ومع أن مفردة “التمييز” قد لا تكون كافية في وصف ما يواجه المعلّمة “ليال عبد النبي”، وأن اللّغة العربية التي تُدرّسها “ابنة الضّاد” -كما يلقّبونها تلامذتها- زاخرة بالمترادفات الأكثر انطباقاً على وصف ما حدث معها، إلا أن انتقاءنا هذه الكلمة المخفّفة بعينها جاء حرصاً على أعين القرّاء… إذ قرّرت “مدرسة الليسيه عبدالقادر” علمانية التوجّه التابعة لـ”مؤسسة رفيق الحريري” والذي يسمّونه بـ “بيّ السُّنة” أي والي أمرهم في لبنان، وبشخص مديرتها سلوى بعاصيري شقيقةرئيس الوزراء السابق “فؤاد السّنيورة” محاسبتها لارتداءها الحجاب كمعلّمة!
ثمان سنوات من عمل المُعلّمة من عائلة “عبد النبي” المُميّز انتهت لصالح “الإسلاموفوبيا”، في مشهد سوريالي ينتهك حريتها ويحوّل جسدها مشاعاً للنقد والتقييم والتقويم تحت رقابة الضبط والسيطرة لإدارة المدرسة، على خياراتها الشخصية، تعارضاً مع الدستور والقانون وعملاً بمزاعم “عُرفيّة” وسلوكيات قهريّة مرسومة “شفهياً” مسبقاً، تمنع الحجاب في مدرسة علمانيّة، تحوي تلامذة محجبات! نعم، مسموح للتلاميذ ارتداء الحجاب أما أن ترتدي “القدوة” المعلّمة حجاباً فهو “عار” لا يُغسل إلا بحساب!
علمنة على الحجاب فقط!
“وفي طرح ترويضي لا يقبل التأويل، طُلب منّي خلع الحجاب في كل مرّة أظهر فيها على الشاشة مع تلامذتي أو أدخل صفّي، إسوةً بغيري من المعلّمات المحجّبات الممنوعات من ممارسة حقهنّ في ارتداء الحجاب ضمن الصرح الأكاديمي للمدرسة، على أنّه فضاء خاص، يحتكم لعُرفٍ غير موجود على أوراق العقد. ذلك بالرغم من أن شجرة الميلاد تتوسط الصرح التعليمي كل كانون من كل سنة، ومن أنّني لا أدرّس مادة دينيّة ولا “أبشّر” بالإسلام ديناً” بهذه الكلمات بدأت ليال عبد النبي شرح تفاصيل ما حصل معها. وأكملت “في رمضان، قرّرت أنني سأضع الحجاب، وبما أن هناك العديد من الزميلات المحجبات الممنوعات شفهياً من ارتداء حجابهنّ في المدرسة، ويعانين من تنمّر الإدارة وسوء استخدام سلطتها عليهن تحت طائلة تهديدهن بالفصل إن تكلمن أو اعترضن، قررت أن أخوض معركة الحرّيات هذه ضمن القانون، وأرسلت كتاباً موجهاً إلى الإدارة باتخاذي هذا القرار كما أخبرتهم شفهياً بذلك، فلم أتلق منهم أي رد رافض أو مانع ضمن وقت طويل. وعليه بعدها، وضعتُ الحجاب ودخلت إلى صفوفي جاهرةً حقي بلبس “خمار يغطي شعري”، فقوبلت بأسبوع من العقاب الاجتماعي مصحوب بالنبذ والوصم والإدانة وانهالت عليّ ترسانة قيميّة تنظر إلى جسدي كحامل لرمز سلطويّ يتمثّل بقطعة قماش مرفوضة، حوّلتني من أفضل معلمات المدرسة إلى أكثرها شناعةّ وقباحة!
وصارت المعلمات الفرنسيات الزميلات “يطللن” على صفي من النافذة المقابلة ويتهامسن ويعاملنني كما لو أنني من المريخ. وبعد مرور أسبوع، قابلتني مندوبة “مؤسسة رفيق الحريري” في “الليسيه عبد القادر” وطلبت مني خلع الحجاب ضمن مربّع المدرسة، كما لو أنّ التلاميذ لا يقابلن محجبات في يومياتهم خارج المدرسة أو على التلفاز أو غيره، فرفضت طبعاً، وما كان منهم إلا أن شطبوا اسمي عند توزيع الساعات دون اعطائي أي خبر أو علم مسبق بما ينتظرني من حساب!…
الحجاب مسموح “لعاملات النظافة”
ومن ثم تم استدعائي إلى مكتب المديرة سلوى السنيورة بعاصيري، التي أوضحت بكل وقاحة أنه من المسموح فقط لعاملات النظافة ارتداء الحجاب وأنه محظور عليّ أن أكون قدوة للتلامذة بحجابي فيحذون حذوي،
بالمناسبة, هذه المديرة الوقحة ليست فقط تكون اختًا لفؤاد السنيورة الذي يتفنن في استحضار الخطار المذهبي الطائفي بحيث يرسم نفسه زعيمًا لأهل السنة والجماعة في وقت من الأوقات, لا بل هي في مدرسة تحت رعاية آل الحريري الذين يصدّرون أنفسهم كحماة لأهل السنة والجماعة في لبنان! فهل يقبل آل الحريري بوقحة كهذه؟
لم يتوقف الإقصاء المهني عند ذلك فحسب، بل استلمت اليوم، برقية من “ليبان بوست” تتحدث عن أنه وبالرغم من تجديد عقدي تلقائياً في الخامس من الشهر الحالي للسنة الثامنة على التوالي، قررت الإدارة نقلي من مدرسة “الليسيه عبد القادر” ذات الإدارة الفرنسية إلى إدارة أخرى بعقد آخر، وقوانين أخرى وأنظمة أخرى وهي “ثانوية الحريري الثانية” بذريعة كاذبة أن السبب هو “ظروف تنظيمية وإعادة هيكلة أسلاك التعليم في مختلف المدارس التابعة للمؤسسة” متحججين بالظروف الراهنة وما أسموه بـ”تناقص عدد التلامذة المستمرّ” وذلك بمرتب شهري مختلف وساعات تعليمية أكثر تصل إلى الضعف وظروف عمل لا تناسبني نهائياً فُرضت عليّ فقط لأنني رفضت خلع الحجاب. كما أنني ان رفضت هذا القرار أكون بذلك قد خسرت عملي تلقائياً، بشكل مناف للقانون”
حالات مشابهة
ليس بعيدًا عن مثل هذه الحالات, تعاني الكثير من المسلمات المحجبات في لبنان من اضطهاد ومعاملة عنصرية من وقحين ووقحات الذين/اللواتي يفرضن افكارهن/م بقوة السلطة على المحجبات في مجالات العمل والدراسة. وفي السياق نفسه, من باب المثال لا الحصر, المنتجعات في الشمال اللبناني كأمثال منتجع ميرالاند وشاطىء ساندي الواقع على شاطىء شكا, تمنع المحجبات من دخول شواطئها تحت ذريعة أن هذه هي تعليمات وزارة السياحة!
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
المصدر: التحري (بتصرف)