على مر التاريخ، هناك مجموعة من البشر لا تُنسى إسهاماتهم العلمية الاستثنائية، من بينهم عباس بن فرناس وهو أول رجل يطير في التاريخ
يتفاجأ الكثيرون عندما يعرفون أن هذا الرجل هو أول من طار بآلة أثقل من الهواء، في رحلة استمرت لحوالي عشر دقائق، وقبل أكثر من ألف عام من محاولات الأخوين رايت اللذين ينسب إليهما اختراع أول طائرة في التاريخ، وتحديداً في عام 875.
من هو عباس بن فرناس؟
وُلد أبو القاسم عباس بن فرناس في عام 810، على مقربة من مدينة روندا (في مقاطعة ملقا، إسبانيا). لا يُعرف عن طفولته سوى القليل، سوى أنه نال تعليماً مكثفاً واحتل الصدارة في العديد من التخصصات، مما دفعه إلى السفر لمدينة قرطبة، والتي كانت في ذلك الوقت المدينة الأغنى والأكثر نفوذاً وتأثيراً في الأندلس.
وبرز بن فرناس هناك ووجد طريق نبوغه عالماً ومخترعاً وشاعراً وفيلسوفاً وكيميائياً وموسيقياً وفلكياً، إلى أن أصبح يُعرف بـ”حكيم الأندلس”.
وبمجرد وصوله إلى قرطبة، سعى لتطوير معارفه والتي ساهمت بشكل كبير في تقدم العلوم والفنون في مجالس الأمراء وكبار القوم.
في المجال العلمي، كان أول من استخدم طاولات السندهند الفلكية، ذات الأصل الهندي، في شبه جزيرة إيبيريا، وربما في أوروبا، والتي أثبتت لاحقاً أنها أداة أساسية لتطور العلوم الأوروبية وستتم دراستها في جامعات العصور الوسطى كمادة رباعية (تجمع بين دراسة الموسيقى والحساب والهندسة والفلك).
وقدّم إلى العالم الغربي تقنية نحت الكريستال الصخري وطوّر العمليات الكيميائية اللازمة لعمل الكريستالات من المعادن المختلفة.
اخترع عقارب الساعة بآلية معقدة
كما اخترع عقارب الساعة، بآلية معقدة تستخدم المياه كمحرك سائل (ومصدر للطاقة). ويتم فتح أو إغلاق تدفق المياه من خلال مجموعة من الصمامات لتعرض الساعة في أي وقت من النهار أو الليل، وهو أمر غير معتاد في ذلك العصر.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
كما طوّر أول إسطرلاب كروي (كرة سماوية) في أوروبا، يُستخدم لإجراء العمليات الحسابية والملاحظات الفلكية التقريبية، عن طريق تحريك حلقات الآلة وفقاً لمسار ومستوى الحلقات السماوية.
ودليلاً على براعته ومعرفته المتقدمة بعلوم الفلك، أنشأ قبة فلكية مفصلية ميكانيكية في مقر إقامته في قرطبة والتي تمثّل “القبة السماوية”. كما زودها بمؤثرات بصرية وصوتية تحاكي الظواهر الجوية المختلفة؛ مثل العواصف والرعد والبرق.
وفي مجال الطيران، يعتبر عباس بن فرناس نقطة مرجعية إذ أنه كان أول شخص ينجح في تصميم وصناعة واختبار طائرة يدوية تمكنت من الطيران. وذلك قبل 600 عام من تصميمات ليوناردو دافنشي للطيارات، وأكثر من ألف عام على صناعة الأخوين رايت لطائرتهما الشهيرة.
قفزة تاريخية من مسجد قرطبة
وكانت أولى تجاربه في الطيران عام 852م، عندما قفز إلى الهواء من مئذنة مسجد قرطبة، باستخدام مظلة قماشية مبتكرة، وأسفرت التجربة عن انحدار سريع نسبياً وهبوط قاسٍ وبعض العظام المكسورة، واقتناع راسخ بإمكانية نجاح تلك الطريقة، ويعتبر هذا الحدث، أول استخدام للمظلة في التاريخ.
وبعد ذلك بأعوام، وبالتحديد في عام 875، صمم طائرة شراعية من الخشب والحرير مزينة بريش أنواع مختلفة من الطيور، وأطلقها بنفسه من مرتفعات أروزا، بالقرب من قرطبة.
وكان واثقاً من نجاح اختراعه وأقنع مئات الأشخاص بمشاهدته في مسار طيرانه. كما حضر العديد من أعضاء مجلس الأمير محمد الأول، أمير الخلافة الأندلسية. ونجح في الطيران المستدام لمدة تتراوح بين الدقيقتين وعشر دقائق (بناء على الحسابات التاريخية المستخدمة) باستخدام تيارات الهواء.
وبالرغم من الهبوط الوعر، فقد نجا، وأصبح بذلك أول شخص يطير بآلة أثقل من الهواء، وحتى مع استخدام أقل الأرقام المرجعية لهذه الرحلة، فقد كانت أطول في الوقت والمسافة مما حققه الأخوان رايت عام 1903.
ويظهر اسم عباس بن فرناس حالياً على عدد من المطارات والكباري والتلال والمواقف والشوارع والهيئات العلمية، خاصة في المناطق العربية، ولكن ما يضمن خلود ذكره، إطلاق اسمه على إحدى حفر القمر.