Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
الصحابي الجليل أبو هريرة، وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، في أرجح الأقوال في اسمه، كان -رضي الله عنه- من فقهاء الصحابة، ومن أئمة الفتوى، ويدل لذلك أمور:
أولًا: حرصه على سماع الحديث، وتفهمه، وليس حفظه وحسب، فقد روى البخاري في صحيحه أن أبا هريرة قال: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد ظَنَنْتُ -يا أبا هريرةَ- أن لا يسأَلني عن هذا الحديثِ أَحدٌ أوَّلَ منكَ؛ لِما رأيتُ من حِرصكَ على الحديثِ.
قال في عمدة القاري: فيه أن الحريص على الخير، والعلم، يبلغ بحرصه إلى أن يسأل عن غامض المسائل، ودقيق المعاني؛ لأن المسائل الظاهرة إلى الناس كافة، يستوي الناس في السؤال عنها؛ لاعتراضها في أفكارهم، وما غمض من المسائل، ولطف من المعاني، لا يسأل عنها إلا راسخ بحاث، يبعثه على ذلك الحرص، فيكون ذلك سببًا إلى إثارة فائدة، يكون له أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. اهـ.
ثانيًا: ما رواه مالك في موطئه عن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ, أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ: أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٌ مُحْرِمُينَ، فَاسْتَفْتَوْهُ فِي لَحْمِ صَيْدٍ، وَجَدُوا نَاسًا أَحِلَّةً يَأْكُلُونَهُ، فَأَفْتَيتهُمْ بِأَكْلِهِ، قَالَ: ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: بِمَ أَفْتَيْتَهُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَفْتَيْتُهُمْ بِأَكْلِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ أَفْتَيْتَهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لأَوْجَعْتُكَ. اهـ. فدل على أهليته للفتوى، فإن عمر –رضي الله عنه- لم ينكر عليه الإفتاء من أصله، ففيه دلالة على فقهه، وتأهله للفتوى، قال الدكتور عبد الكريم الخضير معلقًا على هذا الأثر: ومثل هذا يورد لبيان فقه أبي هريرة من وجوه: أولًا: إصابته الحق. الأمر الثاني: خوفه من الله -جل وعلا- أن يكون لم يصب، فأراد أن يتثبت مع ما في المسألة من هيبة عمر … اهـ
وفي بعض حواشي “نور الأنوار”: أن أبا هريرة -رضي الله عنه- كان فقيهًا؛ صرح به العلامة ابن الهمام في “التحرير”، كيف وهو لا يعمل بفتوى غيره، وكان يفتي بزمن الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم-، وكان يعارض أجِلَّةَ الصحابة -رضي الله عنهم-، كابن عباس -رضي الله عنهما-؛ فإنه قال: إن عدة الحامل المتوفَّى عنها زوجها أبعد الأجلين، فرده أبو هريرة -رضي الله عنه-، وأفتى بأن عدتها وضع الحمل، كذا قيل. انتهى.
قلت: كان أبو هريرة -رضي الله عنه- من فقهاء الصحابة -رضي الله عنهم-، ومن كبار أئمة الفتوى، قال الحافظ الذهبي في “تذكرة الحفاظ”: أبو هريرة الدوسي اليماني -رضي الله عنه- الحافظ الفقيه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان من أوعية العلم، ومن كبار أئمة الفتوى، مع الجلالة، والعبادة، والتواضع. انتهى.