المجتمع السوداني قوي الحاسة الدينية، ويغلب عليه التسامح، وهو متصوف بامتياز، ولا يختلف اثنان في أن الطرق الصوفية قد شكلت وجدان معظم أهله، إذ يتسم الإسلام في السودان بصبغة صوفية خاصة.
إن أغلبية المسلمين في السودان ينتمون إلى جماعات صوفية، بل وتتوارث هذا الانتماء ابنا عن أب، فهناك قرب للصوفية من وجدان السوداني خاصة، وأن الإسلام انسرب في هذا الوجدان، وما كان ليستكين في وجدان أهل السودان لولا تعاليم الفقهاء المتصوفة الأول، ولم يكن سبيل هؤلاء الرجال في نشر الدين إكراها.
ومع اختلاف أساليب المتصوفة في التقرب من الله تعالى، إلا أن هناك مالا اختلاف عليه بينهم، ومن ذلك أن أهم صفة في سالك الطريق هي الإخلاص، وأن العلم هو الأساس، ولابد من إحكامه، وتقييده بالكتاب، والسنة النبوية الشريفة.
إن التاريخ يوثق دور الصوفية في نشر الإسلام بالسودان، ومنه إلى العمق الأفريقي، فالإسلام في السودان هو في جوهره، وعمومه صوفي، ولذلك تمثل الصوفية عمق الوجدان السوداني.
كما يلاحظ أن عددا كبيرا من الفقهاء الأصوليين اتجهوا للجمع بين منهجي الظاهر، والباطن، وصاروا من مؤيدي الطرق الصوفية، وبهذا التلاقح ساد السودان الفكر الصوفي الذي استطاع استيعاب الحالة الفكرية السابقة له في توافق عقلي ونفسي معها.
ولولا الصوفية لما تمكن الإسلام من اختراق السودان وأفريقيا، و ويقول الدكتور عبد القادر محمود في كتابه الطوائف الصوفية في السودان “إن التصوف ألغى العصبة القبلية العنيفة، وأزال كل تمايز”.
اقرأ ايضًا براءة مشايخ الصوفية عبر الضغط هنا
ويقول المفكر الإسلامي الصادق المهدي في كتابه مستقبل الإسلام في السودان “إن غالبية العلماء المسلمين الذين توجهوا إلى السودان لنشر الإسلام، وثقافته كانوا يأتون عبر مصر أمثال محمود العركي، أما مشايخ الطرق فقد أتى معظمهم عبر الحجاز، والمغرب أمثال عبد الكافي العربي والشيخ حسن والشيخ التلمساني المغربي أستاذ الشيخ محمد عيسى سوار الذهب والشيخ تاج الدين البهاري القادم أصلا من العراق للسودان عبر الحجاز، وقد أسهموا جميعا في إرساء قواعد الإسلام في السودان”.
ويضيف “لقد أفضت جهود العلماء، والمشايخ إلى منجزات كثيرة أهمها نشر الإسلام في السودان سلميا، وإقامة قنوات قاعدية للتعليم الديني، والإرشاد، وتنظيم النظم الاجتماعية السودانية بإتاحة مواعين لاستيعاب القبائل المتعددة، وإقامة تجمعات سكانية عامرة كانت هي البدايات لكثير من المدن السودانية، والتصدي للحكام نصحا، وتوسطا”.
وأشار إلى “أن المجتمع السوداني قوي الحاسة الدينية، وهو مجتمع يغلب عليه التسامح في تلوين العلاقات بين الناس”.
ويقول شيخ الطريقة الإسماعيلية بالخرطوم مختار مكي محمد – في تصريحات خاصة لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى الخرطوم – عن دور الصوفيين في نشر الإسلام في السودان، ومنه إلى القرن الأفريقي “إن الإسلام انتشر في السودان عبر السادة الصوفية من خلال مؤسسة المسيد، وهو في جوهره، وعمومه صوفي، ولذلك تمثل الصوفية عمق الوجدان السوداني، كما أن الإسلام كممارسة وجدانية يجسد أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو النهج الذي عليه الصوفية”.
اقرأ ايضًا من العقائد السنية عند الزهاد والصوفية الصادقين عبر الضغط هنا
وبين أن الطرق الصوفية تعد المعول الأكبر في تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم الناس شئون دينهم، ودنياهم، وتهذيب السلوك، وترسيخ القيم الإسلامية.
وحول اتجاه التصوف السوداني نحو توسع علاقاته الخارجية، قال “إن المجمع الصوفي العام يمثل واجهة المتصوفة بالسودان الخارجية”.
وبين أن الذكر هو جوهر الممارسة الصوفية، وأن مصطلح الراتب الذي تستخدمه الطريقة الإسماعيلية للدلالة على شعائرها الخاصة هو جزء من أوراد، وأساس الطريقة ووقته في اليوم بعد “الصبح، والمساء”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website