أدرك التونسيون أنه لم يعد هناك مجال أو احتمال للصبر على النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، وهم يرون وطنهم تتردى أحواله وأوضاعه يوما بعد الآخر، لذلك كانت فرحتهم وغبطتهم بقرارات الرئيس قيس سعيد، الأخيرة عارمة وشاملة ليس فقط لكونها مثلت خلاصهم المرتقب من قبضة النهضة الخانقة على رقابهم، وإنما أيضا لأنها استعادت الدولة الوطنية،التي سعى الإخوان لتدميرها وتفكيك أوصالها، تنفيذًا للأجندة الموضوعة من قبل التنظيم الدولى للإخوان، الذى يُعد الغنوشي من بين قياداته البارزة والفاعلة.
الغنوشي وأتباعه من جماعة إخوان الشياطين كانوا يطبقون كتالوجًا صور لهم غباؤهم المغلف بغرور واستعلاء أنه سيُمكنهم من اختطاف تونس الخضراء، وأن مستقبلها سيبقى مرهونًا لديها توجهه حيثما شاءت، وأن مَنْ يقبل دخول بيت طاعتها سينعم بخيرات ومميزات لا حصر لها، وإن قلبت في صفحات هذا الكتالوج الملعون المعادي والكاره للدولة الوطنية ومؤسساتها ستجدها تشتمل على ما يلى:
أولا: العداء السافر والمعلن للجيش الوطني والشرطة المدنية، لأنهما يشكلان معًا الدرع الواقية والآمنة للدولة الوطنية، وهما الأقدر على تصحيح المسار والسير نحو بر الأمان والسلامة، عندما يختل الميزان بجلوس شخص من هذه الجماعة لا يعي ولا يقدر قيمة الدولة الوطنية وبذل الجهد للمحافظة عليها وحمايتها من عبث العابثين.
ثانيًا: محاولة اختراق الأجهزة الأمنية المنوط بها تأمين الجبهة الداخلية، والسهر على أمن البلاد من الدخلاء، ومن أي طرف يسعى للإضرار به، وزعزعة الاستقرار، ويعلم الإخوان قبل غيرهم أن المحرك الأول والأخير للعاملين بتلك الأجهزة هو ولاؤهم للوطن، وليس مبدأ السمع والطاعة الذي يعد شرطًا أساسيًا للانضمام لهذه الجماعة.
ثالثًا: السيطرة على القضاء، حتى يسير وفقًا للهوى الإخواني، وضمانًا لعدم فتحه ملفاتهم القذرة من فساد ونهب للأموال العامة، لذا كان من بين قرارات قيس سعيد توليه رئاسة النيابة العمومية، للتأكد من عدم التستر على فساد النهضة وقادتها، وأن تتم التحقيقات بالسرعة المنتظرة في جرائم بحق تونس.
رابعًا: أخونة مؤسسات الدولة، من خلال الدفع بعناصرها داخلها، ليصبحوا هم المتحكمين في كل كبيرة وصغيرة فيها، وهؤلاء يعملون منِ منطلق الولاء الأعمى والكامل لما يتلقونه من تعليمات وتوجيهات من مكتب الإرشاد وأفرعه، وليس توخيًا للمصلحة العامة وخدمة المواطن، فهم مخاصمون لكل ما يمت بصلة للوطن والتعايش بين مكوناته ومفرداته بوئام وسلام.
خامسًا: المتاجرة بالدين، وتطويعه لتسويغ وتبرير جرائمهم المنكرة، وأبرز مَن يقوم بذلك شيخ الإرهاب يوسف القرضاوي، الذي عز عليه رؤية رفيقه الغنوشي يلفظه الشعب التونسي، فأوعز لكيان مريب أسسه وأسماه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أصدر فتوى تنص على أن إجراءات قيس سعيد حرام من الناحية الشرعية، لكن حلال للإخوان تقسيم تونس، وابتزاز الدولة بطلب تعويضات مالية، والتفرغ لتدبير المؤامرات والدسائس للتخلص من قيس سعيد، لأنه تصدى لهم ولخططهم الهدامة التخريبية، وإصابة البلد بالشلل السياسي.
ما سبق أجزاء مختارة من كتالوج حكم الإخوان، ففيه الكثير والكثير من بنود الهدم والتخريب، ومحاربة الدولة الوطنية، وهو ما يجعلنا نؤكد أن معركة تونس مع الإخوان في بدايتها وليس آخرها، وأن بانتظارها جولات ومعارك صعبة معهم، فهم لن يُسلموا بسهولة، وسيكون شغلهم الشاغل بالفترة القادمة معاقبة التونسيين على ثورتهم ضدهم، كما حدث بعد ثورة المصريين في الثلاثين من يونيو، ووسائلهم ليست خفية، منها الإرهاب، واستهداف القوى الأمنية وشخصيات سياسية مهمة مناهضة لها، ونشر الشائعات وإثارة الغبار حول كل ما يصدر عن الدولة، والتباكي بالمحافل الدولية على الديمقراطية ودولة القانون والشرعية.
على كل فإن ما جرى بالمنطقة بالسنوات السبع المنصرمة قدم دليلًا تلو الآخر على صواب ما قامت به مصر وقيادتها السياسية، في أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو، وبفضلها أضحت مصرنا نموذجًا يحتذى به في التنمية والازدهار، ومحاربة الإرهاب ومنابعه، وتحقيق حياة كريمة لائقة للمصريين في شتى المناحي.
حفظ الله مصر وتونس من كل سوء ومكيدة، وعلى الجميع الوقوف في ظهر الدولة التونسية، لاجتياز مرحلة دقيقة مؤلمة.