فرسان الهيكل والماسونية والمتنورون وغيرهم.. جماعات لطالما ألهبت مخيلة الكتاب وتناولتها الأفلام السينمائية، وكانت مادة دسمة لعاشقي نظريات المؤامرة
وما بين الواقع والأساطير بتنا لا نفرق بين حقيقة هذه الجماعات والشائعات التي تنسج عنها، فهل هذه المجموعات مسؤولة حقاً عن أحداث تاريخية مهمة مثل اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي والثورة الفرنسية؟ وهل فعلاً تنتمي شخصيات مهمة إلى بعض هذه المجموعات مثل أنجيلا ميركل، وجورج بوش، وتشرشل، وجورج واشنطن؟
بحسب موقع قناة History الأمريكية، إليكم القصص الحقيقية لأبرز 5 مجموعات سرية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بنظريات المؤامرة
جماعة فرسان الهيكل
كان فرسان الهيكل من المحاربين المكرسين لحماية من يسموهم الحجاج المسيحيين في رحلتهم إلى الأراضي التي يعتبرونها مقدسة خلال الحروب الصليبية.
وتأسّست هذه الجماعة العسكرية في العام 1118 تقريباً، عندما أنشأ هيوغز دي بانز، وهو فارس فرنسي، جماعة الجنود الفقراء المُتبعين أنفسهم للمسيح وهيكل سليمان، أو ما يُعرف اختصاراً بجماعة فرسان الهيكل.
وفي مقرها بجبل الهيكل في القدس، تعهّد الأعضاء بعيش حياة من العفة والطاعة والفقر، والامتناع عن لعب القمار وشرب الكحول وحتى السباب.
إلى جانب براعتهم العسكرية والأخلاقيات الصارمة التي اتبعها فرسان الهيكل – بحسب الروايات الغربية -، اشتهروا أيضاً بأنهم من أكثر القوى ثراء ونفوذاً في أوروبا، خاصة بعد إنشاء بنكٍ يسمح لمن يسموهم الحجاج بإيداع الأموال في بلدانهم الأصلية وسحبها في الأراضي التي يعتبرونها المقدسة.
وبلغ نفوذهم مستوى غير مسبوق في عام 1139، حين أصدر إينوسنت الثاني الملقّب بِالبابا مرسوماً بابوياً يعفيهم من دفع الضرائب، معلناً أنّ السلطة الوحيدة التي عليهم الانصياع لها هي سلطة البابا نفسه.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وفي ذروة قوتهم كجماعة، امتلك فرسان الهيكل جزيرة قبرص، وأسطولاً بحرياً، كما أقرضوا الأموال للعديد من الملوك
ماذا حدث لفرسان الهيكل؟
عندما انتهت الحروب الصليبية بعد تحرير عكا من الصليبيين، انسحب فرسان الهيكل إلى باريس، حيث صبوا تركيزهم على أعمالهم المصرفية
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول عام 1307، رفض فرسان الهيكل إقراض ملك فرنسا فيليب الرابع المزيد من الأموال، سيما أنه لم يسدد قروضه القديمة، فقام الملك بإلقاء القبض على مجموعة من الفرسان وتعذيبهم إلى أن اعترفوا تحت التعذيب اعترافات تدين الجماعة بالفسوق
وفي عام 1309، شهدت مدينة باريس إحراق العشرات من أفراد جماعة فرسان الهيكل على المحرقة بسبب جرائمهم
وتحت ضغطٍ من ملك فرنسا، قام البابا كليمنت الخامس بحل الجماعة رسمياً في عام 1312 وإعادة توزيع ثرواتها
في إثر ذلك بدأ الشائعات تنتشر حول فرسان الهيكل، وما لبثت تلك الشائعات أن تحولت إلى “نظريات مؤامرة”
فقيل إن فرسان الهيكل يحرسون تحفاً أثرية مثل الكأس التي يقولون فيها أن المسيح شرب منها في العشاء الأخير وكفن تورينو الذي يقولون إن المسيح كفن به – حسب الرواية المسيحية –
واليوم، لا تزال الكتب والأفلام السينمائية الشائعة مثل فيلم The Da Vinci Code تتناول العديد من تلك الشائعات التي حيكت حول فرسان الهيكل
الماسونيون، أو البناؤون الأحرار
لا عجب أن يكون التاريخ الأمريكي مليئاً بقصص الماسونية، ففي العام 1784 وقع 13 رجلاً من أصل 39 على على دستور الولايات المتحدة، وكانوا جميعهم من الماسونيين
كما اعتبر الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الحديثة مثل جورج واشنطن، وجيمس مونرو، وبنجامين فرانكلين، وجون هانكوك، وبول ريفير أنفسهم جميعاً أعضاءً في الجماعة الأخوية أو جماعة الماسونية
ولكن من هم الماسونيون؟
ببحسب موقع قناة History الأمريكية، فإن جذور الماسونيين تعود إلى العصور الوسطى في أوروبا، في وقت قُسِّم فيه غالبية الحرفيين إلى نقابات محلية
وإبان ذلك اضطر بناة الكاتدرائية، نظراً لطبيعة مهنتهم، إلى السفر من مدينة إلى أخرى
إذ تعرفوا على بعضهم البعض من خلال علامات تجارتهم، مثل البوصلة والمربع، الموجودة الآن في رمز الماسونية
وجاءت الإشارة الأولى إلى الماسونيين في كتاب “قصيدة ريجيوس أو مخطوطة هاليويل The Regius Poem, or Halliwell Manuscript”، الذي نُشر في عام 1390
لكن الماسونية كما نعرفها اليوم تأسست عام 1717، حين اندمجت أربعة محافل في لندن لتشكيل أول محفل كبير رئيسي بإنجلترا
بعد ذلك انتشرت الماسونية بسرعة في جميع أنحاء أوروبا، وواصلت انتشارها حتى وصلت إلى المستعمرات الأمريكية
معتقدات الماسونية
يقول الماسونيون إن منظمتهم لا تمثّل ديانة بعينها، ويأكدون أن المنظمة تشجّع الأعضاء على الإيمان بما يُسمّون؛ الكائن الأسمى أو “المهندس المعماري الكبير للكون”
وتسببت المعابد الماسونية والطقوس السرية بصراعات كبرى بين الماسونية وبين الكنيسة الكاثوليكية
وأدانت الكنيسة الماسونيين للمرة الأولى في عام 1738، وأصدرت حوالي 20 مرسوماً ضدهم
وفي عام 1985، أعاد الأساقفة الكاثوليك الرومان صياغة هذه القيود لأكثر من 200 عام في مواجهة تزايد أعداد الكاثوليك الذين انضموا إلى الجماعة
كما لم تكن الكنيسة عدوهم الوحيد؛ إذ تسبّب غموض الماسونيين بحالة انعدام ثقة فيهم خلال بداية حقبة نشأة أمريكا، مما ألهم تأسيس حزب مناهض للماسونية، أول حزب “طرف ثالث” أمريكي
هل يوجد ماسونيون اليوم؟
يتواجد الماسونيون اليوم، ويحرصون على أن ترتبط صورتهم العامة إلى حدٍّ كبير بالعمل الخيري البارز لجماعة أصحاب الأضرحة Shriners، وهي مجموعة مشتقة من الماسونيين تعرف أيضاً باسم “الرتبة العربية القديمة لنبلاء المزار الصوفي”
وتأسست جماعة أصحاب الأضرحة بوساطة الماسونيين في عام 1870 داخل كلية نيكربروكر في مدينة نيويورك، وتواصل أعمالها التطوعية حتى يومنا هذا
الانضمام للماسونية
تحاط شعائر التحول للماسونية بالكثير من السرية، ولكنها راودت الخيال العام في السينما والتلفزيون، وعرضت بشكل ساخر في إحدى حلقات مسلسل”عائلة سمبسون The Simpsons” الأمريكي
وتتاح عضوية المحفل الماسوني لجميع الذكور الذين تجاوزوا سن 21 عاماً، في حين يمكن للنساء الانضمام لمجموعة مرتبطة بالجماعة الرئيسية، تعرف باسم “منظمة النجمة الشرقية Order of the Eastern Star”
ووفقاً لصحيفة New York Times الأمريكية، يجب على الأعضاء الناشئين أن يطلبوا الانضمام للجماعة، ولا يمكن استمالتهم للانضمام بأي طريقة أخرى
إذا حصلت على موافقة، فستكون في رفقة جماعةً من المشاهير مثل الموسيقار الألماني وولفغانغ موزارت، ورئيس الوزراء البريطاني السابق وينستون تشرشل، والرئيس الأمريكي السابق فرانكلين روزفلت، والممثل الأمريكي جون واين
رمز الماسونية: المربع والبوصلة
الرمز الأكثر شهرة للماسونيين هو “المربع والبوصلة”
وفيه تلتقي زاوية مربع البناء مع البوصلة، وهي أداة مركزية في الهندسة، ويمثلها وفقاً لبعض الخبراء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حرف الـ “G” في قلب الرمز
وقد فسّر آخرون حرف الـ “G” على أنّه يُمثِّل الذات الإلهية، وهو المهندس الأكبر للكون كما يُعبِّرون
عين العناية الإلهية
لطالما كان القول بأن العين التي ترى كل شيء هي رمز الماسونية محل نقاش جدلي
فقبل فترةٍ طويلة من ظهور الماسونية، استخدم المصريون “عين حورس”، كما يتكرر ظهور العين التي ترى كل شيء في فن عصر النهضة بوصفه رمزاً للمسيحية والعناية الإلهية
لكن منظمات مثل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا تزعم أنّ الماسونيين هنري والاس وفرانكلين روزفلت اختاروا رمز العين عمداً عندما أعادوا تصميم ورقة الدولار عام 1934
ووفقاً للنصب التذكاري الماسوني القومي لجورج واشنطن، فإنّ “العين التي ترى كل شيء” ما هي إلا رمز ماسوني “للعناية اليقظة للمهندس الأعلى” بحسب قولهم، والتي بدأت تظهر في الأدب الماسوني المطبوع خلال منتصف القرن الثامن عشر
المتنورون
تأسّست جماعة المستنيرين بواسطة البروفيسور آدم وايسهاوبت داخل مملكة بافاريا الألمانية في مايو/أيار عام 1776
وسعى وايسهاوبت، ساخطاً على سلطة الكنيسة الكاثوليكية المحافظة والملكية البافارية، إلى تنحية الدين المنظم جانباً لصالح شكل جديد من “التنوير” عبر العقل
وبإلهامٍ من انتشار التنوير في جميع أنحاء أوروبا، استند وايسهاوبت أيضاً إلى أفكار ظهرت عن طريق جماعة اليسوعيون وجماعة أسرار حكماء الإغريق السبعة، والكابالا، والماسونية
كما أنَّه استقدم أعضاءً من الجماعة الماسونية بكثافة، إذ تسلَّل إلى المحافل الماسونية في سعيه لاستقدام بعض من الرجال الأكثر نفوذاً وثراءً في أوروبا
انقسم أعضاء مستنيري بافاريا، الذين يشار إليهم بـ Perfectibilists، إلى ثلاثة مستويات من السطوة المتزايدة، وكانوا مُنحدرين من النخبة الاجتماعية بما في ذلك نبلاء مثل الماسوني السابق البارون فون كنيغي والكاتب يوهان فولفغانغ فون غوته
وجرت كل اتصالات الجماعة بشكل مشفر، ومُنِحَ الأعضاء أسماءً مستعارة كلاسيكية قديمة، فعلى سبيل المثال كان لقب وايسهاوبت هو سبارتاكوس
ماذا حدث للمتنورين؟
ازدهرت المنظمة قبل القضاء عليها من قبل كارل ثيودور ناخب بافاريا، الذي أصدر مرسوماً يجعل الانتماء لجماعة المستنيرين جريمة يعاقب عليها بالإعدام في عام 1787
لكن وأد جماعة المستنيرين البافاريين لم يُهدِّىء من الأحاديث حول أنشطتهم السرية، وربط أصحاب نظريات المؤامرة بين ظهور الجماعة وبين كل شيء يحدث حولهم، بدءاً من الثورة الفرنسية وصولاً إلى اغتيال جون كنيدي
وكان المستنيرون بمثابة مصدر إلهام للروائي دان براون لكتابة روايته “ملائكة وشياطين Angels & Demons”، ومصدر إلهام للروائي الإيطالي إمبرتو إيكو لكتابة روايته “بندول فوكو Foucault’s Pendulum”
جماعة الجمجمة والعظام
جماعة الجمجمة والعظام هي جمعية سرية تأسست في جامعة ييل بمقاطعة نيو هيفن في ولاية كونيتيكت الأمريكية عام 1832
واستوحى ويليام هنتنغتون راسل، مؤسس الجماعة، فكرتها من طائفة غامضة قام بزيارتها في ألمانيا
وكان المؤسس المشارك في هذه الجماعة هو ألفونسو تافت، الذي أصبح فيما بعد وزير الحربية في عهد الرئيس يوليوس غرانت ووالد الرئيس ويليام هوارد تافت، الذي أصبح هو الآخر عضواً في جماعة الجمجمة والعظام
وتضم قائمة الرجال العظميين في هذه الجماعة Bonesman البارزة العديد من الرؤساء وسماسرة السلطة المعاصرين
كيف يمكن الانضمام إلى جماعة الجمجمة والعظام؟
كل عام، يُستدرَج 15 من طلاب العام الأخير بجامعة ييل للانضمام إلى جماعة الجمجمة والعظام
وصحيحٌ أنّ أسماء كل الأعضاء الجدد تُنشَر في موقع Yale Rumpus، لكن ما يحدث خلف الأبواب المغلقة لـ “المقبرة”، التي هي مكان التقاء يخلو من النوافذ ويلتقي فيه أعضاء الجماعة مرتين أسبوعياً، يبقى طيّ الكتمان لأنّ أعضاء الأخوية أقسموا على السرية
ويُشار إلى الأعضاء القدامى على أنهم “بطاركة”، بينما يُطلق على الأعضاء الذين يمرون بطقوس التلقي اسم “الفرسان”، أما الغرباء عن المجموعة فهم “البرابرة”
ومن بين مشاهير جماعة الجمجمة والعظام الرئيس ويليام هوارد تافت، والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب، وابنه الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، وهنري لويس مؤسس مجلة التايم، ووزير الخارجية والمرشح الأسبق للرئاسة جون كيري، وأعضاء من قائمة نخبة الـ500 لمجلة Fortune، وأعضاء بوكالة الاستخبارات المركزية
وزعم كتاب الفضائح “المؤسسة السرية لأمريكا America’s Secret Establishment” المثير للجدل، من تأليف عالم الاقتصاد أنتوني ساتو عام 1986، أنّ جماعة الجمجمة والعظام كانت في طريقها لخلق “نظامٍ عالمي جديد”، مما ساعد على انتشار عدد لا حصر له من نظريات المؤامرة حول هذه المجموعة
مجموعة بيلدربيرغ
عُقِد اجتماع بيلدربيرغ الأول في عام 1954 في فندق بيلدربيرغ بهولندا، ومنه حصلت المنظمة على اسمها
إذ كان هذا اللقاء، الذي عقده الأمير برنهارد أمير هولندا، بمثابة تجمع لسياسيين أقوياء من أمريكا الشمالية وأوروبا بهدف تعزيز علاقات أكثر وداً بين القارتين وسط مخاوف من تزايد معاداة أمريكا في أوروبا.
وبرغم أنها ليست جماعةً سرية على غرار جماعة المستنيرين أو الجماعة الماسونية، إلّا أنّ استخدام الجماعة لقاعدة تشاتام هاوس التي تحظر على أعضائها البارزين – ومن بينهم أسماءٌ مثل بيل كلينتون ومارغريت تاتشر وأنجيلا ميركل وتوني بلير وهنري كيسنجر – مشاركة ما يحدث في الاجتماعات هي ما تُضفي على المجموعة جواً من الغموض
إذ يُمنع الصحفيون من نشر أي تقارير عنها، ولا تُحرّر محاضر الاجتماعات
بيلدربيرغ ونظريات المؤامرة
وحسبما ورد في صحيفة The New York Times الأمريكية، أثا1رت درجة السرية المحيطة باجتماعات بيلدربيرغ الكثير من الشائعات، بما في ذلك نظريات غير مثبتة بأنّ حضور اجتماعات بيلدربيرغ هم الأذرع الحقيقية وراء تأسيس الاتحاد الأوروبي وغزو العراق وقصف صربيا
لطالما صوّر مروّجو نظريات المؤامرة المجموعة باعتبارها تتآمر لإنشاء نظام عالمي جديد
في حين يؤكد الموقع الرسمي للمجموعة على الإنترنت على أنه لا يتم استغلال مناصب المشاركين في الاجتماعات بأي طريقة، وأنهم يحضرونها بصفتهم أفراداً وليس بصفاتهم الرسمية
وتجدر الإشارة إلى أنّ الموضوعات العلنية التي سيجري نقاشها في اجتماع بيلدربيرغ لعام 2019 هي اتفاقية بريكست “انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي”، والأمن السيبراني، وتغير المناخ
ولطالما تسبب ما يحدث وراء الأبواب المغلقة لهذه المجتمعات السرية في إثارة الجدالات لعدة قرون
والأمر الوحيد الواضح هو أنّها لا تزال تثير خيال وفضول العامة