ضم الباء طائر يقع على الذكر و الأنثى حتى تقول: صدى أو قياد فيختص بالذكر و كنية الأنثى أم الخراب و أم الصبيان و يقال لها أيضا غراب الليل. قال الجاحظ:
و أنواعها الهامة و الصدى و الضوع و الخفاش و غراب الليل و البومة. و هذه الأسماء كلها مشتركة أي تقع على كل طائر من طير الليل يخرج من بيته ليلا قال و بعض هذه الطيور يصيد الفأر و سام أبرص و العصافير و صغار الحشرات و بعضها يصيد البعوض. و من طبعها أن تدخل على كل طائر
في وكره و تخرجه منه و تأكل فراخه و بيضه. و هي قوية السلطان بالليل لا يحتملها شيء من الطير و لا تنام بالليل، فإذا رآها الطير بالنهار قتلنها و نتفن ريشها، للعداوة التي بينهن، و بينها و من أجل ذلك صار الصيادون يجعلونها تحت شباكهم ليقع لهم الطير. و نقل المسعودي عن الجاحظ أن البومة لا تظهر بالنهار، خوفا من أن تصاب بالعين لحسنها و جمالها و لما تصور في نفسها أنها أحسن الحيوان لم تظهر إلا بالليل. و تزعم العرب في أكاذيبهم أن الإنسان إذا مات أو قتل، تتصور نفسه في صورة طائر، تصرخ على قبره، مستوحشة لجسدها، و الطائر ذكر البوم و هو الصدى. و في ذلك يقول توبة الحميري أحد عشاق العرب:
و لو أن ليلى الأخيلية سلمت # علي و دوني جندل و صفائح
لسلمت تسليم البشاشة أوزقا # إليها صدى من جانب القبر صائح
فيقال: إنها مرت بقبره فأنشدت ذلك فارتفع شيء من القبر كالطائر، نفرت منه ناقتها فسقطت ميتة و دفنت إلى جانبه. و البوم أصناف و كلها تحب الخلوة بأنفسها و التفرد و في أصل طبعها عداوة الغربان. و في تاريخ ابن النجار أن كسرى قال لعامل له: صد لي شر الطير، و اشوه بشر الوقود، و أطعمه شر الناس، فصاد بومة و شواها بحطب الدفلى و أطعمها ساعيا. و في سراج الملوك للإمام أبي بكر الطرطوشي، في الباب السابع و الأربعين أن عبد الملك بن مروان، أرق ليلة فاستدعى سميرا له يحدثه، فكان فيما حدثه به أن قال: يا أمير المؤمنين كان بالموصل بومة و بالبصرة بومة، فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة بنتها لابنها، فقالت بومة البصرة: لا أفعل إلا أن تجعلي لي صداقها مائة ضيعة خراب. فقالت بومة الموصل: لا أقدر على ذلك الآن و لكن إن دام و الينا، سلمه اللّه علينا، سنة واحدة فعلت لك ذلك. قال: فاستيقظ لها عبد الملك، و جلس للمظالم و أنصف الناس بعضهم من بعض، و تفقد أمور الولاة. و رأيت في بعض المجاميع، بخط بعض العلماء الأكابر، أن المأمون أشرف يوما من قصره فرأى رجلا قائما و بيده فحمة و هو يكتب بها على حائط قصره، فقال المأمون لبعض خدمه: اذهب إلى ذلك الرجل، و انظر ما يكتب و ائتني به. فبادر الخادم إلى الرجل مسرعا و قبض عليه و تأمل ما كتبه فإذا هو:
يا قصر جمع فيك الشوم و اللوم # متى يعشش في أركانك البوم
يوم يعشش فيك البوم من فرحي # يكون أول من ينعيك مرغوم
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ثم إن الخادم قال له: أجب أمير المؤمنين: فقال له الرجل: سألتك باللّه لا تذهب بي إليه.
فقال الخادم: لا بد من ذلك. ثم ذهب به فلما مثل بين يدي المأمون، أعلمه الخادم بما كتب.
فقال المأمون: ويلك ما حملك على هذا؟فقال: يا أمير المؤمنين إنه لن يخفى عليك ما حواه قصرك هذا من خزائن الأموال و الحلى و الحلل و الطعام و الشراب و الفراش و الأواني و الأمتعة و الجواري و الخدم و غير ذلك، مما يقصر عنه وصفي و يعجز عنه فهمي، و إني يا أمير المؤمنين قد مررت الآن
عليه و أنا في غاية من الجوع و الفاقة، فوقفت مفكرا في أمري، و قلت في نفسي: هذا القصر عامر عال، و أنا جائع و لا فائدة لي فيه، فلو كان خرابا و مررت به لم أعدم منه رخامة أو خشبة أو مسمارا أبيعه، و أتقوت بثمنه أ و ما علم أمير المؤمنين ما قال الشاعر؟قال: و ما قال الشاعر؟قال:
إذا لم يكن للمرء في دولة امرئ # نصيب و لا حظ تمنى زوالها
و ما ذاك من بغض لها غير أنه # يرجي سواها فهو يهوى انتقالها
فقال المأمون: اعطه يا غلام ألف دينار. ثم قال له: هي لك في كل سنة ما دام قصرنا عامرا بأهله و أنشدوا في معنى ذلك:
إذا كنت في أمر فكن فيه محسنا # فعما قليل أنت ماض و تاركه
فكم دحت الأيام أرباب دولة # و قد ملكوا أضعاف ما أنت مالكه
الخواص
إذا ذبح البوم بقيت إحدى عينيه مفتوحة و الأخرى مضمومة، فالمفتوحة إذا جعلت تحت فص خاتم، من لبسه سهر ما دام عليه، و الأخرى بالعكس.
قال الطبري: فإذا اشتبه عليك المنومة من المسهرة فاجعلهما في الماء فالتي ترتفع على الماء هي المسهرة، و التي ترسب هي المنومة. و قال هرمس: إذا أخذ قلب بومة و جعل على اليد اليسرى من المرأة في حال نومها تكلمت بكل ما فعلته في يومها. و الاكتحال بمرارتها ينفع من ظلمة البصر.
و قلب البومة الكبيرة إذا قلع و شد في جلد ذئب و علق على العضد أمن حامل ذلك من اللصوص و سائر الهوام و لم يخف أحدا من الناس. و إن اكتحل بمذاب شحمها فأي مكان دخله بالليل رآه مبيضا. و هي تبيض بيضتين إحداهما تخلق و الأخرى لا تخلق، فإن أردت معرفة التي تخلق من التي لا تخلق فأدخل فيها ريشة فالتي تخلق تبين لك تخلقها الريشة.