في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2016 رُفع الغطاء الرخامي لأول مرة عما يُعتقد أنه قبر المسيح عيسى بن مريم “المزعوم”، حيث يُقال إنه رقد هناك لثلاثة أيام بعد صلبه – بحسب المعتقد النصراني– ليُكشف عما يُعتقد أنه السرير الذي دُفن فيه.
لم يكن أي شخص قد فحص القبر قبل فتحه، إذ إن مفاوضات شاقة جرت لتنفيذ عملية الاستكشاف تلك، فماذا وجد فريق المتخصصين حين فتحوه؟
شارك فريدريك هيبرت، وهو عالم آثار في منظمة National Geographic، في مشروع الترميم للقبر الموجودة داخل كنيسة القيامة في القدس.
ويوضح هيبرت أن الضريح دُمِّر أكثر من مرة بفعل النيران، والزلازل، والغزوات على مر القرون، “ولم نعرف حقاً ما إذا كانوا يشيدونه في نفس المكان كل مرة”.
كان الموقع في حاجة ماسة إلى الترميم، لكن الأمر تطلب موافقة 3 رجال دين، وعليه بدأت المفاوضات في العام 1959، لأخذ قرار من لجنة سمِّيت بـ “لجنة وضع راهن” للموافقة على ترميم القبر إلى أن فتح لأول مرة في العام 2016.
رُفع الغطاء الرخامي في حضور ممثلين عن الكنائس الأرثوذكسية اليونانية والأرمنية والرهبان الفرنسيسكان، ويقول هيبرت إن فكرة “أنه سُمح لنا أخيراً بتنفيذ هذا العمل هي بمثابة تحقيق انتصار في التفاوض”.
صخرة الجلجلة
بدايةً، يقع القبر “المزعوم” للمسيح عيسى داخل مبنى صغير معروف باسم Edicul وُجد داخل كنيسة القيامة، وشُيَّد حوله حجر الأساس الذي يُعتقد أنه موقع دفن المسيح، والذي يُعرف بـ “صخرة الجلجلة” حسب معتقد النصارى
سُلّم عمره 240 سنة
وجد الباحثون أيضاً سُلماً عند المدخل الرئيسي للقبر لم يتحرك من مكانه منذ 240 سنة، لذلك أطلق عليه السلم الثابت.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
المرقد
اُكتشف وجود لوح – أو رفّ – من الحجر الجيري، ويُعتقد أنه المكان الذي رقد فوقه ذات يوم جسد المسيح.
واستغرقت عملية إزالة الغبار عنه نحو 60 ساعة، لجمع البلاط، وتوثيق العملية.
صليب منقوش
نقلت صحيفة The Mirror عن هيبرت قوله إن أروع شيء بالنسبة له كان حين أزالوا أول طبقة من الغبار ووجدوا تحتها قطعةً رخاميةً ثانيةً، وفي وسطها تماماً صليب منقوش بنقوش لم يكونوا يعرفون عنه شيئاً.
ويعتقد الباحثون أن الصليب نُحت عن طريق الصليبيين الذين جاؤوا إلى المدينة في القرن الثاني عشر. ويقول هيبرت، “عندما أدركنا قيمة ما عثرنا عليه، كانت ركبتاي ترتعشان قليلاً”.
الكهف الجيري..
اعتقد مؤرخون على مدار التاريخ أن الكهف قد طُمست معالمه منذ زمن بعيد، إلا أن الباحثين اكتشفوا أن جدران الكهف لا تزال قائمة ومتصلة خلف ألواح رخامية للغرفة التي تضم القبر.
لا يوجد عظام ولا قطع أثرية
ووفق الباحثين، لم يكن هناك أية عظام أو قطع أثرية في القبر، حتى إن لوح الدفن الجيري اكتشفه الباحثون قبل أن يضطروا لإغلاق القبر بساعات قليلة بعدما غطاه الغبار.
من بنى القبر؟
بحسب منظمة National Geographic، ربطت أحدث نتائج التأريخ بناء القبر بعصر قسطنطين، أول إمبراطور روماني مسيحي.
إذ نشرت National Geographic في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 تقريراً كشف عن مزيد من المعلومات حول القبر المقدس.
إذ أكد أن بقايا الكهف الجيري المحفوظ داخل الكنيسة هي بقايا القبر التي حدد موقعها الرومان، وأن البلاط الذي جُمع من بين السطح الجيري للقبر واللوح الرخامي يعود تاريخه إلى عام 345 ميلادياً. وأن الغطاء الرخامي الذي يغطي سرير الدفن ثُبِّت في العام 1555، ويُعتقد أنه حُفظ حتى القرن الرابع عشر.
فيما أشار موقع Business Insider إلى أن الكهف يُعتقد أن عمره 1700 عام، بعد أن حلل العلماء المواد الكيماوية في البقايا لاكتشاف عمره.
اختلافات حول صلب المسيح عند فرق النصارى
تقول الأناجيل المحرّفة التي بين ايدي أهل الكتاب في أيامنا هذا أن عيسى المسيح توفِّي إما في عمر الـ 30 أو 33 عاماً – حسب المعتقد المسيحي -، وتشير الحسابات التاريخية إلى أن الرومان بنوا القبر في عام 326. ويرجع تاريخ البناء الأصلي للقبر إلى وقت حكم قسطنطين، والذي بدأ حقبة انتقال الإمبراطورية إلى المسيحية.
وكنيسة القيامة بالقدس التي تضم القبر المزعوم، بناء يرجع إلى القرن الثاني عشر، ومقامة على بقايا آثار ترجع إلى القرن الرابع، وهي المكان الوحيد الذي تمارس فيه 6 طوائف مسيحية شعائرها في المكان نفسه.
وتتفق المذاهب المسيحية كلها على صلب المسيح، لكنها تختلف حول ماهيته، إذ تؤمن الكنائس المسيحية الثلاث (الأرثوذوكس، والكاثوليك، والبروتستانت) بالثالوث، والثالوث هو معتقد يعني أن الله الواحد مكوّن من ثلاث حالات “هي الأب والابن والروح القدس”.
إذ يعتقد البروتستانت والكاثوليك بانبثاق الروح القدس من الأب والابن حسب قولهم، فيما يؤمن الأرثوذكس بانبثاق الروح القدس من الأب وحده حسب وصفهم.
بينما يؤمن المسلمون أن عيسى بن مريم لم يُصلَب من الأساس، بينما صُلب شبيه له؛ ورفع المسيح إلى السماء.
وفيما يخص القبر تبقى حقيقة أنه طالما لم يجد الباحثون عظاماً ولا قطعاً أثرية فلا أحد يستطيع أن يجزم بأن هذه القبر كانت خاصة بأي أحد، وفق ما يقول فريدريك هيبرت.