تقع الحجـ.ـرة النبوية الشريفة في الجزء الجنوبي الشرقي من مسجد الرسول، وهي محاطة بمقصورة، عبارة عن حجـ.ـرة خاصة مفـ.ـصولة عن الغرف المجاورة فوق الطبقة الأرضية، من النحاس الأصفر، ويبلغ طول المقصورة 16 مترا وعرضها 15 مترا
ويوجد بداخلها بناء ذو خمسة أضلاع يبلغ ارتفاعه نحو 6 أمتار بناه نور الدين زنكي ونزل بأساسه إلى منابع المياه، ثم سكب عليه الرصـ.ـاص حتى لا يستطيع أحد حفره أو خرقه، وداخل البناء قبـ.ـر الرسول، وقبـ.ـرا أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب.
وفي شمال المقصورة النبوية الشريفة، وجدت مقصورة أخرى نحاسية ويصل بين المقصورتين بابان، ويحيط بالحجرة النبوية أربعة أعمدة أقيمت عليها القبة الخضراء التي تميز المسجد، أما الروضة الشريفة فهي بين المنبر وقبـ.ـر الرسول ويبلغ طولها 22 مترا، وعرضها 15 مترا.
الشيخ محمد علي مدني، رئيس قسم النسيج الآلي بالمصنع في ذلك الوقت كان أحد الذين شاركوا في نسج كسوة الحجرة النبوية وتركيبها، ذكر أن محيط الحجرة النبوية 48 مترا.
وقال مدني: إن هيبة المكان غلبت على أن ألحظ فيها شيئا ملفتا للنظر أو للانتباه، كنت مبهوراً ولم أر سوى قناديل معلقة بسقف الحجرة، وهي هدايا قديمة كانت تهدى للمسجد النبوي من قديم الزمان
وقيل لي إنه كانت هناك آثـار نبوية وضعت في مكان آخر لا أعرف أين، وما أعرفه أن هناك بعض الأشياء التاريخية محفوظة في حجــ.رة السيدة فاطمة الزهراء، وهو ذات المكان الذي كانت تسكن فيه
أضاف مدني: كسوة الحجرة نسيج من حرير خالص، أخضر اللون، مبطن بقماش قطني متين، ومتوجة بحزام مشابه لحزام كسوة الكعبة المشرفة، غير أن لونه أحمر قان، خط عليه بتطريز ظاهر آيات قرآنية كريمة من سورة الفتح تشغل ربع مساحته، بخيوط من القطن وأسلاك من الذهب والفضة وهو بارتفاع 95سم2.
وهناك قطـ.ـع أخرى من ذات اللون الأحمر وبنفس النسج لكنها أصغر قليلا مكتوب عليها إشارات تدل على مواقع القبور الثلاثة، وهي من ذات العينة والطراز للكسوة الداخلية لجوف الكعبة، وباختلاف بسيط يتمثل في اختلاف الآيات القرآنية المنسوجة يدويا بطريقة “الجاكار” المعمول مثلها آليا على ظاهر كسوة الكعبة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ترتفع السترة بمقدار ستة أمتار، ويتم تركيبها عادة في السادس من شهر ذي الحجة، كلما صدر الأمر الملكي بذلك، وعند كبير الأغوات مفاتيح الحجرة، وهم من يقوم بخدمتها وتنظيفها والعناية بها كل ليلة اثنين وجمعة حتى الآن.
الشيخ أحمد ساحرتي رئيس قسم التطريز بالمصنع يروى قائلا: عندما فتحت لنا الأبواب، ودخلنا الحجرة النبوية، لقد أستنشقت عطرا وروائح ما عرفتها من قبل، ولم أعرفها من بعد.
لم أعرف سـ.ـر تركيبتها أبدا، كان عطرا فوق العطر، وشذا فوق الشدا، وشيئا آخر لا قبل لنا به نحن أهل الصنعة والمعرفة.
كما قال أعتقد أن ارتفاع الحجرة أحد عشر مترا، وأسفل القبة الخضراء، قبة أخرى مكتوب عليها: قبر النبي وقبـ.ـر أبوبكر الصديق وقبر عمر بن الخطاب، ورأيت أيضا أن هناك قبرا آخر لكنه خاو، وبجانب القبور الأربعة، حجرة السيدة فاطمة الزهراء، وهو البيت الذي كانت تسكنه.
من رهبتنا لم نكن نعرف كيف نرفع المقاسات الخاصة بالقبة، كانت أصابعنا ترتجف، وأنفاسنا تتسارع.
وبقينا 14 ليلة كاملة نعمل فيها من بعد صلاة العشاء الى وقت أذان الفجر الأول، لننجز مهـ.ـمتنا.
ظللنا نرفع المقاسات، ونحل أربطة السترة القديمة، نكنس وننظف ما علق بالمكان الطاهر من غبار وريش حمام، هذا الموقف يعود إلى عام 1971 ميلادية، وكانت الكسوة التي قمنا بتغييرها قديمة، كان عمرها 75عاما حسب التاريخ المنسوج عليها، ولم تستبدل طوال هذا الوقت.
ويقسم الشيخ الساحرتي قائلا: “كنت أدخل الخيط في ثقب الإبرة من غير نظارة، رغم الضوء الخافت الذي كنا نعمل فيه.
كيف تفسر ذلك، وكيف تفسر أنني لم أشعر بحساسية في صدري كنت أعاني منها ومازلت، فأنا أسعل بشدة مع أدنى غبار، لكنني يومها لم أتأثر بغبار الحجرة، ولا بالأتربة المتطايرة، كأن التراب لم يعد ترابا، وكأن الغبار أصبح دواءً لعلتي، كنت أشعر طوال تلك الليالي أنني شاب، وأن فتوة الصبا قد ردت اليّ.
لقد حدث معي شيء غريب آخر لم أفهم سره حتى اليوم، فبعد تجديد كسوة الحجرة يومها، كان علينا أن نخرج الستارة القديمة، حمل من حمل الستارة، وبقي حزامها المطرز بطول 36مترا، قلت لهم لفوه ثم أتركوه، تقدمت إليه، وحملته على ضعفي فوق كتفي هذا
خرجت به من الحجرة النبوية، لم أشعر بثقله أبدا، لكنهم بعد ذلك جاءوا برجال خمسة ليحملوه فلم يستطيعوا، وانخرط الشيخ في بكاء صامت، وأكمل بتأوه: سأل بعضهم عن الذي حمله وجاء به إلى هنا، قلت مجيبا: أنا، لم يصدقوا.. قلت لهم اسألوا عبد الرحيم بخاري خطاط الكسوة الشهير.
أما عن أجمل وصف بخصوص الحجـ.ـرة النبوية وجد في كتاب (مرآة الحرمين) للدكتور ابراهيم رفعت باشا الذي جاء من مصر وزار الحرمين ووصف الحـ.ـجرة بأورع ما يمكن.
ويقول الدبيسي إن الحـ.ـجرة تقع شرق المسجد النبوي الشريف، وكان بابها يفتح على الروضة الشريفة التي وصفها الرسول عليه السلام بأنها روضة من رياض الجنة، وهي حـ.ـجرة السيدة عائشة بنت الصديق التي قـ.ـبضت فيها روحه فدفـ.ـن بها
وكان قبـ.ـره جنوب الحـ.ـجرة، وكانت عائشة بعد وفـ.ـاته تقيم في الجزء الشمالي منها، وكما يُذكر تاريخيا بأنه عليه السلام قد دفـ.ـن ورأسه الشريف إلى الغرب ورجلاه إلى الشرق ووجهه الكريم إلى القبلة.
وعندما توفى الصديق دفـ.ـن خلف النبي صلى الله عليه وسلم بذراع، ورأسه مقابل كتفيه الشريفين، ولما توفـ.ـي عمر بن الخطاب أذنت له عائشة بعد أن استأذنها قبل وفـ.ـاته بأن يدفـ.ـن إلى جوار صاحبيه داخل هذه الحـ.ـجرة.
وعن القبـ.ـر الخالي في الحـ.ـجرة النبوية يشير محمد الدبيسي إلى أن بعض العلماء يذكرون أن هذا القبـ.ـر سيدفـ.ـن فيه النبي عيسى عليه السلام.
أما قصة تسمية الكوكب الدري الموجود في الحـ.ـجر النبوية، فقد كان يوجد في الجدار القبلي من الحـ.ـجرة تجاه الرأس الشريفة مسمار فضة، ويذكر رفعت ابراهيم باشا أنه أبدل بقطعة من الألماس كانت بحجم بيضة الحمام، وتحته قطعة أخرى أكبر منها، والقطعتان مشدودتان بالذهب والفضة، ومن ثم أطـ.ـلق عليهما اسم “الكوكب الدري”.
وقد ذكر الأديب المصري الراحل محمد حسين هيكل في كتابه (في منزل الوحي) عام 1947م عن رحلة الحج التي قصد بها الأراضي المقدسة، أن الحـ.ـجرة النبوية ظلت كما هي حتى زمن بني أمية، حين أمر الوليد بن عبد الملك واليه على المدينة المنورة عمر بن عبد العزيز أن يضم حجـ.ـرات أزواج النبي رضي الله عنهن.
وبنى عمر بن عبد العزيز الحــ.جرة سنة ثمان وثمانين وقيل سنة إحدى وتسعين للهجرة، وبالتالي فقد ظلت ثمانية وسبعين أو ثمانين سنة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم في مثل بساطتها حين وفاته.
ويقول محمد حسين هيكل إن الحـ.ـجرة قد تجدد بناؤها بعد ذلك أكثر من مرة، فقد شب حـ.ـريق في القرن السابع الهجري وامتد إلى الحجـ.ـرة، ولكنها لم تحـ.ـرق، كما امتد إلى المسجد كله، وتعـ.ـرضت لحـ.ـريق آخر إثـ.ـر الصـ.ـاعقة التي نزلت في أواخر القرن التاسع الهجري.
وقد بنيت أول قبة في المسجد النبوي فوق الحجـ.ـرة النبوية في القرن السابع الهجري، بأمر السلطان المملوكي المنصور قلاوون الصالحي سنة 678 هـ وهي التي عرفت مؤخراً بالقبة الخضراء
وكانت مربعة من أسفلها مثمنة من أعلاها، مصنوعة من أخشاب أقيمت على رؤوس السواري المحيطة بالحجـ.ـرة الشريفة، مكسوة بألواح الرصـ.ـاص، منـ.ـعاً لتسـ.ـرب مياه الأمطار.
وفي عام 881 هـ وبعد الانتهـ.ـاء من بعض الترميمات في المسجد قرر السلطان قايتباي إبدال السقف الخشبي للحجرة بقبة لطيفة، فرفعوا السقف الخشبي، ثم عقدوا قبواً على نحو ثلث الحجـ.ـرة مما يلي المشرق والأرجل الشريفة
ليتأتى لهم تربيع محل القبة المتخذة على بقية الحجرة من الغرب، ثم عقدوا القبة على جهة الرؤوس الشريفة بأحجار منحوتة من الحجر الأسود والأبيض، ونصبوا بأعلاها هلالاً من نحاس، وبيضوها من الخارج بالجص، فجاءت جميلة بديعة.
وقد سلمت هذه القبة من الحـ.ـريق الذي شـ.ـب بالمسجد سنة 886 هـ، بينما احــ.ترقت القبة التي فوقها، فأعاد السلطان قايتباي عام 892 هـ بناءها بالآجر، وأسس لها دعائم عظيمة بأرض المسجد، ثم ظهرت بعض الشقوق في أعاليها، فرممت وأصبحت في غاية الإحكام.
ثم عمل قبة على المحراب العثماني، وغطى السقف بين القبة الخضراء والحائط الجنوبي بقبة كبيرة حولها ثلاث قباب، كما أقام قبتين أمام باب السلام من الداخل، وقد كسيت هذه القباب بالرخام الأبيض والأسود، وزخرفت بزخارف بديعة.
وفي سنة 1119 هـ أضاف السلطان محمود الأول رواقاً في جهة القبلة، وسقّف ما يليه بعدد من القباب.
وفي عام 1228هـ جدد السلطان محمود الثاني العثماني قبة الحـ.ـجرة النبوية، ثم دهنها باللون الأخضر، فاشتهرت بالقبة الخضراء، وكانت قبل ذلك تعرف بالبيضاء والزرقاء، وكان بعضهم يطـ.ـلق عليها: الفيحاء.
المصدر: معالم المدينة المنورة مأخوذ عن العربية نت