على مدى السنوات الأولى من حيواتنا جميعا كنا نجهل حقيقة الدين وما هو أساسا، أي لا فكرة لدينا عن الأديان والطوائف والعقائد المختلفة في هذا العالم الكبير، لكن بالطبع كأي طفل صغير كانت أعيننا البريئة تتابع آباءنا وأمهاتنا وهم يمارسون تحركات من قيام طويل وجلوس مؤقت على الأرض بعد سماع صوت يصدح في الأرجاء من حولنا بكلمات لا يمكن لعقلنا فك مفاهيمها، لكنه يميزها فهي تتكرر كثيرا.
وبلا عجب حاولنا جميعا محاكاة حركاتهم تلك بأطرافنا الغضة وأجسادنا الصغيرة، وبالتأكيد ذاكرة كل منا تشهد امتناع العائلة عن الطعام لساعات معينة من اليوم باستثناء أفواهنا واحتفالهم بأيام معينة من السنة وأوراق مالية توضع في كفنا الصغير، حينها بلا منازع لم نضع لهذا تفسيرا فبالتأكيد كل ما كنا نهتم لأمره كأطفال هو اللعب والنوم والطعام لا غير.
إلى أن وصلنا إلى مرحلة من هذه الحياة اكتسبنا فيها القدرة على الملاحظة والتفكير وطرح الكثير الكثير من الأسئلة كـ: ماهي الصلاة؟ ولماذا نصلي؟ لماذا نصوم؟ هل يجب أن أصوم اليوم كله؟ من هو الله؟ أيحبني؟ هل سأراه؟ ماهي الجنة؟ ماذا يعني إسلام؟ لماذا تغطين رأسك؟ لماذا ولماذا لا نهائية، سؤال بعد سؤال وإجابة بعد إجابة تتبعها قصة من هنا وملاحظة من هناك والكثير من الدروس في مدارسنا جعلتنا نتقمص شخصية المسلم حتى تشربتها ملامحنا وخلايا عقولنا شيئا فشيئا.
بهذا أجيب السؤال الأول “لماذا نحن مسلمون؟” لتكون الإجابة أن الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم الذان نشأنا فيهما جعلا منا مسلمين بأساس الفطرة، وهذا ليس بغريب كما قال رسول الله صل الله عليه وسلم “مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ”.
بينما أضع تلك الإجابة جانبا أكرر سؤالي مرة أخرى لماذا نحن مسلمون؟ هل لنصلي ونصوم ونزكي ونتصدق فقط بدون أي معرفة؟ أم هناك هدف وغاية أسمى لوجودنا على وجه الكرة الأرضية بكيان إنسان مسلم، فبلا أي شك أن الوجود الإنساني والديانة بينهما علاقة وثيقة، فالروحانية جزء لا يتجزأ من الوجود الإنساني.
أنعمنا الله بالإسلام لنجد منارة وبصيص أمل في كل ظلمة نواجهها، لنصبح شيئا بعد شيء منارات بأنفسنا لغيرنا ندلهم لحقيقة الوجود المتمثلة بعظمة الإسلام، أكرمنا الله بهذه النعمة الثمينة لنكون جنوده على الأرض ورفاق أنبيائه في الفردوس الأعلى، لنجعل من هذا العالم مكانا أفضل ليعيش فيه الإنسان بسعادة ونعيم لنصنع من حيواتنا قصص وتاريخ يقاس بقيم الذهب والألماس، فالإسلام يمنح المرء رؤية ورسالة واضحة، رؤية قد يقضي المرء حياته بأكملها يبحث عنها حتى يسيطر عليه البؤس لغياب ضالته تلك، بينما هي وبكل بساطة في داخله بفطرته السليمة.
كونك مسلم يمنحك الأفضلية من حيث الحياة الأنعم بالمعنى الروحاني، وهنا أقصد المسلم بالمعنى الحقيقي شريعة وعقيدة، فأنت تملك المرجع الذي يوجهك للطريق الأنسب على الصراط المستقيم لتجد الحلول لمشاكلك، وفي كل مرة تصفعك الحياة هناك رابط روحاني يمدك بالقوة وكتف تسند رأسك عليه ويد تمسح عن قلبك الحزن بالرحمة والطمأنينة، تمتلك الأفضلية بالقرآن والصلاة والدعاء وحقيقة أن هناك من عينه لا تنام يرعاك في كل ثانية، وأنه يمهل ولا يهمل مطلقا مهما طال الزمان.
يقول جلال الدين الرومي “مَن يَدخُل الطَريِق بِلا مُرشد سَيستغرق مِائة عَام فيِ رِحلة لا تَحتاج سوى يَومين”، ونحن دخلنا هذه الحياة ولدينا المرشد، لكن تناسيناه وتجاهلناه وبحثنا عن إرشاد آخر ضال. أن تكون مسلما يجعل لكل فعل وقول يصدر منك معنى وقيمة وأهمية ستحاسب عليها عاجلا أم آجلا، أي أن حياتك لن تكون كالهباء المنثور، فهناك الأوامر والنواهي التي تمنح حياتك النظام،والعبادات والآداب التي تضفي عليها الواقعية والرقي.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
أنك مسلم يعني أن حياتك بأكملها عبادة لها هدف وغاية عُظمى تأخذك إلى الآخرة أي من حياة فانية إلى حياة خالدة أنت من تقود نفسك إليها والله برحمته وعدله يقرر طبيعتها، بكل ما تحمل الكلمة من معنى يجعل الإسلام حياتك حياةً حقيقية من جميع الجوانب.
مسلم يعني ثقة بالله وصدق وأمانة وإخلاص وصبر ووفاء وجدية وطيب نفس ورأفة وقوة وتفكر، تطول القائمة لكن بمختصر الكلمات إنسان حقيقي، هنا يأتي السؤال بصياغته المناسبة قائلا: هل كنت مسلما مؤخرا؟