جثته لم تتحلل وتابوته يحوي “هدايا الملك”.. لماذا يعتقد عالمٌ مصري باكتشاف قبر النبي يوسف؟
في العام ٢٠١٨، أعلن المتحف المصري بالقاهرة عن إعادة تقديم كنوز يويا وتويا لأول مرة منذ اكتشافها في العام ١٩٠٥، مع المجموعة الكاملة للاكتشاف التاريخي، لتكون بمثابة مفاجأة لمحبي الآثار المصرية، فمن يويا وتويا؟ وما مدى أهمية عرض مقتنياتهما؟
بعد خروج مجموعة توت عنخ آمون من المتحف المصري لعرضها بالمتحف الكبير الواقع في منطقة الهرم، خرجت مجموعة جديدة من مخازن المتحف المصري لتحل محل مجموعة الملك الفرعوني. ويويا وتويا لهما قصة مثيرة جعلتهما محط أنظار المهتمين فور الإعلان عن عرضهما.
آخر فصول الإثارة، والاستفهامات حول يويا وتويا كانت نظرية تقول إن “يويا” هو احد اخوة النبي يوسف عليه السلام وذهب البعض لقول انه قبر نبي الله يوسف الذي ذُكرت قصته في القرآن بسورة تحمل اسمه، استناداً إلى بعض الأدلة التي تتشابه مع حياة ابن النبي يعقوب.
مقبرة يويا وتويا
في العام ١٩٠٥، اكتشف المنقب الأمريكي “تيفيز” مقبرة فرعونية في وادي الملوك (شمال غرب مدينة الأقصر)، تقع بين مقبرتين ملكيتين فخمتين، حينها تعجب الباحثون من خلو المقبرة الصغيرة من الفنون الفرعونية المعروفة، إذ اعتاد ملوك الفراعنة تزيين قبورهم بالرسومات، لكن هذه المقبرة كانت مختلفة!
وجود قبر “يويا” بجانب قبر الملوك أثار عدة تساؤلات؛ ما دفع عالم المصريات جاستون ماسبيرو البحث عن السر: مَن هو الوزير الذي خلت مقبرته من الرسوم، والذي دُفن وسط مقابر الملوك؟
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
قاد البحث علماء الآثار إلى معرفة المزيد عن هذا الرجل، وبدأت النظريات والتأويلات التي تحاول تفسير اختلاف المقبرة عن غيرها تظهر، إذ رجح بعض الباحثين أن المقبرة تخص رجل دولة مهماً لدى ملوك الأسرة الـ ١٨، وأن هذا الرجل حمى عرش مصر، وهو أمنحتب الثالث، أو “يويا”.
و”يويا” هذا، والد زوجة الملك تحتمس الثالث، لهذا لقب بـ “أبو الفرعون”، وجدّ الملك الموحِّد إخناتون، وشغل منصب مستشار الملك وحمل ألقاباً عديدة.
أكد العلماء أن “يويا” لم يكن مصرياً، ودللوا على ذلك بطوله، وشكل أنفه غير المصري. لكن في العام ١٩٨٧ فجَّر عالم الآثار المصري أحمد عثمان مفاجأة، إذ أكد أن “يويا” هو نفسه النبي يوسف، مستنداً في نظريته إلى ٦ أدلة:
الدليل الأول
اسم “يويا” ليس مصرياً، وكتبه مؤرخو ذلك العصر بعدة طرق، وهو ما دل على جهل المدوّنين من عصره باسمه غير المعتاد على ثقافتهم، وهو الأمر الذي أكده جاستن ماسبيرو بنفسه وقد حضر بنفسه اكتشاف المقبرة، ودوَّن أن المصريين كتبوا اسمه بأكثر من طريقة، من بينها يويا، يو، يايا، ويو آي.
الدليل الثاني
حين فسر يوسف حلم “السبع بقرات” لملك مصر، أهداه الملك هدايا، ورد ذكرها في التوراة، وهي خاتم الملك، دليل مُلكه ونفوذه، وعجلة حربية من أصل عجلتين نادرتين تعودان لملك مصر، وخاتم ذهبي، وهو ما عُثر عليه في قبر “يويا”، باستثناء الخاتم الذي تمت سرقته أثناء اكتشاف المقبرة.
الدليل الثالث
تأكيداً لكون “يويا” ليس مصرياً، لاحظ علماء التشريح أن ملامحه كانت أجنبية بخلاف ملامح وجه زوجته “تويا”، ولم يكن النبي يوسف مصريًا بالفعل، فضلاً على وسامته غير العادية مقارنة بأنه توفي في عمر ١١٠ أعوام.
الدليل الرابع
المومياء لم تتعرض للتحلل مثل بقية المومياوات، وهي دلالة نبوَّته بحسب المعتقدات الإسلامية إذ ورد في حديث للنبي محمد “إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء”، وأنهم احياءٌ في قبورهم يصلّون، حتى إن ملامح شعره الأشقر لا تزال تظهر على المومياء حتى اليوم.
الدليل الخامس
خلو مقبرته من أي رسومات أو نقوش، رغم وجودها وسط مقابر الملوك والأمراء، التي كانت تعج بالرسومات والزخارف، وهو ما يراه العلماء دلالة نبوَّته، إذ لم يكن يعتنق ديانة الفراعنة ولم يكن يؤمن بمعتقداتهم الوثنية، بل كان موحّداً يؤمن بالله، وليس بعدّة آلهة كما كان يؤمن المصريون. وأنه كان يؤمن بأن الدين عند الله الإسلام، وأن الله لا شريك ولا شبيه ومثيل له.
الدليل السادس
دفنه في مقبرة ملكية، عكس كل الوزراء في مصر القديمة، وهو ما يراه عالم الآثار المصري أحمد عثمان وغيره ممن يؤكدون النظرية نفسها، دلالةً على كونه “عزيز مصر” كما وصفه القرآن، وأنه كان يحظى بمكانة تقترب من مكانة الملوك والأمراء.
بالخلاصة، مع هذه الأدلة لا يزال هناك من يرفض هذه النظرية ويراها غير منطقية، وهي بالفعل كذلك، مثل عالم الآثار المصري الشهير ووزير الدولة لشؤون الآثار السابق زاهي حواس؛ نظراً إلى أن لقب “أبو الفرعون” لم يكن استثنائياً للملك “يويا”، وأن كل ما يرد في هذه النظرية مجرد تخمينات دون ركائز ثابتة على كونه النبي يوسف عليه السلام إذ ان هناك روايتان عن قبر سيدنا يوسف عليه السلام رواها الحنبليّ وقال في الرواية الأولى أنّ الله تعالى قد أوحى إلى سيدنا موسى عليه السلام بدفن سيدنا يوسف عليه السلام إلى بيت المقدس عند أهله. وفي الرواية أنّ سيدنا يوسف لما توفّي تشاجر عليه الناس، وأراد كل واحد منهم أن يدفنه بالقرب منهم لتصل بركته عليه السلام اليهم، واختلفوا في الرأي وكادو أن يقتتلوا حتى اجتمعوا على أن يدفن في النيل لتصل بركته إلى أهل مصر كلها، ولما عرف سيدنا موسى بمكانه أخرجه من الماء ودفنه في بيت المقدس بجوار سيدنا إبراهيم عليه السلام، والله أعلم.