يعتبر خوجة مِعمار سِنان آغا المعروف باسم المعمار سنان أحد أشهر المعماريين الذين أنجبتهم الدولة العثمانية، كما أن أعماله الفنيّة تعتبر قريبة من الإعجاز لجمالها ودقتها وإيحاءاتها الجميلة.
كل شخص سيقف أمام إنجازات المعمار سنان، وما تركه من إرث فني ومعماري وهندسي ضخم، سيتأكد أن العالم لم يعرف له مثيلاً سابقاً.
مساجد وأعمال المعمار سنان في تركيا خير دليل على براعته
تركيا التي تعد من أهم المواقع على خريطة السياحة العالمية هي أكثر مكان يمكنك مشاهدة أعمال المعمار سنان فيها فهي منتشرة بالكثير من المناطق السياحية وهي أحد أهم أسرار الجذب السياحي لتركيا وتتسبب بدخول عائدات ضخمة إلى خزينة البلاد.
وتنتشر أعمال المعمار سنان على امتداد خريطة الدولة العثمانية، التي كانت تتربع على بقاع من آسيا وإفريقيا وأوروبا.
من هو المعمار سنان؟
عاش خوجة مِعمار سِنان آغا في القرن العاشر الهجري في أوج العصر الذهبي للعمارة العثمانية وكان رئيس المعماريين وأشهرهم خلال حكم السلاطين الأربعة: سليم الأول وسليمان الأول وسليم الثاني ومراد الثالث.
ولد المهندس العثماني في قرية آغيرناص التابعة لولاية قيصري في الأناضول في 15 أبريل/نيسان 1490، وكان مسيحياً من أصل أرمني أو يوناني ثم أسلم وعمره ثلاث وعشرون سنة.
جاء إلى إسطنبول عن طريق نظام كان يعرف في الدولة العثمانية باسم (الدوشيرمة أو الدڤشيرمة).
وهي الممارسة التي بموجبها كانت الإمبراطورية العثمانية تجند أولاداً من عائلات مسيحية، يتم تحويلهم بعد ذلك إلى الإسلام ويدربون كجنود إنكشارية.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وبذلك تم إنشاء طبقة عليا من المحاربين تكون موالية فقط للسلطان، لا للنبلاء العثمانيين، وقسم من الشبان دربوا للعمل في الوظائف الإدارية للإمبراطورية.
وكان مجيئه إلى إسطنبول في عهد السلطان العثماني ياووز سلطان سليم، وأصبح من الجنود الإنكشارية في عهد الصدر الأعظم لطفي باشا الذي أعجب كثيراً بالجسر الذي شيده في 13 يوماً فقط على نهر (بروت) بأوكرانيا.
وذلك خلال حملة مولدوفيا التي كان يشارك فيها باعتباره إنكشارياً، ومن ثم رقاه السلطان وأصبح كبير المعماريين العثمانيين بعد وفاة الكبير السابق عجم علي.
خسر الأميرة مهرماه فغلبها بالشهرة
تقول روايات تاريخية وفق موقع “الخليج أونلاين” إن المعمار سنان شغف حباً بالأميرة مهرماه ابنة السلطان سليمان، منذ رؤيتها أول مرة عند مرافقتها لوالدها في حملة مولدوفا في أوروبا.
وكي ينال إعجابها بنى جسراً للجيش في13 يوماً فقط، ثم طلب يدها للزواج، لكنه قوبل بالرفض.
و”مِهرِماه” هو اسم فارسي، فَـ “مِهر” هي الشمس و”ماه” هو القمر باللغة الفارسية، ما يعني أن اسمها يجمع الشمس والقمر، و”مهرماه سلطان” هي الابنة الوحيدة للسلطان سليمان القانوني من السلطانة “هُرِّمْ”، المعروفة بجمالها وحسنها.
نافس المعمار سنان على حب الأميرة مهرماه، أحمد باشا، حاكم ديار بكر، فتزوجت الأميرة في النهاية من أحمد باشا، وطلبت من المعمار سنان أن يبني لها مسجداً.
هنا فتّق الحب المكنون في دواخل سنان الإبداع، فبنى مسجداً جميلاً ورائعاً في “أسكودار”، بالجزء الآسيوي من إسطنبول، عام 1548، وبنى لها جامعاً آخر في الجزء الأوروبي بمنطقة “أدرنه كابي” عام 1562-1565، ويحمل نفس الاسم.
السر في هذين المسجدين أنه في 21 مارس من كل عام، الموافق لولادة الأميرة، عندما تغيب الشمس خلف مئذنة جامع “مهرماه” في الجزء الأوروبي يظهر القمر فوق مئذنة جامع “مهرماه” في الجزء الآسيوي، فضلاً عن أن الشمس والقمر لا يلتقيان، وفي إشارة إلى أنه لم يلتقِ بمن أحبّها بنى سنان كل جامع في شطر، واحد في أوروبا والثاني في آسيا.
الآثار البيزنطية والسلجوقية والعربيّة أثّرت به
عُرف المعمار سنان منذ صغره بحبه لشق قنوات المياه في الحدائق، وشغفه ببناء الأكواخ وحظائر الحيوانات.
فبعد انتقاله للعيش في إسطنبول تلقى تعليمه في إحدى مدارسها ثم استكمل تعليمه في “الأوجاق” المعماري الخاص.
والأوجاق هو مدرسة العمارة التي تربى فيها كبار المعماريين من أمثال: سنان باشا، وداوود آغا، وغيرهما ممن شيدوا أعظم الآثار في تاريخ العمارة العثمانية والعالمية.
ومن ثم التحق بمدرسة عسكرية تعلم فيها القراءة والكتابة والفنون التطبيقية وتخصص في النجارة.
وخلال فترة مكوثه مع الجيش العثماني اطلع سنان على الكثير من الآثار البيزنطية والسلجوقية في إسطنبول والأناضول.
كما شاهد مدينة تبريز وآثارها المعمارية الإيرانية وشاهد الطرز المعمارية العربية في حلب وشاهد فنون العمارة في دمشق، والطرز المعمارية في القاهرة من الأيوبية والمملوكية، وجميعها كان لها أثر كبير بفنّه.
توفي المعماري العثماني في الـ9 من شهر نيسان/أبريل في العام 1588 عن عمر ناهز 98 عاماً.
أعظم أعمال المعمار سنان
مضى وقت طويل على رحيل أعظم معماريي العالم وتحديداً 431 عاماً، ومازالت الأثار المعمارية التي تركها، تقف شاهدة له ببراعة التصميم، والمهارة الفائقة والدقة المتناهية في العمارة.
تركَ بصمته الفنية والمعمارية على 365 أثراً في العالم أجمع، وهي عبارة عن 92 جامعاً كبيراً، و52 مسجداً، و55 مدرسة عثمانية، و7 دور للقُرّاء لتحفيظ القرآن الكريم، و20 ضريحاً، و3 مستشفيات، و6 ممرات مائية، و10 جسور، و20 خاناً للقوافل، و36 قصراً، و8 مخازن، و48 حماماً.
وأبرز هذه الآثار هي:
جامع ومدرسة الخسروية في حلب بسوريا 1547 ويعد أول جامع بناه المعمار سنان.
جامع شاه زاده محمد وكليته في منطقة الفاتح بإسطنبول الأوروبية 1548.
جامع السليمانية في إسطنبول الأوروبية 1557.
جامع مهرماه سلطان في منطقة إدرنة كابي بإسطنبول الأوروبية.
جامع مهرماه سلطان في منطقة أسكودار بإسطنبول الآسيوية.
مسجد خان جامعي في إيفباتوريا بشبه جزيرة القرم بين عامي 1564.
جامع السليمانية في مدينة إدرنة شمال غرب تركيا 1574.
جامع التكية السليمانية في دمشق بسوريا 1555.
وضع قبل أن يتوفى تصميم جامع الملكة صفية في القاهرة بمصر الذي بني في 1610.
ويقع ضريح المعماري العثماني الذي قدم الكثير للعمارة العثمانية، في كلية السليمانية التي بناها وأشرف عليها بنفسه، والتي تعد تحفة فنية معمارية من روائع معمار سنان.
وفي العام 1982م واعترافاً بمنجزاته تم تغيير اسم أكاديمية الفنون في إسطنبول إلى جامعة معمار سنان للفنون الجميلة في الذكرى المئويّة لتأسيسها.