هذه القضية تُطرح حالياً هنا وهناك علناً وبالخفاء، وهي مسألة واقعية مهمة تعاني منها كثير من الزوجات، فباتت تحتاج إلى جواب فيه شرح وتفصيلات، ولذا في البداية سنعرض 3 نقاط :
– لا شك أن تعبير “الاغتصاب الزوجي” غريب، لأن فيه كلمتين متناقضتين، فكيف يكون “زوجاً شرعياً” ويكون فعله “اغتصاباً”؟!
ولعله يُعبِّر عن حياتنا الحالية المليئة بالمتناقضات، ولذلك شاعت العبارة، وأصبحت متداولة للتعبير عن المعاشرة بالإكراه، فأصبحتا نستعيرها ونقولها أحيانا.
كما أننا ألفنا هذه التعبيرات المتناقضة؛ فنراهم يقولون “جرائم الشرف” يعني يعترفون أنها جريمة، ورغم ذلك يثبتونها ويشرعونها اجتماعياً! وفوقها “القانون” يُعفي الجاني من العقاب الرادع حين يجعلها نخوة وشرفاً.
ويتهم ويقول “نسوية إسلامية”، يعني هو يعترف أنها “إسلامية” تدعو لحق مشروع له أدلة من القرآن والسنة، وهو من الإنسانية… ولكنه يضيف إليها كلمة “نسوية” ليُنَفِّر منها، وليُبقي المرأة مظلومة في بعض الأمور والمخالفات الشرعية كما هي.
ولعل هذه التعبيرات تُستعمل عن قصد لتكون صادمة وقوية فيتنبه الناس لعظم الجرم الذي يرتكبه أصحابها، وإنها قد تفيد العكس، وتجعل الناس يخافون منها، ويرونها دعوى باطلة، فانتبهوا.
كان هذا أولاً، وأما ثانياً فسوف أُذَكِّر بأمرين هما من مقاصد الزواج:
1- إٕشباع تلك الغريزة التي وضعها الله في الرجل وفي المرأة.
2- تحقيق ثمرتها وهو “الإنجاب”، والتمتع بالأمومة والأبوة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
الأمر الثالث: إذا كانت المرأة راغبة بالعلاقة، مثلها مثل الرجل، فلماذا تتهرب هي منها، أو تُعرِض عن زوجها، وهي تحتاجها وتزوجت لأجلها؟
وهنا بداية الحل “اسألوا أنفسكم: لماذا؟، أو اسألوها هي”، ثم عالجوا السبب.
وإياكم أن تشجعوا الزوج على العنف معها؛ فإن المرأة حين تتهرب من العلاقة الحميمية في زمن الفتن والإباحية والجرأة والإغراء، ودغدغة الغرائز وتحريكها فلا بد أن هناك سبباً قوياً في الغالب لامتناعها؛ ولقد حكى قاضي دمشق الممتاز أن امرأة جاءته ليطلقها ولم تخبره عن السبب، فاستدعى زوجها فجاءه أشعث أغبر ملابسه متسخة ومبقعة وتفوح منه روائح كريهة.. فأجل الجلسة، وهمس للزوج بكلمات وبعد ساعة ناداها القاضي وطلب من شخص اصطحابها للبيت، دهشت وارتاعت فكيف ترافق رجلاً غريباً؟! وإذا به زوجها وقد بدل ملابسه وغسل شعره وأكرمه، والقصة حقيقية رواها علي الطنطاوي وكان هو القاضي، وسردت لقول إن الزوجة قد تنفر من زوجها لسبب وجيه في الغالب (كما قد ينفر هو منها)، وبالتالي عليه مراعاة بعض الامور لتجنب عدة خلافات:
– الاهتمام بالنظافة، والحذر من روائح الفم والعرق وغيرها.
– ولن أقول للزوج “اختر الوقت المناسب لزوجتك وانتبه لمزاجها” فقد لا تجتمعان بالرغبة، على أن إبداء الاهتمام والعواطف يسهل القضية، فالمرأة ولو لم تكن بالمزاج فإنه من السهل دخولها به، إذا عرفت كيف تلاطفها.
– عليك بوقت لا تكون منهمكة بشيء وعقلها معه، خاصة لو كان طفلكما، فراقبها ربع ساعة لتختلس لحظة تلتفت فيها إليك فيها واقتنصها، أو بادرها بالكلام والسؤال ثم انتقل بها بسلاسة لما تريده، وجميل أن تساعدها لتنهي ما بيدها من مهام، وتؤمن طفلها، وتدعمها نفسياً لتلتفت إليك وهي مطمئنة.
– تأمين الماء الدافئ.
– وهناك من يجهد زوجته بدعوة لأصدقائه، ويتركها وحدها كل النهار بالمطبخ، ثم يطلبها آخر الليل وقد أنهكت، فراعها وساعدها، لتراها كما تحب وقت تريدها.
– أو يشغلها بالعناية بأمه وأبيه وهي واجباته هو ومسوؤليته، أو يتأخر ليلاً بزيارتهما ويتركها وحدها بالبيت، ضجرة تشعر بالفراغ والملل والحزن، ثم يأيتها بمنتصف الليل وقد غلبها التعب والنعاس.
– التأكد من أنها لا تعاني من آلام، أو التهابات، تجعلها تخاف وتبتعد.
ويظن بعض الرجال أن اسلوب العنف مع الزوجة لن يضايقها أو يحفزها ضده (خاصة حين تتماسك هي وتسكت)، فيبدو له أن الحياة مستقرة، وأنها راضية، ولكن كل هذا -ومع مرور الأيام- يتراكم عند الزوجة، وقد يذهب بالمودة والمرحمة، ثم يتحول إلى سخط ونفور وتمرد أو برودة، وبالتالي هو من أكبر المؤثرات على هذه العلاقة الحميمية؛ فالمرأة يصعب عليها الاقتراب من شخص يؤذيها وهذه من أهم الافكار التي وددنا ايصالها.
ويتبع ذلك: “إهانتها أمام الناس” أو أمام أهل الزوج أو أولادها، أو”الانتقاص منها ومن قدراتها”، فإياكم من هذه الأمور، لأنها لا تمر بسلام، ولن تنسى الزوجة مرارتها.
– ومن الأزواج من يقصر بحقوق زوجته، ويتقاعس عن واجباته، ويرمي أعباءه عليها، ثم يأتيها طالباً العلاقة، فترده إما انتقاماً أو عجزاً لأنها تكون مرهقة حقاً وهي تقوم بواجباتها وهو يقصر بواجباته، وهذا جاء في “المجموع شرح المهذب: وان اختارت المقام بعد الإعسار لم يلزمها التمكين من الاستمتاع ولها أن تخرج من منزله، لأن التمكين في مقابلة النفقة، فلا يجب مع عدمها”.
فالزوجة حين لا يتبقى معها الطاقة ولا المزاج ولا الوقت لتفقد زوجها، من ضغطه ومعاملته السيئة معها وقد كثرت عليها المسؤوليات وتعبت، فغالبا ما يصبح هذا حالها في العلاقة الزوجية، وعلى كل زوج الاهتمام بالآخر. وإن الأنانية مرفوضة، ومدمرة للزواج كله وليت بعض مدعي الدين يُنَبهون الأزواج لهذا، بدل الإفتاء فقط بأن العنف جائز، وبدل تحريض بعضهم للأزواج على أخذ العلاقة بالقوة، مما أساء للكثير من العلاقات الزوجية.
أيها الأزواج والزوجات رجاء اقرؤوا هذه المقالة بعناية، وتمعنوا فيها، فإنها ستفيدكم بكل حال لأنها عامة. واعلموا أن العلاقة الزوجية الحميمية أساسها الالتزام باحكام الدين وايتاء كل منهما حق الآخر، للوصول للمتعة والاسترخاء فلا تجعلوها مجالاً لحرب وصراع وهي أكثر ما يقرب بين الأزواج ويصهرهما، وإذا تعسرت فاستعملوا القوة الناعمة وإياكم والعنف فإنه قد يفيد لمدة، ولكنه يفقد أثره، ويحول الحياة للخراب.