أضاف اكتشاف خاتم فضي به نقش عربي في مقبرة للڤايكنغ مصداقية إلى الروايات القديمة، التي تقول إن العرب التقوا بالشعب البحري المُحارب في مناسبات عديدة، وكان بينهما تبادلات تجارية وثقافية واسعة.
وما يدعم ذلك العثور على خاتم لطالما أثار فضول الباحثين، إذ حمل نقوشاً عربية تتضمن لفظ الجلالة في قبر سيدة من الڤايكنغ يعود للقرن التاسع، بالإضافة لكلمات عربية وُجدت منقوشة على ملابس دفن سيدة في مقبرة أثرية أخرى.
لفظ الجلالة بالخط الكوفي على الخاتم الأثري
وفي التفاصيل تم اكتشاف خاتم فضّي بمقبرة أثرية في بيركا، وهي مركز تجاري تاريخي فيما يعرف الآن بالسويد، يعود لامرأة من القرن التاسع واكتشف بعد حوالي ألف عام من قبل عالم الآثار السويدي الشهير هجلمار ستولب، الذي قضى سنوات في التنقيب في مواقع المقابر حول بيركا.
الخاتم فريد من نوعه، مصنوع من سبائك الفضة، ويحتوي على حجر به نقش مكتوب بالخط الكوفي العربي الذي استُخدم على نطاق واسع بين القرنين الثامن والعاشر الميلادي.
وبحسب تغطية Washington Post للاكتشاف، جاء في النقش المخطوط على الخاتم عبارة “إلى الله”، وهو بذلك يُعد الدليل الأثري الأول الذي يحتوي على نقش عربي في كل الدول الاسكندنافية.
ومع ذلك لم يكن من الواضح كيف حصلت المرأة صاحبة المقبرة على الخاتم، فقد وُجدت ترتدي فستاناً اسكندنافياً نموذجياً تقليدياً، لذلك من المفترض أن الخاتم وصل إليها من خلال التجارة أو العلاقات العابرة مع العرب والمسلمين القدماء.
وبعد تحليل الخاتم، اكتشف الباحثون عام 2015، وفقاً لمجلة Scanning العلمية، أن الحجر الموجود في الخاتم هو في الواقع زجاج ملون، وهو ما كان مادة غريبة بالنسبة للڤايكنغ في ذلك الوقت، بينما كانت مادة معروفة ومُستخدمة منذ آلاف السنين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
لكن اللافت أن الخاتم لم يكن بالياً على الإطلاق، ما دفع الباحثين للاعتقاد أنه لم يكن له مالكة سابقة قبل تلك السيدة المنتمية للڤايكنغ. وبدلاً من ذلك يتضح أنه يُظهر اتصالاً مباشراً بين مجتمع المحاربين البحريين والخلافة العباسية، التي هيمنت على جزء كبير من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويعتقد المؤلفون إنه ليس من المستحيل أن تكون المرأة نفسها، أو شخص قريب منها، قد زار أو حتى نشأ في الخلافة العباسية أو المناطق المحيطة بها.
رحلات تجارية امتدت للقسطنطينية وحتى بغداد
وتدعم تلك الأدلة أن السكان الاسكندنافيين من هذه الفترة كانوا يحتكون بالعالم الإسلامي المبكر في مناسبات عديدة. وبحلول القرن الحادي عشر أصبح الڤايكنغ معروفين برحلاتهم البحرية الطويلة، حيث كانوا يسافرون إلى أقصى الغرب مثل الأمريكتين، ومن المحتمل أنهم وصلوا إلى القسطنطينية وحتى بغداد عندما سافروا في الاتجاهات الأخرى.
وبينما تشير الروايات المعاصرة عن الڤايكنغ إلى أنهم مجموعة من الغزاة المرعبين والهمج من أوروبا الغربية، فإن معظم الروايات تشير إلى أنهم كانوا يبحثون بدلاً من ذلك عن طرق تجارية وفرص للربح عندما ذهبوا شرقاً.
لفظ الجلالة منسوج في ملابس الڤايكنغ
ووجدت جامعة سويدية أيضاً، حروفاً عربية بكلمة “الله” و”علي” منسوجة في ملابس دفن لأحد المنتمين للڤايكنغ. ووصف باحثون في جامعة أوبسالا عام 2017 بحسب موقع BBC اكتشاف الأحرف الكوفية الهندسية على أشرطة منسوجة من الحرير بأنه “مذهل
وكان الباحثون في جامعة أوبسالا، أقدم جامعة في السويد، يعيدون فحص الملابس التي عُثر عليها في الأصل في مواقع دفن الڤايكنغ في بيركا وجاملا أوبسالا في السويد، عندما تأكدوا أن اتصال الفايكنغ بالعالم الإسلامي هو بالفعل حقيقة راسخة.
وقد عُثر على أكثر من 100,000 قطعة نقدية فضية إسلامية تعرف بالدرهم في الدول الاسكندنافية في عصر الڤايكنغ. وأظهر تحليل الحمض النووي لمقابرهم أيضاً أن بعضها يحتوي على أشخاص تعود أصولهم إلى بلاد فارس وفقاً لصحيفة The Guardian.
لذلك سجل الرحالة العربي أحمد بن فضلان لقاءه قبل أكثر من 1000 عام بعرق غريب أطلق عليه اسم “الروسية”، المعروف الآن باسم الڤايكنغ.
الرحالة ابن فضلان ولقاؤه بالمحاربين الڤايكنغ
سجل الرحالة العربي أحمد بن فضلان لقاءه قبل أكثر من 1000 عام بعرق غريب أطلق عليه اسم “الروسية”، المعروفين الآن باسم الڤايكنغ. وقد التقى فضلان لأول مرة بالمحاربين الاسكندنافيين أثناء سفرهم عبر السهوب الروسية، مبحرين بسفنهم الطويلة أسفل نهر الفولغا، متطلعين للتجارة مع العالم العربي.
وبالنسبة للعرب الذين قابلوا الڤايكنغ، لطالما كان رد الفعل مزيجاً من الرعب والانبهار، على سبيل المثال نقلوا عنهم قيام الرجال الموشومين بشكل كثيف في كل أنحاء جسمهم بتأدية طقوس دفن وحشية تضمنت قتل العبيد وتقديم القرابين الدامية.
الرحالة الأندلسي الطرطوشي تفاجأ من طقوسهم الغنائية
وقد صادفهم كذلك الرحالة الأندلسي إبراهيم بن يعقوب الطرطوشي، الذي كتب أن الڤايكنغ الذين وصلوا إلى شليسفيغ، وهي الآن بلدة هيديبي على الحدود بين ألمانيا والدنمارك، عاشوا في مجتمع يمكن فيه للمرأة الطلاق متى شاءت، ويضع كلا الجنسين “مكياج العيون الاصطناعية”.
وحول غنائهم كتب الطرطوشي بحسب موقع The National News: “لم أسمع أبداً أي غناء فظيع أكثر من غناء الناس في شليسفيغ. إنه تأوه يخرج من حناجرهم، على غرار لحاء الكلاب، وهو يشبه إلى حد كبير صوت حيوان بري”.
وبالتالي لم يكن الخاتم أو قطعة القماش المنقوشة هي الدلائل الأولى من نوعها فيما يتعلق بالروابط بين الڤايكنع والعرب والعالم الإسلامي، ولكن “يمكن القول إنه حتى الآن أفضل دليل على الاتصالات المباشرة بينهما”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website