ويستعرض موقع «ملفات أهل السنة والجماعة» طرق صوفية عديدة، من بينها «النقشبندية» التي يستعرضها في هذا المقال.
تنتشر الطريقة النقشبندية بشكل خاصة في تركيا وتعتبر الطريقة الأولى هناك أيضًا، بالإضافة لمصر وعدد كبير من الدول، إلا أن شهرتها وقوتها تنطلق من تركيا حيث يعيش كبار مشايخها، وتنتسب الطريقة إلى محمد بهاء الدين شاه نقشبند، والذي أشتق من اسمه الطريقة، وتختلف بقية الطرق عن تلك الطريقة بأن سلسلتها خلال سيدنا علي.
مرت النقشبندية بمراحل كثيرة عبر تطورها التاريخي وثمة علاقات ربطتها بغيرها من الطرق الصوفية، وكذا التيارات الروحية التي انتشرت في البلاد الإسلامية، ومن الممكن أن نطلق على المرحلة الأولى في تاريخ النقشبندية مرحلة النشأة والتطور، فيقول النقشبندية عن أنفسهم أنهم طريقة الصحابة ولم يزيدوا عليها شيء ولم ينقصوا شيء ظاهرا وباطنا.
وتقول كتب النقشبندية أن الطريقة تعني اعتدال السلوك وما فيه من اتباع الشريعة، ويسر الطريقة كان السبب في شيوعها لاسيما بين علماء الدين، فقلب الصوفي النقشبندي لله، وجسمه للناس، والحقيقة أن المشايخ الذين وصفوا هذه الطريقة مجمعون على أنها اتباع للشريعة أولا، والدوام على الذكر والفكر والعبودية والإخلاص والإيثار ونكران الذات ثانيا.
ويفند أصحاب الطريقة كلمة «النقشبندية» بأنها اكتمال الإيمان بالقلب فتنقسم لقسمين «النقش» أي الكتابة، و«بند» أي القلب، فالكلمة كاملة تعني النقش على القلب -وفقا لتفسيرات العديد من مشايخ الطريقة نفسها- ولأصحاب الطريقة طرق للوصول إلى قمة الإيمان منها الدوام على الذكر ومراقبة النفس وطاعة المرشد.
ومن آداب الذكر الصوفي النقشبندي، في البدء يلصق المريد لسانه بعرش فمه لمنعه من الحركة، ثم تذكر «الله» قلبيا، والقلب من لطائف الباطن وليس المراد به اللحم الصنوبري ولكن تحت الثدي الأيسر قليلا، ويتأمل عظمة «الله» ولا يتوهم شكلً «الله» لأنه سبحانه كما وصف نفسه في القرآن «ليس كمثله شيء» فيؤمن أن الله موصوف بجميع صفات الكمال ومنزه عن كل نقص.
وتنتشر الطريقة خاصة في تركيا وأسيا، تحديدا باكستان وأفغانستان وأذربيجان وعدد من دول القوقاز، وبخاري وسمرقند وتركمان -وهي صحراء في الاتحاد السوفيتي- وشبه القارة الهندية سابقاً حيث سادت الطريقة النقشبندية من تلك البلاد.
كما تنتشر الطريقة في معظم البلاد العربية خصوصًا في بلاد الشام، وكان أول الدعاة الرحالة في نشر الطريقة قتادة الذي عبر بوادي الحجاز إلي آسيا وحطم الأصنام وقضي علي كل وثنية صادفها في طريقه.
وحسب تراث الطريقة فإن قتادة ورجاله لم يلتفتوا إلى غنائم فتوحاتهم، مما جعل أهالي تلك البلاد يستجيبون لدعوتهم، وتتميز النقشبندية بأنها أصل دون فروع، إذ استمرت طريقة واحدة كما بدأت، لم تتجزأ عنها طرق أخري مثل الشاذلية التي ضمت ١٥ طريقة.
ومن أبرز مشايخ الطريقة، الشيخ عبد الخالق الغجدواني المتوفي سنة 575هـ، ومن تُنسب إليه وهو الشيخ محمد بهاء الدين نقشبند المتوفي 791هـ، والشيخ أحمد الفاروقي السر هندي المتوفي سنة 1034هـ، ومحمد عثمان سراج الدين الثاني المتوفي سنة 1417هـ.
وانتشرت الطريقة أيضًا بشكل كبير في أمريكا وبعض الدول الأوروبية بعد ظهور الملاكم العالمي محمد علي، وهو يأخذ عهد الطريقة النقشبندية على يد إمامها، ويقال إن علي قصد شيخها للحصول على العلاج من أئمتها بعد توصيات عديدة له.
وتعتبر الطريقة النقشبندية الوحيدة التي كان لها باع كبير في القتال سواء في أفغانستان ضد الغزو السوفيتي أو الأمريكي، ولعبت دورًا كبيرًا في ذلك قبل أن تعود من جديد مع تصاعد تنظيم داعش الإرهابي في العراق.
ويعتبر جيش رجال الطريقة النقشبندية، جماعة صوفية يقودها عزة إبراهيم الدوري، الذي كان نائبًا للرئيس السابق صدام حسين، وقتل منذ عدة أشهر، ونشط أتباع النقشبندية بقوة في كركوك (شمال العراق) وتكريت معقل الرئيس الراحل صدام حسين، بالإضافة إلى ديالي وصلاح الدين.
لا تحظى الطريقة النقشبندية بأتباع كثر في مصر كما للشاذلية والرفاعية وغيرها، إلا أنها موجودة وبقوة في أسوان والأقصر وبعض محافظات الصعيد وأعداد قليلة من المريدين في الوجه البحري، ومن أبرز المساجد التي يقصدها أتباع الطريقة النقشبندية الشيخ موسى أبو معوض النقشبندي، بقرية بنبان قبلي، ويتم الاحتفال بأبو معوض دائما كأول خليفة للطريقة النقشبندية بعد رحيل أستاذه إسماعيل ابن تقاديم مؤسس الطريقة النقشبندية في مصر، لقتال الإنجليز في مدينة عدن باليمن، بعد ذهابه لمكة المكرمة في شهر أغسطس عام 1846م، حيث يشهد الاحتفال مئات من أبناء الطريقة في الصعيد والسودان وحشد من أبناء قبائل الجعافرة في الصعيد.