Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وتارة من خلال دعوتهم للحج والعمرة والمؤتمرات الثقافية (بما فيه مهرجان الجنادرية الشهير) مجاناً بل ومصحوباً بمقابل مادي سخي.. وتارة أخيرة من خلال الهبات المالية الكبيرة التي يقدمها آل سعود لأعمال البناء والترميم لمباني وومؤسسات وجامعات الأزهر..
ولعل ما قام به الأمير محمد بن سلمان (ولي العهد والطموح والمندفع) أثناء زيارته للقاهرة (4/3/2018) من افتتاح عمليات ترميم الجامع الأزهر على نفقة السعودية.. نموذج مهم للاختراق الوهابي المدعوم سياسياً ومالياً من الحكم السعودي! خاصة أنه يأتي بعد قرابة العام والنصف علي مؤتمر غروزني في الشيشان (25/8/2016) الذي قاده الأزهر وتم فيه استبعاد (الوهابية) من مفهوم (أهل السنة والجماعة)، بل واعتبارها دعوة شاذة ومعادية لصحيح الدين.
جاءت هذة الاختراقات لتعيد صياغة دور الأزهر وفقاً للمصلحة والهوى والفكر الوهابي السعودي من جديد، وهو ما يمثل بالمقابل تقويضاً تاريخياً لدور الأزهر ورسالته التجديدية والتنويرية المنفتحة، إن هذة الاختراقات تدفعنا هنا إلى إعادة تذكير أهل العلم والمسؤولية في الأزهر ومؤسسات الحكم في مصر إلى حقيقة الدور الوطني والقومي لهذه المدرسة العلمية، والذي يريد آل سعود تقويضها لصالح الوهابية في ثوبها الجديد
بداية يحدثنا التاريخ – وهو عادة لا يكذب – أن الأزهر الشريف كمؤسسة دينية أنشئت عام (359هـ / 970م) وافتتح فى العام 393هـ – 974م) لعب دوراً سياسياً بارزاً في التاريخ المصري والعربي، بالإضافة إلى رسالته الفكرية والحضارية، ومر هذا الدور بمرحلتين أولاهما: قبل عصر محمد علي، حين كان الأزهر يتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال عن السلطة السياسية، وكان له نظامه الدراسي الخاص الذى تقرره هيئة علمائه وشيخه الذي يختار بمعرفة هذه الهيئة، ومصادر تمويل نشاطه العلمي المستقلة التى تستمد من الأوقاف التى أوقفها السلاطين وبعض الأثرياء عليه وحددوا في حجج وقفها كيفية التصرف في ريعها وتولي العلماء إدارتها دون تدخل من جانب الحكام .
على الرغم من هذا كان للأزهر دور سياسي واضح فى الفترات التاريخية التى عاصرت التحدي الإسلامي للنموذج الغربي، فكانت تحركات جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ذات إطار سياسي يرتكز على الأزهر، وكان الأزهر إبان الثورة العرابية واضحاً فى تأييد زعمائها، بل وخرج رجالها وفى مقدمتهم عرابي من الأزهر وكان والده ولمدة عشرين عاماً أحد علماء الأزهر واحتضن الأزهر ثورة 1919 وخرج الأزهريون يطالبون بالاستقلال وبالوحدة الوطنية وكان فى مقدمتهم: مصطفى القاياتي ومحمود أبو العيون وعبد ربه مفتاح ومحمد عبد اللطيف دراز وعلي سرور الزنكلوني، وتعددت مواقف الأزهر الوطنية وخاصة في أحداث الكفاح الوطني ضد الأجنبي.
ونصل من استعراض المواقف السياسية للأزهر إلى القول بأنه عندما تكون المواجهة مع الأجنبي فإن رجال الأزهر ينضمون إلى قوى الثورة الوطنية، ولكنهم يخرجون عندما تكون المواجهة مع الحاكم بهدف الثورة والتغيير الاجتماعي.
ويذهب أصحاب تلك النظرة إلى أنه للاعتبارات الخاصة بالتمويل وسطوة السلطة السياسية في مواجهة الأزهر فإن دوره السياسي يبرز عندما تكون المواجهة مع أجنبي يتفق عليه الجميع بما فيهم السلطة السياسية، ويغيب هذا الدور عندما تكون المواجهة نحو الداخل؛ أي السلطة السياسية.
وفي مرحلة ما قبل الثورة كان للأزهر دوره البارز في التصدي للمحتل الإنجليزي (فى مصر) وبعض البلاد العربية.
وبعد ثورة 1952 دخل الأزهر في دائرة الاهتمام السياسي للنظام الجديد منذ الأيام الأولى له، وأصبح دوره الوطني مميزاً، خاصة بعد إصدار عبد الناصر لقانون تنظيم الأزهر والذى حمل رقم 103لسنة 1961، الذي واكب الأزهر من خلاله العصر وانخرط وبقوة في معارك الحركة الثورية الناصرية السياسية في مواجهة العو الصهيوني والأميركي
إن مواجهة هذا الاختراق أصبح يمثل مسئولية، وهي مساندة الأزهر الشريف ضد قوى الوهابية، وهي مسؤولية المثقفين كافة وليس الأزهريين منهم فحسب، لأن الأزهر تاريخياً كان مؤسسة وطنية وسياسية بقدر ما كان مؤسسة دينية تنشر وتحمي الفكر الإسلامي المعتدل والمستنير، إن (الأمة) بقضاياها المتفجرة ومقدساتها المهددة (سواء في مكة أو القدس) تحتاج اليوم إلى الأزهر ودوره التاريخي المؤثر، إنها لا تحتاج إلى شيوخ موظفين تابعين للسلطة، ولكنها تحتاج إلى قادة فكر ودين وحملة مشاعل للمقاومة والعدالة، ونحسب أن الأزهر وباقي المؤسسات الدينية ذات الخطاب الديني المعتدل، تقف في مقدمة الصفوف لحمل أمانة هذه المسؤولية؛ مسؤولية حماية المقدسات ومواجهة دعاة الفتنة وسفك الدماء والتبعية للغرب من أصحاب الفهم (الداعشي) الوهابي للدين، ومن أصحاب فقه البداوة والجهل القادم إلينا في حلة وهابية جديدة، في ظاهرها الخادع، لكن قلبها وجوهره أميركي السياسة، (وهابي) العمق والفهم.