عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، رضي الله عنهما، قال [ما نزَل بالناسٍ أمرٌ قَطُّ فقالوا فيهِ وقال فيهِ عُمَرُ إلّا نزَل فيهِ القرءانُ على نحوِ ما قال عُمَرُ].. رواه التِّـرْمِذِيُّ في (سننه) وقال [حسَن غريب من هذا الوجه] انتهى..
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [إنَّ الله جعلَ الحقَّ على لسانِ عُمَرَ وقلبهِ].. رواه التِّـرْمِذِيُّ في (سننه) وقال [وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه].. والحديثُ معناه أنَّ عُمَرَ كان مُلْهَمًا بالصَّوابِ.. هذا معناه..
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [إنَّه كان فيمن خلا من الأممِ قبلَكم أناسٌ مُحَدَّثونَ، وإن يكن في أمَّتي منهم أحَدٌ فهو عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ].. والْمُحَدَّثُ، بفتح الدالِ المشدَّدة، هو الْمُلْهَمُ بالصواب.. والحديثُ رواهُ أبو نُعَيْمٍ الأصبهانيُّ في كتابه (تثبيتُ الإمامةِ وترتيبُ الخلافة) من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه..ا
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [لو كان بعدي نبيٌّ لكان عُمَرَ بنَ الخطَّاب].. رواه التِّـرْمِذِيُّ في (سننه) وقال [هذا حديثٌ حسنٌ غريب، لا نعرفه إلّا من حديث مِشْرَحِ بنِ عاهان].. وهو حُجَّةٌ على من جوَّز النبوَّة بعد مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم.. هذا الحديثُ يفيد أنه لا نبيَّ بعد رسولِ الله مُحَمَّدٍ، ويفيد أنَّ منزلةَ عمرَ عاليةٌ عند الله.. ومن جملةِ معناه أنه لو شاء الله أن يكونَ عمرُ نبيًّا لجعله أفضلَ أهلِ عصره ونبَّأه، لكن لا نبيَّ بعد مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم.. فعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [كانت بنو إسرائيلَ تسوسُهم الأنبياءُ، كلَّما هلَك نبيٌّ خَلَفَهُ نبيٌّ، وإنَّه لا نبيَّ بعدي].. رواه البخاريُّ ومسلم في (صحيحَيهما)..
وَصَفَ الشاعرُ حافظ إبراهيم لحظةَ إسلامِ عُمَرَ بنِ الخطَّاب فقال [رأيتَ في الدينِ ءاراءً مُوَفَّقَةً فأنزل اللهُ قرءانًا يزكِّيها // وكنتَ أوَّلَ من قَرَّتْ بصحبتهِ عَيْنُ الحَنيفَةِ واجتازت أمانيها // قد كنتَ أعدى أعاديها فصِرْتَ لها بنعمةِ اللهِ حِصْنًا من أعاديها // خَرَجْتَ تبغي أذاها في مُحَمَّدِها وللحَنيفَةِ جَبَّارٌ يواليها // فلم تكد تسمعُ الآياتِ بالغةً حتَّى انكفأتَ تناوي من يناويها // سَمِعْتَ سورةَ طه من مرتِّلها فزَلْزَلَتْ نِـيَّـةً قد كنتَ تنويها // وقلتَ فيها مقالًا لا يطاولُه قولُ الْمُحِبِّ الذي قد بات يُطْريهَا // ويومَ أسلمتَ عَزَّ الحَقُّ وارتفَعَت عن كاهلِ الدين أثقالٌ يعانيها // وصاح فيه بلال صيحةً خَشَعَتْ لها القلوبُ ولبَّت أمرَ باريها // فأنت في زمن المختارِ مُنْجِدُها وأنتَ في زمنِ الصِّدِّيقِ مُنْجِيها // كَمِ استراكَ رسولُ الله مُغْـتَـبِـطًا بحكمةٍ لكَ عند الرأي يُلْقيهَا] انتهى كلامُ الشاعر حافظ إبراهيم..
وأمَّا الآراءُ الموفَّقة التي رءاها سيِّدنا عمرُ بنُ الخَطَّابِ ونزَل فيها قرءانٌ يزكِّيها فمنها ما أخبر به عمرُ نفسُه رضي الله عنه.. فقد ثبَت أنه قال، وهو الملهَم بالصواب [وافقتُ ربّي في ثلاث.. قلتُ {يا رسولَ اللهِ لو اتَّخَذْنا من مقامِ إبراهيمَ مصلَّى}، فنزل قولُه تعالى (واتَّخِذُوا من مقامِ إيراهيمَ مصلَّى) [البقرة/125].. وقلتُ {يا رسولَ الله لو أمرتَ نساءَك أن يَحْتَجِبْنَ فإنَّه يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ والفاجرُ}، فنزَلت ءايةُ الحجاب (يا أيُّها النبيُّ قل لأزواجك وبناتِك ونساءِ المؤمنينَ يُدْنِينَ عليهنَّ من جَلابيبهِنَّ) [الأحزاب/59].. وبلغني معاتبةُ النبيِّ بعضَ نسائه، فاسْتَقْرَيْتُ أمَّهاتِ المؤمنين، فدخلتُ عليهنَّ، فجعلتُ أسْتَقْرِيهِنَّ واحدةً واحدة {واللهِ لَئِنْ انْتَهَيْتُنَّ وإلّا لَيُبَدِّلَنَّ اللهُ رسولَه خيرًا منكنَّ}.. فأتيتُ على بعضِ نسائه فقالت {يا عمر، أمَا في رسولِ اللهِ من يَعِظُ نساءَه حتَّى تكونَ أنتَ من يَعِظُهُنَّ؟}.. فأنزل الله عزَّ وجلَّ (عسى ربُّه إن طَلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجًا خيرًا منكنَّ مسلماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائحاتٍ ثيِّباتٍ وأبكارًا) [التحريم/5]..] انتهى كلامُ عُمَرَ رضي الله عنه.. رواه البخاريُّ في (صحيحه) والإمامُ أحمدُ في (مسنده).. واسْتَقْرَى زيدٌ الأشياءَ استقراءً تَتَبَّعَهَا لمعرفةِ أحوالِها وخواصِّها..
وعن سعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ استأذنَ على رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، وعندَه نِسْوَةٌ من قريشٍ يُكَلِّمْنَهُ ويَسْتَكْثِرْنَهُ، عاليةً أصْوَاتُهُنَّ على صوتهِ، فلمَّا استأذن عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ قُمْنَ فبَادَرْنَ الحجابَ، فأذِنَ له رسولُ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، فدخل عُمَرُ ورسولُ اللهِ يضحك.. فقال عُمَرُ [أضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يا رسولَ الله].. فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم [عَجِبْتُ من هؤلاءِ اللاتي كُنَّ عندي، فلمَّا سَمِعْنَ صوتَك ابْتَدَرْنَ الحجابَ].. فقال عمر [فأنتَ أحقُّ أن يَهَبْنَ يا رسولَ الله].. ثمَّ قال عمر [يا عَدُوَّاتِ أنْفُسِهِنَّ أتَهَبْنَنِي ولا تَهَبْنَ رسولَ الله؟].. فقلنَ [نعم، أنت أفظُّ وأغلظُ من رسولِ الله].. فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم [إيهًا يا ابنَ الخَطَّابِ، والذي نفسي بيدِه ما لَقِيَكَ الشيطانُ سالكًا فَجًّا قطُّ إلّا سلَك فَجًّا غيرَ فَجِّكَ].. رواه البخاريُّ ومسلمٌ في (صحيحَيهما) من حديثِ سعدِ بنِ أبي وقّاصٍ..
ويقولُ الشاعر حافظ إبراهيم في مدح عُمَرَ رضي الله عنه [وراعَ صاحبَ كسرى أنْ رأى عُمَرًا بين الرَّعِيَّةِ عُطُلًا وهو راعيها // وعهدُه بملوك الفرسِ أنَّ لها سورًا من الجُنْدِ والأحراسِ يحميها // رءاهُ مستغرقًا في نومهِ فرأى فيه الجلالةَ في أسمى معانيها // فوق الثَّرَى تحت ظِلِّ الدَّوْحِ مُشْتَمِلًا،،، ببُرْدَةٍ كاد طولُ العهدِ يُبْلِيهَا // فهان في عينه ما كان يُكْـبِـرُهُ من الأكاسرِ والدنيا بأيديها // وقال قولةَ حَقٍّ أصبحت مثلًا وأصبح الجيلُ بعد الجيلِ يَرويها // أمِنْتَ لمَّا أقمتَ العدلَ بينهمُ فنمتَ نومَ قرير العين هانيها] انتهى كلامُ الشاعر حافظ إبراهيم.. {رَجُلٌ عُطُلٌ} أي لا سلاحَ له.. وجمعُه أعطال.. وأكبَر زيدٌ عَمْرًا إذا أعظَمَه وعدَّه كبيرًا.. يقولُ الله تعالى في سورةِ يوسف (فلمَّا رأينَه أكْـبَـرْنَهُ[31]).. صدق الله العظيم..
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
كان عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مَرَّةً على الْمِنْبَرِ يومَ الجُمُعَةِ يخطُب في الناسِ في المسجدِ، فرأى بكرامةٍ أعطاهُ اللهُ إيَّاها، أي من بابِ خَرْقِ العادةِ، رأى وَضْعَ جيشهِ، الذي بأرضِ العَجَمِ، ليس حَسَنًا، فلو انحاز العَدُوُّ إلى الجَبَلِ وتَمَكَّنَ وارتكَز على الجبلِ لأضَرَّ بالمسلمين، فناداهُ عُمَرُ [يا ساريةُ الجَبَلَ الجَبَلَ]، أي احذرِ يا ساريةُ جيشَ المشركينَ الذي التفَّ خَلْفَ الجبل.. وكان هذا النداءُ في أثناءِ الخُطْبَةِ.. و[ساريةُ بنُ زُنَيْمٍ] اسمُ قائدِ جيشِ المسلمينَ الذي أرسلهُ عُمَرُ لقتالِ المشركينَ في ناحيةٍ من بلادِ العَجَمِ.. ففوجئَ الناسُ بنداءِ عمر.. قالوا: ما لِعُمَرَ يتكلَّم بهذا الكلامِ وساريةُ بأرضِ العَجَمِ!!.. ثمَّ راجعوه بعدما نزَل وانتهى من الصلاة.. قال له جماعة من المؤمنين: سمعناكَ تنادي ساريةَ، وساريةُ بأرضِ العَجَمِ.. قال [إنما ذلك شيءٌ وقع في قلبي].. ما كَشَفَ لهم.. وقِصَّةُ عُمَرَ هذه صَحَّحَهَا الحافظُ الدِّمْيَاطِيُّ في جُزْءٍ ألّفَهُ لهذه القِصَّةِ، ووافقه السيوطيُّ على ذلك، وحَسَّنَهَا الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في (الإصابة)، وأوردها الحافظُ الزَّبيدِيُّ في (شرح القاموس).. ثمَّ بعد ذلك رَجَعَ الجيشُ من هناك، فأخبر قائدُ الجيشِ وغيرُه أنَّهم سمِعوا صوتَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ في يومِ كذا وكذا، فانحازوا إلى الجبل، فتمكَّنوا من العَدُوِّ فهزموهم وكسروهم.. عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، رضي الله عنه، ما باح لهم بذلك.. ما قال للناس: أيُّها الناسُ إنَّ اللهَ أكرمني بكرامة، مَكَّنَنِي من رؤيةِ وَضْعِ جيشي الذي يقاتلُ في أرضِ العَجَم، فوجدتُهم إن لم يلجأوا إلى الجبلِ ويتمكَّنوا هناك يَنْتَهِزُ العَدُوُّ الفرصةَ فيتمكَّنوا منهم.. هو لم يشرح لهم ما حصل له.. وهكذا أولياءُ اللهِ، إن ظَهَرَتْ لهم كراماتٌ يُخْفُونَهَا ولا يُظْهِرُونَها إلّا لسببٍ شرعيٍّ.. والحمد للهِ رَبِّ العالَمينَ أن جَعَلَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ في أمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم.. وفي (القاموسِ المحيط) للفيروزآبادي ما نصُّه [السَّارِيَةُ السَّحَابُ يسري ليلاً، والجَمْعُ سَوارٍ.. والسَّارِيَةُ الأُسْطُوانَةُ.. وسَارِيَةُ بنُ زُنَيْمٍ هو الذي ناداه عُمَرُ، رضي الله عنه، على الْمِنْبَرِ وسَارِيَةُ بنَهَاوَنْدَ.. وزُنَيْمٌ، بضَمٍّ ثمَّ فتحٍ، والدُ سَارِيَةَ] انتهى..
وعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال [رَحِمَ اللهُ عُمَرَ، يقولُ الحَقَّ وإن كان مُرًّا، تركَه الحَقُّ وما له صديق].. رواه التِّـرْمِذِيُّ في (سننه) من حديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ وقال [هذا حديثٌ غريبٌ لا نعرفُه إلّا من هذا الوجه].. ورواه السيوطيُّ في (الجامع الصغير) وصَحَّحَهُ..