الإسلاموفوبيا، أستعمل هذا المصطلح ببعض التحفظ، ذالك أن الفوبيا هي الخوف الشديد من امر ما والخوف شعور خارج عن إرادتها، نعذر به ولا نلام عليه٠ أما الإسلاموفوبيا فلا أراها خوفاً عفوياً لا إرادة لصاحبه فيه، وإن كان عند قلة، فهو ناجم عن جهل ولا يعذر الجاهل بجهله لمواطنيه، الذين يتقاسمون معه الوطن لأجيال وعقود، في العمل والمدارس والشوارع والمقاهي لا يعذر الجاهل بجهله للواقع والقانون، فضلاً عن سن قوانين تعتدي على حقوق وحريات مواطنين لتهدئة روعة الجاهل بها وبهم.
الإسلاموفوبيا هي ليست الخوف من الإسلام بل هي الكراهية للإسلام والمسلمين. والحجابوفوبيا هي الكراهية للحجاب والمحجبات, والكراهية شعور فيه قدر من الإرادة والمسؤولية خاصة إذا كانت مدفوعة، متغذية بصور نمطية، ومقاربات سطحية، يعمم فيها كل ما هو سيء من فرد، على كل المشتركين معه في الأصول أو اللون أو المعتقد، تجرم القوانين والمواثيق الدولية التعبير عن الكراهية، لأنها أولى خطوات العنصرية والإقصاء، والتنابذ بين المواطنين، ثم بين الشعوب، وما يتلوها من حروب ومأسي وصراعات.
لا يمكن أن نفهم جوهر ما يجري هذه الأيام فوق الديار الفرنسية بخاصة، وعلى القارتين الأوروبية والأمريكية بعامة، من حملة إعلامية وسياسية واسعة ضد حق المسلمات في ارتداء الحجاب، على أنه قضية خاصة بقطعة ثوب صغيرة تستر بها النساء والفتيات المسلمات شعور رؤوسهن فحسب، بل إن الأمر يتجاوز مجرد ثوب صغير إلى قضية أكبر من ذلك. وليست تلك القضية سوى الحضور الإسلامي في الغرب.
بسرعة جنونية، ودون تريث ولا تعقل، تقفز إلى القشرة الدماغية معركة “بواتييه” الشهيرة كلما ذكر الإسلام في فرنسا، وينتصب الملك “شارل مارتل” بطلا فرنسيا ـ بل أوربيا ـ دون منازع، بوقوفه حجرا محجورا أمام المد الإسلامي المغربي، وإنقاذه أوروبا النصرانية من أن تصبح أوروبا الإسلامية حسبما يروّجون، وهكذا تتقمص النفس ـ في هذا الزمان ـ أحداث قرون قد خلت من قبل، وتصبح باريس هي “بواتييه” اليوم وعلى عاتقها مهمة رد الغزو الإسلامي الجديد، لكن مع فروق كثيرة لا تسلط عليها الأضواء عن سابق عمد وترصد.
وبالعودة إلى حاضرنا, قالت رقية ديالو الكاتبة في قسم المقالات الدولية بصحيفة “واشنطن بوست” إن التصويت الأخير في فرنسا حول قانون “الانعزالية” أو “الانفصالية” كشف عن المدى الذي تذهب إليه الجمهورية في استبعاد المسلمين.
وأشارت إلى ما نشرته النائبة الديمقراطية المسلمة الكونغرس الأمريكي إلهان عمر على حسابها في إنستغرام “فرنسا، العالم يراقب” مع فيديو يصورها وهي ترتدي الحجاب وهاشتاغ انتشر بشكل واسع “هاشتاغ هاند أوف ماي حجاب” (ارفعوا يدكم عن حجابي). وقد بدأت الهاشتاع مجموعة من النساء المسلمات الأمريكيات لدعم المسلمات الفرنسيات وأدى لظهور ملايين من مقاطع الفيديو على تيك توك وذلك بعدما صوتت فرنسا لمنع الفتيات المسلمات تحت سن الـ 18عاما وأمهاتهن اللاتي يرافقنهن في الرحلات المدرسية من ارتداء الحجاب والسباحة في المسابح بزي بوركيني.
يقول المفكر وأستاذ العلوم السياسية “فرنسوا بيرقا” ان الديمقراطية الفرنسية في أزمة، ما لم تسمح بتواجد الفرنسي المسلم، في المجال الرسمي والنخبوي والسياسي٠ فالديمقراطية والتنوع الحقيقي، للمحافظة على السلم الاجتماعي، هو قبول المسلم بشخصه, الواقع أن السياسيون والنخب الفرنسية المسيطرة على المشهد الإعلامي والثقافي، يحبون فقط الفرنسي المسلم الذي تخلى عن إسلامه، لذر الرماد في العيون، يلتجأ بعض الاعلام، والنخب السياسية إلى تمثيل المسلمين في الحضور الإعلامي والرسمي ببعض المسلمين الخالين من الدهون (لايت) فيصدروا بعض الاسماء العربية، الإقصائية والمعادية بشدة للإسلام أو للحجاب، للحديث عما يريده الفرنسي والمواطن المسلم٠
يأكد كل العقلاء، والمفكرين والسياسيين المعتدلين، أن فرص تجنيب البلاد الانقسامات، والفتن، يكمن فقط في احترام المعتقد واللباس للمسلمين، وفي إعطاء الكلمة لمسلمي فرنسا المعتدلين، والاستماع إلى مشاكلهم واشراكهم في الحلول وفي البناء كمواطنين مكتملي المواطنة دون وصاية أو استنقاص .و يعتبرا لحقوقيون أن التصدي للإسلاموفوبيا أمر عاجل ففي إحصائية رسمية صرح 42 % من الفرنسيين المسلمين انهم تعرضوا للإقصاء مرة واحدة على الأقل في حياتهم بسبب دينهم، وتصل هذه النسبة إلى 60 % بنسبة للفتيات والنساء المحجبات٠ وأن مئات الشكوى تصل إلى الجمعيات المناهضة للعنصرية وخاصة جمعية مناهضة الإسلاموفوبيا، وتصل إلى المحاكم٠ أحيانا تؤكد تضاعفا خطيرا للإسلاموفوبيا
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
المصدر: وكالات