كثرت التكهنات حول حركة طالبان عقب انتصارها على الاحتلال الأمريكيّ وحكومته العميلة، فمنهم من ألحقها بداعش ومنهم من جعلها في صفّ الوهابية التكفيرية، ومنهم من أكّد أنها سنية ماتريدية بل ذهب البعض إلى القول أنها حركة بالأساس صوفية اضطرت إلى حمل السلاح للدفاع عن أرضها ضد الإحتلال السوفييتي آنذاك, ولعلّنا في هذه المساحة الصّغيرة نلقي الضّوء على أهمّ الأسئلة التي يمكن أن تخطرُ في بال الباحثين والرّاغبين بالتّعرف إلى خلفيّة طالبان الفكريّة وما يلحق بها
وهابية إرهابية أم حركة مقاومة صوفيّةٌ مقاتلة؟
الإنتماء العقائدي
تنتمي طالبان إلى العقيدة الماتريديّة في غالب أفرادها، وهي منسوبةٌ إلى الإمام أبو منصور الماتريديّ وهو من أعلام أهل السّنة والجماعة، والماتريديّة وهي فرقة من أشهر فرق السّنة الاعتقاديّة وأقربها إلى الأشاعرة، والماتريديّة هو المذهب الاعتقادي لأتباع المذهب الحنفي في عموم أنحاء العالم الإسلاميّ، وهو الأكثر انتشارًا في أفغانستان والهند والصين، وبنغلادش، وباكستان، وتركيا، وإيران، والجمهوريّات الرّوسيّة المسلمة، وكان هو المذهب الاعتقاديّ الرّسميّ للدّولة العثمانيّة
وتنتمي شريحةٌ يسيرةٌ من طالبان إلى المذهب الأشعريّ المنسوب إلى أبي الحسن الأشعري، بينما لا تكادُ تجدُ في صفوف طالبان سواء على مستوى الأفراد أو القيادات من ينتمي إلى التيّار الوهابي النجدي التكفيري المنسوب إلى محمد بن عبد الوهاب أو غيرها من :السلفيّات” بما فيها السلفيّة الجهاديّة التي تفرّعت منها داعش والقاعدة.
فحركة طالبان ليست حركة وهابية قتالية ولا وهابية علميّة ولا وهابية حركيّة، فمن يحاول نسبة طالبان إلى داعش أو القاعدة فقد وقع في خللٍ منهجيّ وعلميّ، بل إنّ القاعدة وداعش ينظرون إلى طالبان بناءً على عقيدتهم على أنّهم مبتدعةٌ منحرفون في الاعتقاد لكنّهم كانوا يتعاملون معهم من باب الحاجة إلى التّحالف والواقعيّة السياسيّة التي تكفر بها داعش والقاعدة حيثُ لا تكون لهما حاجةٌ إليها.
اقرأ ايضًا الأزهر يبدأ حملة موسعة لمواجهة التطرف والفكر الوهابي بنشر الفكر الأشعري عبر الضغط هنا
الإنتماء الفقهي
حركة طالبان تعتنق المذهب الحنفي – مذهب الإمام ابو حنيفة النعمان – في الفقه وهو مرجعيّتها التي تصدر عنها أحكامها في المسائل الكبرى والمسائل الفرعية التفصيليّة، وهو المذهب الرّسميّ في عموم أفغانستان والدّول المحيطة بها، ومن المُلاحظ أنّ عموم المنتمين للمذهب الحنفي من غير العرب يعتنقون المذهب الفقهيّ مع تعصّب شديدٍ له وتشدّد في تطبيق أحكامه، وهذا ما تتصف به طالبان أيضًا في التّعامل مع فروع المذهب الحنفيّ، وهو منسجمٌ مع تعامل عامّة المنتمين للمذهب من غير العرب.
اقرأ ايضًأ مِن أبرز أتباعه البيهقي والسيوطي والغزالي .. ماذا تعرف عن المذهب الأشعري؟ عبر الضغط هنا
الإنتماء الطرقي
تنتمي حركة طالبان إلى المدرسة الصّوفيّة الطرقيّة كما هو شأن الحركة الديوبندية عمومًا، وعموم أفرادها وقياداتها ينتمون إلى ثلاثة من الطرق الصّوفيّة وهي:
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
الطّريقة النّقشبنديّة: وتنسب هذه الطريقة إلي الشيخ بهاء الدين محمد بن البخاري والملقب بشاه نقشبند (ت: 1389م)
الطريقة الجشتية: وتنسب هذة الطريقة إلى الشيخ معين الدين الجشتي الأجمير (ت: 1236م)
الطّريقة القادريّة السهرورديّة: هي طريقة تنسب إلي الشيخ أبو النجيب عبد القادر السهروردي (ت: 1168م).
فحركة طالبان إذن حركةٌ إسلاميّةٌ سُنّيةٌ تنتمي إلى المدرسة التّقليديّة فقهًا وفكرًا وهي ماتريديةٌ حنفيّةٌ صوفيّة وليست فرقة وهابية تكفيرية ضالة وتختلفُ طالبان عن القاعدة وداعش من حيث الانتماء الاعتقاديّ والمرجعيّة الفكريّة والفقهيّة كما رأينا آنفًا.
أولًا: الموقف من جماعة الإخوان المسلمين
في عام 2001م كانت حركة طالبان تتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين بوصفها عدوًّا تنظر إليه نظرة المفاصلة بين الكفر والإيمان، وتصف الإخوان المسلمين بأنّهم أشدّ خطرًا على الإسلام من الشّيوعيّين، وكانت تهاجم أفرادها وتغلق جمعيّاتها، بينما قامت طالبان في السنوات الأخيرة بتغيير كبيرٍ في تعاملها مع حزب الإخوان لاعتبارات سياسية من غير أن يغيّروا مبدأهم فيهم.
شاهد بالفيديو أستاذ الشريعة في الأزهر: حلمي أن أرى وهابيًا لا يكفّر المسلمين! عبر الضغط هنا
المصدر: الجزيرة من (بتصرّف)