الأوقاف من روائع الحضارة الإسلامية

أنواعها ومصارفها

والأوقاف بدمشق لا تُحصر أنواعها ومصارفها لكثرتها؛ فمنها أوقاف على العاجزين عن الحجِّ، يُعطى لمن يحجّ عن الرجل منهم كفايته، ومنها أوقاف على تجهيز البنات إلى أزواجهنَّ، وهنَّ اللواتي لا قدرة لأهلهنَّ على تجهيزهنَّ، ومنها أوقاف لفكاك الأسارى، ومنها أوقاف لأبناء السبيل؛ يُعطون منها ما يأكلون ويلبسون ويتزوَّدُون لبلادهم، ومنها أوقاف على تعديل الطرق ورصفها؛ لأن أزقَّة دمشق لكل واحد منها رصيفان في جنبيه يمرُّ عليهما المترجِّلُون، ويمرُّ الركبان بين ذلك، ومنها أوقاف لسوى ذلك من أفعال الخير.

الرحالة المشهور ابن بطوطة منبهرا بما رآه من أوقاف دمشق في القرن الثامن الهجري في ظل حكم المماليك البحرية مثل وقف اللبنة التي قامت عليها كل المؤسسات الخيرية في الحضارة الاسلامية. تنوعت خدماتها لتلبية متطلبات المجتمع من إقامة المساجد وإعمارها والحمامات والخانات والفنادق للمسافرين والمنقطعين والتكايا والزوايا لإطعام المساكينز مثل تكية السلطان سليم, وتكية الشيخ محي الدين بدمشق, والتكية الإبراهمية بالخليل.

ومساكن للفقراء تحوي من لا يجد مسكنا والسقايات وسبل الماء في الطرقات العامة لري العطشى والآبار في الفلوات لسقي الزرع والماشية والرباطات على الثغور وأوقاف لإصلاح الطرق والقناطر والجسور وشراء أكفان الموتى الفقراء وتجهيزهم ودفنهم. ,احباس توقف اليتامى وختانهم والمقعدين والعميان والعجزة وتزويج العزاب من المحتاجين وتقديم المهور وإعارة الحلي والزينة في الأعراس والأفراح والبيمارستانات لمعالجة المرضى مجانا وتغذيتهم وكسوتهم والمكتبات والمدارس ومن أشهر السلاطين الذين أحيةا سنة الوقف العلمي.

الأماكن التي أوقفها أصلاح الدين الأيوبي

صلاح الدين الأيوبي جعل دار عباس بن السلام مدرسة للحنفية والمدرسة التي بمصر المعروفة ب “زين النجار” وقفا على الشافعية وله بمصر أيضا مدرسة للمالكية وأوقاف لرعاية الحيوانات وتطبيب العليلة منها والمسنة والعاجزة.

الغربيون يقتبسون سياسة الاوقاف

مثلت الأوقاف الإسلامية على مدى ثلاثة عشر سنة أروع صور التعاون الإنساني اقتبسها الغربيون ونقلوها عن الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر فصارت تمول كبرى جامعاتهم ومكتباتهم ومراكز أبحاثهم ومتاحفهم ومستشفياتهم بينما همش المسلمون دور الأوقاف في مجتمهاتهم التي غرقت في الإهمال والخصاصة والرداءة