البحث عن قبور الأنبياء عملية صعبة للغاية، تتداخل فيها الأديان والتاريخ والجغرافيا واللغات، وحتى الروايات الشعبية.
نعرف على وجه اليقين أنَّ النبي محمداً بن عبد الله مدفونٌ في المدينة المنورة، وتُجمع الأديان على أنَّ النبيَّ إبراهيم مدفون في الخليل، لكن قبور بقية الأنبياء لا نعرف حقيقة وجودها ومكانها الدقيق، وإن لم يكن هناك دليل قاطع عن أماكن قبور باقي الأنبياء، لكن خبراء التاريخ رجحوا وجودها في عدة مناطق بالشرق الأوسط.
قبور الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب
الحرم الإبراهيمي هو أقدم بناء ديني في العالم مستخدم حتى الآن، ويقع في مدينة الخليل بالضفة الغربية، بُني فوق المغارة التي دفن فيها النبي إبراهيم وزوجته سارّة وولدهما إسحاق وزوجته رفقة، والنبي يعقوب وزوجته ليئة، وهذا باتفاق المؤمنين بالشرائع الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية)، وتضيف بعض الروايات المشكوك في صحتها لهؤلاء الأنبياء قبوراً أخرى للأنبياء آدم ونوح ويوسف في المكان نفسه.
ويقال إن النبي الملك، سليمان بن داود، هو الذي بنى السور الضخم حول المغارة، الموجود إلى يومنا هذا باسم “الحير”، وتنسبه بعض الروايات للملك هيرودوس، في عهد الإمبراطورية الرومانية؛ إذ إن الطراز المعماري ذا الحجارة الضخمة (تصل لـ 7 أمتار) يشابه الطراز المعروف عن هذا الملك، وبنى البيزنطيون بعدها كنيسة داخل السور، بعد أن سقَّفوه وفتحوا فيه باباً وزادوا 4 أعمدة داخله.
ويقال إن الفرس هدموا الكنيسة حينما غزوا فلسطين، وفي عهد عمر بن الخطاب اعتنق أهالي الخليل الإسلام، وجعلوا المنطقة داخل السور القديم مسجداً، بعد أن كانت سوراً مهملاً بعد تدمير الحروب السابقة له.
اقرأ ايضًا “بيان جواز قصد قبور الصالحين والتوسل بهم إلى الله في الدعاء” عبر الضغط هنا
وبنى الأمويون بعدها مسجداً جديداً لا يزال قائماً حتى الآن، ووضعوا قباباً فوق أضرحة الأنبياء، ليعود الحرم الإبراهيمي لحالته بعد الحروب الصليبية، التي حوَّلت المنطقة المقدسة لقلعة حربية، وجدده الأيوبيون والمماليك وأضافوا له المنبر والقبة.
ووُلد النبي إبراهيم في أور ببلاد الرافدين (العراق حالياً)، وهاجر إلى بابل، ثم حرّان (جنوب تركيا الحالية ويوجد له مقام وهمي فيها)، ثم رحل لمصر وحبرون (الخليل) ودمشق وبئر السبع ونابلس حتى دفن في الخليل، ودفن بعد النبي ابناه إسحاق ويعقوب في المغارة نفسها مع زوجتيهما.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ولا توجد أدلة حقيقية حول مكان دفن النبي إسماعيل في الحرم المكي أو غيره، وقيل إن جسد النبي يوسف قد نُقل من مصر حيث توفي إلى الخليل أيضاً، بحسب بعض المرويات
النبي موسى في فلسطين
لا يُعرف على وجه اليقين مكان قبر النبي موسى، لكن يقال إنه في جبل نيبو بالأردن أو في أريحا على طريق القدس.
اقرأ ايضًا “مزارات ومقامات.. أين تقع قبور الأنبياء في الشرق الأوسط؟” عبر الضغط هنا
ويوافق هذا الزعم، حديثاً نبوياً عن البخاري عن أبي هريرة قَال: “أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إلى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِى إلى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ. وَقَالَ: ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَي رَبِّ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِن الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إلى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ”.
آدم وحواء ونوح في فلسطين
توجد قبور كثيرة لنبي الله آدم، فيعتقد اليهود وبعض المسلمين السُّنة أنه مدفون وزوجته حواء في المغارة الإبراهيمية بالخليل نفسها قبل بناء الحرم، بينما يعتقد الشيعة أنه مدفون في مسجد الإمام علي، إلى جوار قبر علي بن أبي طالب، ونوح النبي، وتوجد أيضاً مزارات في الهند وأماكن أخرى حول العالم، منها ضريح لآدم وأمه. وبالتأكيد، لا توجد أدلة على صحة أي منها.
كما يوجد قبور منسوبة للنبي نوح في أذربيجان والنجف بالعراق، والأردن، ولبنان وتركيا.
يحيى وزكريا في دمشق وحلب
يوجد مقام للنبي يحيى بن زكريا في قلب الجامع الأموي بدمشق السورية، ويعتبر مزاراً دينياً للمسلمين، بينما يوجد قبر النبي زكريا في الجامع الأموي الكبير بحلب، وقد تعرَّض لأضرار بسبب القتال في المدينة.
هل يوجد أنبياء في تركيا؟
تنتشر في تركيا حكايات شعبية عن مراقد للأنبياء في مدن جنوب تركيا الوسطى والغربية.
يقول كثير من الأتراك عن مدينة شانلي أورفا (الرها القديمة)، إنها مدينة الأنبياء، ففيها مقام للنبي إبراهيم حيث يعتقد الناس هناك أن النمرود أشعل النيران في بحيرة المقام ليلقي إبراهيم في النار، لكن النيران تحولت لمياه، وتحول الحطب للسمك المشهور في البحيرة.
اقرأ ايضًا “بحيرة إبراهيم الخليل: ماؤها نار وسمكها خشب!” عبر الضغط هنا
وتوجد مغارة هناك يُعتقد أن النبي أيوب قضى فيها سنوات ابتلائه، وبجوارها البئر التي يقال إنه اغتسل فيها ليبرأ من المرض، ويوجد كذلك ضريح منسوب للنبي شعيب.
وفي مدينة ديار بكر التاريخية، المجاورة لأورفا، توجد مزارات للأنبياء هارون عليه السلام، وإلياس النبي، واليسع النبي الذي يقول الأتراك إنه نُقل من ديار بكر لأورفا؛ بسبب أعمال بناء سد مائي في الموقع الأصلي، وكان جثمانه غير متحلل، والنبي ذي الكفل، ورغم هذا الاعتقاد الشعبي السائد، لا توجد أدلة تاريخية ولا دينية حقيقية على صحة دفن الأنبياء في هذه المزارات.