الوَالِدُ لا يُغَرَمُ عن ولَدِهِ وصَاحِبُ الْعَمَلِ لا يُغرَمُ عَنْ عَامِلِهِ
هَذَا الَّذِي سَنَذْكُرُهُ يَنْبَغِي أَنْ تَعُوهُ وَتَحْفَظُوهُ وَتُعَلِّمُوهُ غَيْرَكُمْ لأَهَمِّيَّتِهِ:
الْمَسْئَلَةُ الأُولى: الأَبُ لا يُكَلَّفُ غَرَامَةَ أَوْلادِهِ إِنْ قَتَلُوا أَوْ أَتْلَفُوا شَيْئًا إِن كَانُوا بَالِغينَ أَوْ غَيْرَ بَالِغِينَ، هَذَا بِالإجْمَاعِ لا يَخْتَلِفُ فيهِ إِمَامٌ عَنْ إِمَامٍ، الْمَذَاهِبُ الأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهَا عَلَى هَذَا، الْمُجْتَهِدُونَ كَثْرَةٌ، أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعينَ، لَكِنْ هَؤُلاءِ الأَرْبَعَةُ أَتْبَاعُهُمْ بَاقُونَ إِلى يَوْمِنَا هَذَا أَمَّا الآخَرُونَ أَتْبَاعُهُمُ انْقَرَضُوا إِنَّمَا مَسَائِلُهُم في كُتُبِ الْفِقْهِ مَذْكُورَةٌ، مِنْهُمُ الأَوْزَاعِيُّ، في هَذِهِ الْمَسْئَلَةِ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ. إِنْ قَتَلَ الوَلَدُ خَطَأً دِيَتُهُ شَرْعًا يَتَحَمَّلُهَا عَصَبَتُهُ: إِخْوَتُهُ وَأَبْنَاءُ إِخُوَتِهِ وَأعَمَامُهُ وَأبْنَاءُ أَعْمَامِهِ، هَؤُلاءِ هُمْ يَتَحَمَّلُونَ دِيَةَ الْخَطَإِ، الوَالِدُ لا يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَتَبَرَّعَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، فَمَا خَالَفَ هَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ وَالَّذِي يُسَاعِدُ على هَذَا الْبَاطِلِ عَاصٍ، الطِّفْلُ إِنْ قَتَلَ خَطَأً تَتَحَمَّلُ عَصَبَتُهُ هَذِهِ الدِّيَةَ فَإِنْ لَمْ تَتَحَمَّل وَكَانَ لَهُ مَالٌ وَرِثَهُ مِنْ أُمِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ فَمِنْ مَالِهِ هَذَا تُدْفَعُ دِيَةُ الْخَطَإِ. وَالْبَالِغُ إِنْ لَمْ تَتَحَمَّلْ عَصَبَتُهُ الدِّيَةَ وَكَانَ لَهُ مالٌ فَمِنْ مَالِهِ تُدْفَعُ الدِّيَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعِنْدَما يَسْتَطِيعُ يَدْفَعُ، وَهَكَذَا الْجُرُوحُ كُلْفَةُ الْجُرُوحِ الأَبُ لا يَتَحَمَّلُها، وَإِنْ أَتْلَفَ الوَلَدُ شَيْئًا كَسَيَّارَةٍ أوَغَيْرِهَا لا يَلْزَمُ الْوَالِدَ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْوَلَدُ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، هَكَذَا الْحُكْمُ في شَرْعِ اللهِ.
الْمَسْئَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْعَامِلُ الَّذي يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ في الْحَفْرِ أَوِ الْبِنَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إِذَا هَلَكَ أَثْنَاءَ عَمَلِهِ فَمَاتَ لا يُكَلَّفُ صَاحِبُ الْعَمَلِ بِشَىْءٍ مِنَ الْغَرَامَةِ وَإِنْ جُرِحَ لا يُكَلَّفُ بِعِلاجِهِ، رَوَى البُخَارِيُّ أَنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ (الْبِئْرُ جُبَارٌ) [1] مَعْنَاهُ مَنْ يَمُوتُ بِسَبَبِ الْبِئْرِ هَدَرٌ، إِذَا وَقَعَ فَمَاتَ أَوِ انْهَدَمَتْ عَلَيْهِ الْبِئِرُ لَيْسَ لَهُ غَرَامَةٌ، وَعَلَى هَذَا كُلُّ الْمُجْتَهِدِين هم أَخَذُوا بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ واعْتَمَدُوا عَلَيْهِ.
[1] في مُخْتَارِ الصَّحَاحِ: الْجُبَارُ بِوَزْنِ الْغُبَارِ الْهَدَرُ يُقالُ ذَهَبَ دَمُهُ جُبَارًا، وَفي الْحَديثِ (الْمَعْدِنُ جُبَارٌ) أَيْ إِذَا انْهَارَ على مَنْ يَعْمَلُ فيهِ فَهَلَكَ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ مُسْتَأجِرُهُ.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website