الحمد لله رب العالمين حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير الخلق، سيد ولد آدم، حامل لواء الحمد، نبي الهدى والرحمة، وعلى آله وصحبه، الذين جاهدوا معه، وبلغوا رسالة اللَّه للناس، – رضي الله عنهم – أجمعين.
وبعد:
«عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أَنَّ أعمَى كانت له أُمٌّ وَلِدٍ, كانت تَشتِمُ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – وَتَقَعُ فيه، فَيَنهَاهَا فلا تَنتَهِي، وَيَزجُرُهَا فلا تَنزَجِرُ ! قال: فلما كان ذاتَ ليلةٍ, جعلت تَقَعُ في النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليه فقتلها فوقع بين رِجلَيهَا طِفلٌ، فَلَطَخَت ما هنالك بالدَّمِ! فَلمَّا أصبحَ ذُكِرَ ذلك لرسولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -، فجمع الناس فقال: «أَنشُدُ اللَّهَ رجلاً فَعَلَ ما فَعَلَ، لي عليه حقُّ إلاَّ قامَ». فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يَتَزَلزَلُ حتى قعد بين يَدَيِ النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ اللَّه، أنا صاحِبُهُا، كانت تَشتِمُكَ وتقعُ فيك فأَنهَاها فلا تَنتَهي، وأزجُرُها فلا تَنزَجِرُ، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقةً، فلما كان البارحةَ جعلت تشتُمِكَ وتقعُ فيك، فأخذتُ المغولَ فوضعته في بطنها، واتكأتُ عليها حتى قتلتها! فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «ألا اشهَدُوا أنَّ دَمَها هَدرٌ».
هذا الحديث أخرجه الإمام أبو داود في سننه في كتاب الحدود، باب الحكم فيمن سب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – برقم (4361)، وأخرجه الإمام النسائي في سننه في كتاب المحاربة باب الحكم فيمن سب النبي – صلى الله عليه وسلم – برقم (4075)، وأخرجه الحاكم في المستدرك برقم (8044)، والدارقطني والطبراني في الكبير
قال السندي – رحمه الله -: في الحديث دليل على أن الذمي إذا لم يكف لسانه عن اللَّه ورسوله فلا ذمة له، فيحل قتله.
قال المنذري: فيه أن سَابَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يُقتل، وقد قيل: إنه لا خلاف في أن سابه من المسلمين يجب قتله، وإنما الخلاف إذا كان ذميًا، فقال الشافعي: يقتل وتبرأ منه الذمة، وقال أبو حنيفة: لا يقتلº ما هم عليه من الشرك أعظمُ (أي أنَّ الشرك أعظم من سب النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال مالك: مَن شَتَمَ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – من اليهود والنصارى قُتل، إلاَّ أن يسلم. انتهى كلام المنذري. نقلاً عن عون المعبود.
ولقد روى أبو داود أيضًا من حديث عليّ – رضي الله عنه -: «أن يَهُوديَّة كانت تشتم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتقع فيها فخنقها رجلٌ حتى ماتت فأبطل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دمها»
سبٌّ النبي – صلى الله عليه وسلم – سبُّ لجميع المسلمين وطعن في دينهم
معلوم أن رسل اللَّه عليهم صلوات اللَّه وتسليماته يأتون برسالات اللَّه ليبلغوها إلى أقوامهم، فهم واسطة بين اللَّه وبين عبادة، فمن سبَّ نبيًا من الأنبياء فقد طعن في رسالته، ولا شك أن الطعن في الرسول والرسالة طعن في المرسل – سبحانه – وبذلك نستطيع أن نعرف لماذا أهدر النبي – صلى الله عليه وسلم – دم اليهودية التي آذته وسبته، وإذا كان المشرك لا يعرف لله – عز وجل – حقًا ولا يرجو له وقارًا فلا يستغرب منه سبُّ لنبيٍّ, من الأنبياء، أما اليهود فإنهم أهل كتاب، أرسل اللَّه – تعالى -إليهم رسولاً وأنزل عليهم كتابًا، وفي كتابهم تعظيم شأن هذا النبي، فمن آذاه أو سبه فإنما يكفر بما عنده من العلم، ويكتم الحق وهو يعلم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وحينما يسب الكفار المعاصرون نبي الإسلام فإن هذا السب والاستهزاء والسخرية إنما هو طعن في دين الإسلام وسبُّ للمسلمين جميعًا الذين يدينون بدين الإسلام، لذلك وجب على المسلمين أن يهبوا دفاعًا عن أنفسهم وعن دينهم وعن نبيهم.
واجب الأمة تجاه نبيها – صلى الله عليه وسلم
يجب على كل مسلم من المسلمين تجاه نبيّه – صلى الله عليه وسلم – ما يأتي:
1- التعزير والتوقير، والذب عن سنته – صلى الله عليه وسلم -، والتعزير كما في التفسير تأييده بالمعونة والنصرة ولا يكون ذلك إلا باتباع سنته.
2- تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما نهى عنه.
3- حبه – صلى الله عليه وسلم -، وتقديم محبته على النفس والوالد والولد والناس أجمعين، ويظهر ذلك في اتباعه والإقتداء به وحده.
4- الحذر من الاستهزاء بشيء من سنته، أو رَدّ شيء منها بالعقل.
5- محبة آل بيته وأزواجه وأصحابه، والتقرب إلى اللَّه – تعالى – بحبهم.
6- بيان حال من يطعن في صحابته أو أهل بيته.
7- تربية أبناء المسلمين على محبة رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم – والإقتداء به، وتعريفهم حقوقه – صلى الله عليه وسلم – على الأمة.
8- التخلق بأخلاقه – صلى الله عليه وسلم -، والإقتداء به في سلوكه.
9- التعرف على سيرته – صلى الله عليه وسلم – وجهاده من أجل تبليغ رسالة ربه.
10- وعلى العلماء أن يعملوا على:
أ- إحياء سنته – صلى الله عليه وسلم – في نفوس الناس.
ب- التمييز بين الصحيح والضعيف مما يُنقل عنه من سنته.
جـ- التحذير من البدع في الدين التي أساءت إلى الإسلام.
د- التحذير من الغلو فيه – صلى الله عليه وسلم -، بل ينزل منزلته التي أنزله اللَّه – تعالى -إياها.
هـ- الرد على الشبهات والأباطيل التي يثيرها أعداء الإسلام وتفنيدها.
11- على الأمة الإسلامية أن تتصدى للإعلام الغربي واليهودي، والرد على ما يثيرونه من شبهات حول الإسلام ونبي الإسلام.
12- وعلى الأمة أيضًا أن تُعنى عناية فائقة بالدعوة إلى الإسلام، ودعم الدعاة ليقوموا بواجبهم تجاه الدين.