألوفات والـمُسْتَحْسَنات “. والتصوّف بريء من بعض المجموعات التي انتسبت اليه في ايامنا هذه و اخذوا بابتداع امور مخالفة للشرع مما فتح الباب للوهابية (الذين يسمون انفسهم سلفية) بالهجوم على اهل السنة والجماعة.
لهذا يمكننا ان نقول ان قلب تركيا هو صوفي الهوى وظاهرها علماني الشكل.
بخلاف الصورة السائدة عنها باعتبارها حركات تميل للعزلة والابتعاد عن الشأن العام، عرفت الحركات والطرق الصوفية في تركيا ارتباطاً مباشراً بمؤسسة الخلافة والدولة العثمانية عبر تاريخها، ومع دخول تركيا حقبة أتاتورك واجهت الصوفية تحدي الاستمرار والبقاء في ظل حكم نظام تبنى العلمانية بشكل صارم، لتعود بعد ذلك إلى الحضور بقوة. تعتبر الطريقة النقشبندية من أكثر الطرق أتباعاً في تركيا، ويعود تأسيسها إلى “محمد بهاء الدين النقشبندي”، المتوفى في بخارى العام 1389، وأدخلها إلى الأناضول أحد أتباعه وهو “عبد الله السماوي”، في القرن الخامس عشر، وتعدّ الكثير من قطاعات النخب التركية الحديثة نقشبندية، حيث يعمد شيوخ النقشبندية إلى تعزيز حضور الطريقة ونشرها في أوساط أساتذة الجامعات، وموظفي الدولة، وأبناء الطبقة الوسطى، من التكنوقراط، وأصحاب المهن الحرة، هذا إلى جانب أوساط من المثقفين، ورجال الأعمال، ورؤساء الأحزاب السياسية.
وتُعد الشخصية المركزية في تطور الطريقة النقشبندية هو الشيخ أحمد السرهندي (1524 – 1624)، الذي عزّز الالتزام بالطريقة في سياق مواجهة التشيّع الصفوي، وعمل على تنظيم “الاجتهاد” وقيّده بضرورة أن يكون “ضمن حدود القرآن والسنة”. كما عمل على تشجيع التصوف الإيجابي المنخرط في الحياة العامة وليس الاقتصار على الممارسات التقليدية الطقوسية للتصوف الذي ينسحب من الشؤون العامة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website