الحمد لله الذي ميَّز أهل الإسلام على أهل الأوثان والشرك والكفر، وجعل أهل الإسلام كالشامة بين الناس، يعرفون بعقيدتهم ودينهم، وسمتهم وخلقهم: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } [المائدة:48] فحذرنا عز وجل عن اتباع الملل الأخرى وطرقها، ونهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأمره بالحذر من أن يتبع الكفار في شيء من دينهم: { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ } [آل عمران:19].. {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } [آل عمران:85] .. (والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) فهذه الأديان الموجودة في هذا العصر -سوى دين الإسلام- أديان باطلة لا تزيد متبعها من ربه إلا بعداً.
التحذير من اتباع الكافرين
عباد الله: لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر سيقع في الأمة ليس حتى نستسلم له ولكن حتى نحذر منه. أيها الإخوة: عندما قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب، لدخلتموه، قال الصحابة: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) أي: من غير اليهود والنصارى أعني؟ وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلاً بمثلٍ، حذو النعل بالنعل، حتى لو كان فيهم من نكح أمه علانية، كان في أمتي مثله) أخرجه الحاكم . وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وانتشر ذلك في الأزمنة المتأخرة، من اتباع كثير من المسلمين لأعداء الله تعالى في عاداتهم وتقاليدهم وسلوكياتهم وقدواتهم، قلدوهم في الشعائر، قلدوهم في الأعياد، وكان ذلك نتيجة لغلبة الكفار، والمغلوب مولع بتقليد الغالب، وكانت المتابعة للنصارى في كثير من الأحيان.
عيد الحب أصله والهدف منه
أيها الإخوة: إننا نجد ظاهرة في انتشار التقليد للكفرة بين شباب المسلمين ذكوراً وإناثاً ظاهرة لا تبشر بخير، ومن ذلك ما يقدم عليه الكفرة من الاحتفال بعيد لهم، يسمونه: بعيد الحب. وهو عيد وثني من عهد الرومان، عيد من الأساطير والخرافات دخل على النصارى من الوثنية ، وكذلك قيل: اسم قديس لهم يسمى فلنتايم ، اضطهده الرومان قبل دخولهم في النصرانية ، وكان وقت مقتله عيداً لهم؛ لأنه يدعو إلى الحب، والتقارب بين الجنسين، وهذا سواء كان وثنياً كما يدل عليه رسم كيوبيد الممثل بطفل له جناحان ومعه سهم وقوس -هذا ما يسمونه إله الحب عند الرومان، وهو من الآلهة التي يعبدونها من دون الله- أو سواء كان احتفالاً بإحياء ذكرى ذلك القسيس النصراني، فإن كلا الأمرين خطير جداً أن يحتفل مسلم أو مسلمة بإله يعبد من دون الله من دين الوثنية الرومانية، أو بإحياء ذكرى قسيس من قساوسة النصارى، كلاهما مصيبة عظيمة. هذا التقليد النصراني الذي كان وراء إفساد كثير من الشباب والشابات حتى أبطلته النصرانية في وقت من الأوقات، ثم رجعوا إليه مرة أخرى، واليوم يقوم أناس من المسلمين بالاحتفال به وكتابة الكلمات الغرامية، وإرسال بطاقات التهنئة مصحوبة بهذه الأشياء العاطفية، هذه الأمور الخطيرة والخطيرة جداً على عقيدتنا وديننا. هذه المظاهر من البهجة والسرور التي تظهر في الأعياد، وتبادل الورود الحمراء؛ تعبيراً عن الحب الذي كان عند الرومان وثنياً لعبادات من دون الله، أو عند النصارى عشقاً بين الحبيب ومحبوبته، ولذلك سمي بعيد العشاق، وتوزيعاً لبطاقات التهنئة المرسوم عليها صورة الإله الذي يعبد من دون الله، أو تبادل تلك الكلمات من العشق والغرام، شعراً ونثراً، أو معها صور ضاحكة وأقوال هزلية، حتى كتب على البطاقات: كن فلنتينياً، هذا المفهوم النصراني أو الوثني، عندما يتسلل إلى بناتنا وأبنائنا ويدخل عقول المسلمين فيحتفلون به، ماذا يعني ذلك؟
نتيجة اهتمام الشباب بعيد الحب
ثم يا عباد الله! تأملوا فيما ينبني على ذلك من شيوع الفاحشة في الذين آمنوا، وحفلات نهارية، وسهرات ليلية، ومناسبات مختلطة راقصة، وورود، وصناديق شكولاتة ترسل إلى الزوجات والصديقات والعشيقات أيضاً، إن هذه القضية عندما تكون في عقل مسلم أنه يحتفل تقليداً للأمة الضالة، وخلطاً بين الشرك والتوحيد، بين العقل والخرافة، وبين الآلة والأسطورة، عندما يقع ذلك -أيها المسلمون- فإننا لا بد أن نعي أن الخطر جسيم، وأن القضية تمثل تهديداً جاداً لإسلامنا وعقيدتنا، قال تعالى: { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِين } [الزمر:65-66] بما أن المسألة لها جذور وثنية شركية، والله قال في كتابه: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً } [النساء:48]. وقال الله عز وجل على لسان عيسى عليه السلام: { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } [المائدة:72] فلا يقل: إنني لا أقصد شركاً ولا أقصد عبادة من دون الله، فهذه جذور القضية، وهذا أصلها: (ومن تشبه بقوم فهو منهم). ثم ماذا يقصد؟ يقصد إحياء المشاعر والعواطف تجاه من؟ إن قال: تجاه الصديقة والعشيقة، فهذه مصبية عظمية وطامة كبيرة، وإشاعة للفاحشة بين المسلمين، وإن قال: أقصدها مواعدات وغراميات، وحفلات راقصة، فنقول: ألم يقل الله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً}[النساء:27]؟ إذاً هؤلاء يريدون إثارة الشهوات، وأن يميل الإنسان الضعيف بقلبه إلى المحرمات، فلماذا إذاً يحدث ذلك فيما بيننا؟
التشبه بالكافرين ومشاركتهم في أعيادهم
أيها المسلمون: إن مسألة الأعياد مسألة دينية، ثم قل لي: أليس في مشاركة هؤلاء النصارى أو الوثنيين في مثل هذه الأعياد تشبهاً بهم؟ وقد قال الله: { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آل عمران:105] والكاف في قوله: (ولا تكونوا كالذين ..) للتشبيه. إن الواجب على المؤمنين أن يكونوا ممن تخشع قلوبهم لذكر الله، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، هؤلاء اليهود والنصارى طال عليهم العهد والزمن والوقت، فغيروا دينهم، حرفوا كتبهم، ابتدعوا ما لم يشرع لهم، وتركوا ما أمرهم الله به، ثم إن نبينا عليه الصلاة والسلام قد قال: ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
عباد الله: إنه لا بد أن يعي المسلمون حجم المخطط ليدركوا المؤامرة، فلا ينساقوا وراءها، لا بد من تفتيح الأذهان والعقول، ولابد من التنبيه على الكوارث الخطيرة التي تحيط بنا، وكيف يجوز أن يجعل هذا العيد الوثني النصراني وسيلة لانتشار الزنا والفواحش؟ مصبية من جميع الأبعاد! وكارثة بجميع المقاسات! أيها الإخوة: إن شتى المقاييس لو وزنا بها الأمر لتبين لنا بأن الخطر المحدق على شبابنا وشاباتنا من رواء ذلك كبير
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website