قد تكون الحكايات الأسطورية التي دارت حول السفاح بيتر نيرس أقل شهرة من تلك التي دارت حول فلاد المخوزق الذي اقتبست من شخصيته رواية دراكولا الشهيرة، لكنها بالتأكيد ليست أقل رعباً.
بحسب ما نشره موقع All That’s Interesting؛ ترددت العديد من الأساطير حوله، فقيل إن نيرس كان أحد أساتذة ممارسة السحر الأسود للدرجة التي مكّنته من جعل نفسه غير مرئي، أو التحول إلى قطة، أو كلب، أو عنزة. وقيل إنه حصل على هذه القدرات الخارقة عن طريق أكل الأجنة البشرية، وإنه كان يحتفظ بالأيدي والأقدام المقطوعة من الرضع في حقيبة جلدية يحملها دائماً.
لا عجب إذاً أن يتردد اسم اللص وقاطع الطرق الألماني بين بعض أسوأ السفاحين في التاريخ. هذه هي حكاية بُعبُع العصور الوسطى، السفاح بيتر نيرس.
نشأة الساحر السفاح بيتر نيرس وحرب الطبقات الاجتماعية
وُلد نيرس لعائلة من الفلاحين الألمان في القرن السادس عشر، وعاصر تفشي الصراعات الطبقية. ولا شك أن الظروف المعيشية اللاإنسانية والطريقة التي عُوملت بها طبقة الفلاحين كانت حافزاً لاعتلاله الاجتماعي في وقت لاحق من حياته.
ارتكب نيرس جرائمه في أعقاب انتفاضة الفلاحين التي بدأت عام 1525 وامتدت لتشمل جميع أنحاء ألمانيا. وهي تعرف أيضاً باسم حرب الفلاحين الألمانية، وكانت هذه الثورة هي أكبر انتفاضة في أوروبا حتى الثورة الفرنسية. واقتحمت خلالها جيوش الفلاحين قلاع ملاك الأراضي الأثرياء والأديرة والمدن.
نتيجة لذلك، ارتفعت معدلات الجريمة في ألمانيا. وتكشف السجلات الألمانية أن القتل كان يمثل نحو 11-15% من مجموع الجرائم بالبلاد بين عامي 1570 و1590. ومن هذه الخلفية من العنف والفوضى نشأ بيتر نيرس.
جرائم عصابات قطاع الطرق
ساهمت الثورة بشكل طبيعي في تعزيز بيئة عدائية نتج عنها انتشار عصابات من قطاع الطرق. وقد شكل نيرس عصابة خاصة به في ألزاس، بفرنسا، وهي بلدة تقع في وسط الصراع الطبقي. ويعتقد أن نيرس قد تلقى إلهامه من زميله القاتل مارتن ستير، وهو راعي أغنام وقاتل جمع 48 من زملائه الرعاة وكون عصابة لقطع الطرق.
وادعى ستير وعصابته أنهم سافروا على طول الطريق الطويل إلى هولندا. وبعد موجة من الجرائم استمرت 22 عاماً، أعدم ستير في عام 1572، ولكن ليس قبل يرشد نيرس إلى الطريق نفسه.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
أرهب نيرس ومجموعته المكونة من 24 من قطاع الطرق الريف الأوروبي لسنوات، حيث سرقوا وقتلوا المسافرين على طرق السفر النائية.
وفي بعض الأحيان كانت تنقسم العصابة لتنفيذ هجمات صغيرة، أو تتوحد لتنفيذ هجمات أكبر. وفي نهاية المطاف، تجرأت العصابة بما يكفي للارتحال إلى المدن والقرى المجاورة لقتل واغتصاب ومهاجمة المواطنين من أجل الحصول على بضائعهم.
وقطعت عصابة نيرس مئات الأميال عبر جنوب ألمانيا وغرب فرنسا وراينلاند وبافاريا. وتسببت شبكة الجرائم واسعة النطاق التي نفذتها العصابة في انتشار القصص عن أفعالهم المريعة عبر أنحاء أوروبا وترسيخ سمعة بيتر نيرس وجرائمه في الحكايات الشعبية والتي لا تزال تتردد أحياناً حتى اليوم.
سقوط نيرس وادعاءات بأكل لحوم البشر وممارسة السحر الأسود
في عام 1577، ألقي القبض على نيرس وأفراد عصابته لأول مرة بعد 11 عاماً من نشر الجريمة. إثر وشاية من أحد شركاء نيرس بالعصابة، وتعرض للتعذيب بعد ذلك. وبحسب ما دونته المصادر، اعترف بـ 75 جريمة قتل، بعضها أزاح الستار عن حوادث عديدة لنساء محليات مفقودات.
تمكن نيرس بطريقة أو بأخرى من الهروب من سجنه الأول والإفلات من حكم الإعدام. وبعد فترة وجيزة، انتشرت قصصه المرعبة لتصل إلى مرحلة مخيفة. وتداول الناس في ما بينهم الكتيبات والكتب والأغاني عنه والتي حكت عن أكل لحوم البشر وطقوس السحر الأسود والقدرات الخارقة.
وفقاً لمجموعة من الكتيبات التي كتبها يوهان ويك، والذي يمكن اعتباره أول مراسل صحفي حقيقي على الإطلاق لتغطية أخبار الجرائم، استدعى القاتل الشياطين في الغابة بالقرب من بفلزبرغ، بفرنسا، وطلب من هذه القوى إكمال جرائمه.
حكت القصص عنه أيضاً أنه قبل إعدامه، تدرب على فن السحر الأسود. ونشر ويك، الذي تابع جرائم نيرس وستير عن كثب، ثلاث كتيبات عن نيرس بين 1577 و 1583 كشفت عن مدى وحشية ودناءة أفكاره.
يذكر المؤرخون أن ممارسي السحر الأسود الألمان من هذه الحقبة كانوا يعتقدون أن الشموع المصنوعة من جلود ودهون الأجنة البشرية تسمح لهم بالاختفاء وممارسة قوى خارقة أخرى.
كما أكدت الأسطورة أن أكل الأجنة البشرية يمكن أن يعطي المرء القدرة على تحويل نفسه إلى حطب أو حجر أو حيوان. وكساحر أسود، كان يعتقد أن نيرس اكتسب شهية لأكل المواليد.
ويقال إنه استخدم جلد الرضع لصنع الشموع التي مكّنته من اقتحام المنازل دون أن يُكتشف. وقيل إنه قطع أيدي وأقدام الرضع، واستخرج قلوبهم وأكلها. ويُزعم أيضاً أنه قطع أثداء فتيات صغيرات كان قد قتلهم.
أثناء هروبه، ورد أن نيرس قد غيّر مظهره بشكل متكرر لتجنب القبض عليه. لكن كانت هناك أيضاً العديد من الأشياء التي لم تتغير أبداً في نيرس، بغض النظر عن الشكل الذي تنكر فيه. فقد كان معروفاً دائماً بحمل المال ومسدسين مذخرين وسيف حاد.
وفي مذكرة اعتقاله التي صدرت عام 1579، وصف نيرس بأنه “كبير السن نوعاً ما، بأصبع معوجة وندبة على ذقنه”. أخيراً، في عام 1581، انتهت حقبة نيرس السفاح بنهاية مزعجة بشكل يليق بحكايته.
الموت المناسب لحياة دنيئة
كان نيرس مشهوراً في جميع أنحاء البلاد وتنتشر أساطيره وقصصه. وقد حاول الاختباء في مكان مكشوف للجميع عندما توقف في نزل في نيوماركت يسمى The Bells وطلب من صاحب فندق محلي أن يحمل حقيبته الجلدية بدلاً عنه حتى يتسنى له زيارة الحمام. وكانت تلك هفوة نيرس القاتلة.
فبينما كان يستمتع بحمامه، ضغط سكان المدينة على صاحب الفندق ليفتح الحقيبة الجلدية. وفي داخلها، وجدوا القلوب المجففة وأيدي الأجنة. وأدركوا أن هذه ممتلكات أحد ممارسي السحر الأسود، وعرف سكان المدينة لمن تنتمي هذه المتعلقات. وألقي القبض على نيرس بسهولة في الحمام.
يعتقد الكثيرون أنه ألقي القبض على نيرس بسهولة لأنه انفصل عن أشيائه السحرية، والتي يعتقد أنها تجعله غير مرئي. واستسلم نيرس واعترف بارتكاب 544 عملية هائلة شملت 24 امرأة حامل.
ويروى أن نيرس تعرض للتعذيب لمدة ثلاثة أيام عقب اعتقاله كنوع من العدالة والعقاب عن أفعاله البشعة. في اليوم الأول، تم سلخ الجلد من جسم نيرس وصب الزيت الساخن على الجروح. وفي اليوم الثاني، شُحمت أقدام نيرس ووضع فوق الجمر المحترق في محاولة لحرقه على قيد الحياة.
وأخيراً، في اليوم الثالث، رُبط نيرس بعجلة تكسير العظام. وهو جهاز تعذيب مشهور من العصور الوسطى، وهو عبارة عن عجلة كبيرة مصممة لكسر العظام وسحقها حتى الموت.
وبطريقة ما، ربما بسبب واحدة من صفقاته المزعومة مع الشيطان، لم يمت نيرس بعد أن كسرت العجلة جسده. وكان على الجلاد بتر أطراف بيتر نيرس لقتله أخيراً.
حقيقة أم فولكلور؟
الواقع أن الجمع بين الفولكلور الشعبي والفولكلور المعاصر ومرور الزمن جعل من تفاصيل حياة نيرس والجرائم التي ارتكبها غير جديرة بالثقة إلى حد ما. وقد تكون جرائمه وعدد القتلى مبالغ فيها.
إن فصل الحقيقة عن الخيال في حكاية نيرس هو أمر صعب بالطبع، ولكن بما أنه حتى اليوم لا توجد أدلة تزعم عدم صحة حكاية نيرس أو تدحضها، ولأن عدد ضحاياه يبدو مقبولاً، يمكن اعتبار بيتر نيرس وحش العصور الوسطى هذا أحد أكثر السفاحين فتكاً في كل العصور.