عندما نسمع كلمة “فودو” يحضر في أذهاننا على الفور أحد أشكال السحر الأسود المتمثل في عمل ضد شخص ما عن طريق تمثيله بدمية خشبية أو مصنوعة من قماش، وغرزها بالعديد من الإبر ثم إلقائها في النيران الملتهبة لتلتهمها.
لكن ما قد يجهله كثيرون أن قصص السحر الأسود هي مبالغات حيكت عن ديانة الفودو الشائعة حتى يومنا هذا في العديد من المناطق حول العالم.
وربما كان إيمان أتباع الفودو بقدرتهم على التواصل مع الشياطين سبباً باقتران هذه الديانة بالسحر والشعوذة..
الفودو.. بين الدين والسحر الأسود
تنتشر ديانة الفودو بشكل خاص في غرب إفريقيا إلى جانب أجزاء من منطقة الكاريبي خاصة في هايتي وأجزاء من جنوب الولايات المتحدة والبرازيل.
والفودو Vodou مصطلح مشتق من كلمة تعني “روح” أو “إله” في أحد اللغات الإفريقية.
وفيما يعتقد بعض المؤرخين أن هذه الديانة وجدت في إفريقيا قبل أكثر من 10 آلاف عام، يميل آخرون إلى الاعتقاد بأنها نشأت بعد الاحتلال الأوروبي لإفريقيا وانتشار تجارة العبيد.
ففي ذلك الوقت حاول الأوربيون تمزيق المعتقدات الدينية لدى الأفارقة لتحويلهم من جماعات إلى أفراد يسهل السيطرة عليهم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ما جعل الطوائف المختلفة من الأفارقة يتحدون ويمزجون شعائرهم الدينية مع بعضها ويوفقون بينها وبين الكاثوليكية، إذ كان من المتوقع منهم أن يتعمدوا في الكنيسة الرومانية آنذاك، وهكذا نتج في نهاية الأمر “الفودو” كما نعرفه اليوم، والذي حافظ الأفارقة من خلاله على دينهم تحت غطاء الكاثوليكية.
ووفقاً لهذه النظرية، فمن المتوقع أن الفودو قد تطور في غرب إفريقيا خلال القرن الثامن عشر.
دائرة تربط الأحياء بالأموات
يتمثل الإله في معتقد الفودو بأرواح الأجداد الذين ماتوا، إذ تملك هذه الأرواح باعتقادهم القدرة على مساعدتهم أو حتى عقابهم في حال أخطأوا التصرف. وبالتالي يتمثل دين الفودو بدائرة مقدسة تربط الأحياء بالأموات.
وكما في معظم الديانات الأخرى يتبوأ رجال الدين من كهنة الفودو مكانة خاصة الذين يطلق عليهم ألقاب “الأب” و”الأم”، وهم أشخاص في خدمة الإله يعاقبون ويكافئون باسمه حسب معتقدهم.
وفي حين يطلق على الإله الكبير في ديانة الفودو اسم “بون ديو” فهم يؤمنون بوجود آلاف الأرواح التي تجوب الأرض من حولهم ويطلق على هذه الأرواح اسم “لوا” Lwa.
ويتم تقديم القرابين لهذه الأرواح في طقوس خاصة قد تختلف تفاصيلها بين منطقة وأخرى لكن يجمع بينها الغناء والرقص وقرع الطبول.
ويستطيع معتنقو الفودو التواصل مع الشياطين والجن عبر استحضارها بطقوس معينة، والتكلم معها بشكل مباشر وفقاً لاعتقادهم.
مع ذلك يعتقد أتباع هذه الديانة أن الحديث مع الأرواح ممارسة محفوفة بالمخاطر، إذ إن بعض الأرواح قد تكون شريرة، لذلك لا يسمح سوى لكهنة الفودو بالتواصل مع عالم الأرواح، وذلك طبعاً بعد اتخاذ الإجراءات الاحتياطية اللازمة وإحاطة أنفسهم بتمائم تقيهم من أذى الأرواح الشريرة.