Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
الحمد لله الذي له مقاليد السماوات والأرض، يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، إنه بكل شيء عليم، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد فإن بعض الناس قد طعنوا في شخصية الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، فأصبح من الواجب الردُّ على هذه الطعون، فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد:
فضائل عمر بن الخطاب:
(1) روى البخاري عن أبي هريرة قال: “بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ قال: ((بينا أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لعمر بن الخطاب، فذكرتُ غيرتَه، فولَّيت مدبرًا))، فبكى عمر، وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!”؛ (البخاري، حديث: 3680).
(2) روى البخاري، عن ابن عمر، أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: ((بينا أنا نائم شربت – يعني: اللبن – حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري، أو في أظفاري، ثم ناولت عمر))، فقالوا: فما أوَّلته؟ قال: ((العلم))؛ (البخاري، حديث: 3681).
(3) روى البخاري، عن سعد بن أبي وقاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إيهًا – عجبًا – يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطانُ سالكًا فجًّا قط إلا سلك فجًّا غير فجِّك – طريقك -))؛ (البخاري، حديث: 3683).
(4) روى البخاري عن أنس بن مالك، قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أُحُد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فضربه برِجله قال: ((اثبُت أُحُد، فما عليك إلا نبيٌّ أو صدِّيق أو شهيدان))؛ (البخاري، حديث: 3686).
(5) روى البخاري عن أبي هريرة، أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: ((لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدَّثون، فإن يك في أمتي أحَدٌ، فإنه عمر))؛ (البخاري، حديث: 3689).
(6) روى البخاري عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بينا أنا نائم، رأيت الناس عُرضوا عليَّ وعليهم قُمُصٌ؛ فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعُرض عليَّ عمرُ وعليه قميص اجتره))، قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال: ((الدين))؛ (البخاري، حديث: 3691).
(7) روى البخاري عن عمر بن الخطاب قال: “وافقتُ اللهَ في ثلاث؛ قلت: يا رسول الله، لو اتخذت مقام إبراهيم مصلًى، وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البَرُّ والفاجر، فلو أمرتَ أمهاتِ المؤمنين بالحجاب؛ فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبةُ النبي صلى الله عليه وسلم بعضَ نسائه، فدخلتُ عليهن، قلت: إن انتهيتن، أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيرًا منكن؛ حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أمَا في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ فأنزل الله: ﴿ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ ﴾ [التحريم: 5]”؛ (البخاري، حديث: 402).
الطعون ضد عمر بن الخطاب والرد عليها:
سوف نذكر بعض الشبهات والطعون التي ذكرها بعضُ الناس في شخصية عمر بن الخطاب، ونذكر ردَّ العلماء عليها.
الشبهة الأولى:
قال الطاعنون: “سمَّوا عمر الفاروق، ولم يسموا عليًّا عليه السلام بذلك، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه: ((هذا فاروق أمتي؛ يفرق بين أهل الحق والباطل))، وقال عبدالله بن عمر: ما كنا نعرف المنافقين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ببغضهم عليًّا عليه السلام”.
الرد على هذه الشبهة:
هذان الحديثان، لا شكَّ عند أهل المعرفة بالحديث أنهما حديثان موضوعان مكذوبان على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُروَ واحد منهما في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا لواحد منهما إسنادٌ معروف، ولا وجود لهذين الحديثين، لا في كتب الأحاديث الصحيحة، ولا كتب الأحاديث الموضوعة.
الشبهة الثانية:
قال الطاعنون: “إن عمر بن الخطاب قال: متعتان كانتا محلَّلتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أنهى عنهما، وأعاقب عليها “.
الرد على هذه الشبهة:
تعريف المتعة:
المتعة: اسم جامع لمن اعتمر في أشهر الحج، وجمع بينها وبين الحج في سفر واحد.
الرد من عدة وجوه:
أولًا: نفترض أن عمر قال قولًا خالفه فيه غيره من الصحابة والتابعين.
روى مسلم عن مطرف بن عبدالله بن الشِّخِّير، عن عمران بن الحصين رضي الله عنه، قال: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب، ولم ينهنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فيها رجل برأيه ما شاء؛ (مسلم حديث: 1226).
وأهل السنة متفقون على أن كل واحد من الناس يؤخذ من قوله ويرد، إلا النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: روى النسائي عن أبي وائل، أن رجلًا من بني تغلب يقال له: الصبي بن معبد، وكان نصرانيًّا فأسلم، فأقبل في أول ما حج، فلبى بحج وعمرة جميعًا، فهو كذلك يلبي بهما جميعًا، فمر على سلمان بن ربيعة، وزيد بن صوحان، فقال أحدهما: لأنت أضل من جملك هذا، فقال الصبي: فلم يزل في نفسي حتى لقيت عمر بن الخطاب، فذكرت ذلك له، فقال: هُديت لسُنة نبيك صلى الله عليه وسلم؛
ثالثًا: كان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يأمرهم بالمتعة، فيقولون له: إن أباك نهى عنها، فيقول: إن أبي لم يُرد ما تقولون، فإذا ألحُّوا عليه قال: أفرسول الله صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن تتَّبعوا أم عمر؟
رابعًا: كان مراد عمر رضي الله عنه أن يأمرهم بما هو الأفضل، وكان الناس لسهولة المتعة تركوا الاعتمار في غير أشهر الحج، فأراد ألا يجعل البيت خاليًا طول السَّنة، فإذا أفردوا الحج اعتمروا في سائر السنة، والاعتمارُ في غير أشهر الحج أفضلُ من المتعة مع الحج في أشهر الحج، باتفاق الفقهاء الأربعة وغيرهم.
خامسًا: قال عمر وعلي رضي الله عنهما في قوله تعالى:﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، قالا: إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلِك؛ (أضواء البيان، للشنقيطي جـ4 صـ374).
أراد عمر وعلي رضي الله عنهما أن تسافر للحج سفرًا، وللعمرة سفرًا.
وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة في عمرتها: ((أجرك على قدر نَصَبك))، فإذا رجع الحاج إلى دويرة أهله، فأنشأ العمرة منها، واعتمر قبل أشهر الحج، وأقام حتى يحج، أو اعتمر في أشهره ورجع إلى أهله، ثم حج، فهاهنا قد أتى بكل واحد من النُّسكينِ من دويرة أهله، وهذا إتيان بهما على الكمال، فهو أفضل من غيره؛
الشبهة الثالثة:
قال الطاعنون: “قال عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتةً؛ أي: فجأةً من غير تريث ولا مشورة، وقى الله المسلمين شرَّها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه؛ وكونها فلتةً يدل على أنها لم تقع عن رأي صحيح، ثم سأل وقاية شرِّها، ثم أمر بقتل من يعود إلى مثلها، وكان ذلك يوجب الطعن فيه “.
الرد على هذه الشبهة:
قول عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتةً؛ معناه: أنها وقعت فجأةً لم نكن قد استعددنا لها ولا تهيأنا؛ لأن أبا بكر كان متعينًا لذلك، فلم يكن يحتاج في ذلك إلى أن يجتمع لها الناس؛ إذ كلهم يعلمون أنه أحق بها، وليس بعد أبي بكر من يجتمع الناس على تفضيله واستحقاقه، كما اجتمعوا على ذلك في أبي بكر، فمن أراد أن ينفرد ببيعة رجل دون ملأ من المسلمين فاقتلوه، وعمر لم يسأل الله وقاية شرها، بل أخبر أن الله وقى شر الفتنة بالاجتماع؛.
الشبهة الرابعة:
قال الطاعنون: “روى أبو نعيم في كتابه “حلية الأولياء” أن عمر قال عند احتضاره: يا ليتني كنت كبشًا لقومي فسمنوني ما بدا لهم، ثم جاءهم أحبُّ قومهم إليهم فذبحوني، فجعلوا نصفي شواءً، ونصفي قديدًا، فأكلوني، فأكون عذرةً، ولا أكون بشرًا، وهل هذا إلا مساوٍ لقول الكافر: ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40]؟”.
الرد على هذه الشبهة:
الرد من وجهين:
أولًا: هذه من مناقب عمر بن الخطاب، وهذا القول يدل على شدة خوف عمر من الله تعالى؛
روى البخاري عن المسور بن مخرمة، قال: لما طُعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس وكأنه يُجزِّعه (أي: يزيل جزعَه): يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنَّهم وهم عنك راضون، قال: أمَّا ما ذكرتَ من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه، فإنما ذاك مَنٌّ مِن الله تعالى مَنَّ به عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه، فإنما ذاك مَنٌّ مِن الله جل ذكره منَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي، فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه؛ (البخاري، حديث: 3692).
ثانيًا: قولهم: “وهل هذا إلا مساوٍ لقول الكافر: ﴿ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40]؟”، فهذا إخبار عن حالهم يوم القيامة حين لا ينفع توبة ولا خشية، وأما في الدنيا، فالعبد إذا خاف ربَّه كان خوفه مما يثيبه الله عليه، فمن خاف الله في الدنيا أمنه يوم القيامة، ومن جعل خوف المؤمن من ربه في الدنيا كخوف الكافر في الآخرة، فهو كمن جعل الظلمات كالنور، والظلَّ كالحَرُور، والأحياء كالأموات، ومن تولى أمر المسلمين فعدل فيهم عدلًا يشهد به عامتهم، وهو في ذلك يخاف الله أن يكون ظلَم، فهو أفضل ممن يقول كثير من رعيته: إنه ظلم، وهو في نفسه آمنٌ من العذاب، مع أن كليهما من أهل الجنة؛).