“مبادرة الملك سلمان بن عبد العزيز، بإنشاء مجمع للحديث النبوي تهدف لكشف المفاهيم المكذوبة عن الرسول عليه الصلاة والسلام”.
بتلك الكلمات وصف النائب العام السعودي، سعود بن عبد الله المعجب، الأمر الملكي الذي أصدره “سلمان” والقاضي بإنشاء مجمع باسم (مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف).
وسيتخذ المجمع من المدينة المنورة مقرًا له، ومن المتوقع أن يمثل مجلسا علميًا يضم صفوة علماء الحديث الشريف في العالم، ويُعَيّن رئيسه وأعضاؤه بأمر ملكي،
توقيت الإعلان عن إنشاء الهيئة، والغرض الذي أنشئ من أجله، اعتبر مثيرًا للجدل وفقًا لعلماء ومراقبين، حيث إن السنة النبوية المطهرة، روجعت بالفعل عشرات المرات، عبر دراسات وأبحاث وكتب قامت بتخريج وتدقيق الأحاديث النبوية المشرفة
كما أن السعودية قدمت نفسها على مدار السنوات الأخيرة على أنها حامية السنة النبوية، والمدافعة عنها، والمنقحة لأحاديثها عبر عشرات العلماء، ولكن في حقيقة الأمر أن القائمين على ذلك الأمر كانوا من أتباع الدين الوهابي الذين ضعّفوا وصححّوا أحاديث تخدم قضيّتهم وعقيدتهم فقط.
هذا الموقف بهذه الخلفيات أثار عددا من الأسئلة منها: لماذا تذكرها الملك سلمان الآن؟ وهل مجمع السنة النبوية سيعمل على تنقيحها وإخراج الضعيف والمكذوب فقط؟ هل هو استبدال الأسوأ بالسيء؟ اي استبدال الدين الوهابي بدين جديد يسمّيه إسلامًا، ولكنه دينٌ يُرضي الغرب؟ أم أن للهيئة أهدافًا أخرى مستترة قد تكشف عنها الأيام القادم؟
تنقيح النصوص الكاذبة!
وفقا لما قاله النائب العام السعودي سعود بن عبد الله المعجب في تصريحات فإنّ من أهداف إنشاء مجمع خادم الحرمين الشريفين للحديث الشريف كشف المفاهيم المكذوبة عن الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال دراسة وتمحيص وتصحيح هذه المفاهيم على يدي جمع من العلماء البارزين، ونبذ ما يفترى عليه صلى الله عليه وسلم من أكاذيب وتلفيق لأحاديث باطلة ومنكرة وضعيفة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
المعجب أشار أيضًا إلى أن المجمع «سيسهم في نشر الفكر المعتدل في أوساط الشباب وتحصينهم من الغلو والأفكار المتطرفة، وتصحيح صورة الإسلام ونشر تعاليم الدين الصحيح، كما سيكون له دور في إحياء السنة النبوية الشريفة والدفاع عنها أمام هجمات الأعداء، وسيعزز من دور المملكة في ريادة العالم الإسلامي».
لكن النائب العام السعودي، ترك فكرة تنقيح السنة من النصوص الكاذبة مفتوحًا على مصراعيه، دون أن يحدد آليات هذا التنقيح وعلى ماذا سيستند العلماء العاملون بتلك الهيئة خلال عملية التنقيح.
بمعنى هل سيعتبرون ثوابت ما استقر عليه المنهج الوهابي مثلا في الأصول والفروع هو المعيار الذي ستوزن به متون تلك الأحاديث؟ بمعنى أوضح: في قضايا المرأة مثلا بداية من طبيعة ملبسها واعتبار وجهها عورة وانتهاءً بتوليها الوظائف العامة او الخاصة هل سيتعاملون مع النصوص بروح المنهج “السلفي” الوهابي المستقر منذ عقود في المملكة.. أم أن مقتضيات هيئة الترفيه مثلا ستكون لها كلمة في معايير تنقيح تلك الأحاديث؟
خلفيات العمل إذن وسياقه الذي يتحرك فيه هو الذي اقتضى تدافع تلك الأسئلة وغيرها العشرات حول تفاصيل هذا العمل ومخرجاته
محاربة التطرف
هدف آخر من أهداف السعودية لإنشاء تلك الهيئة، كشفته “وزارة الثقافة والإعلام السعودية” بشكل صريح ومعلن، وأكّده مراقبون، وهو ما يتمثل في محاربة التطرف من خلال إخراج الأحاديث التي تحضّ على العنف من وجهة نظر السلطة، خصوصًا مع تنامي ظاهرة الانتماء لتنظيم الدولة “داعش” والذين يعتمدون على نصوص نبوية معينة في محاربة السلطة.
وزارة الثقافة والإعلام السعودية قالت ذلك صراحة؛ حيث أكدت أن المملكة ستراقب من خلال تلك الهيئة تفسير أحاديث النبي محمد؛ لكيلا تستخدم في تبرير العنف أو الإرهاب، وأن هدف الهيئة هو “القضاء على النصوص الكاذبة والمتطرفة وأي نصوص تتعارض مع تعاليم الإسلام وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب”.
ووفقًا لمراقبين فإنّ “إعلان الدولة صراحة” لتنقيح السنة من أحاديث التطرف، قد يكون مدخلًا من مداخل الدولة، لحذف الأحاديث المتعلقة بالجهاد، وتوجيه الاتهامات لتلك الأحاديث بأنها مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، رغم ثبوت صحتها في كتب التراث الإسلامي.
وفي حال صعوبة تكذيب أحاديث نبوية ثابته في كتب “السنة” المعروفة كالبخاري وغيره، ربما ستلجأ تلك “الهيئة” إلى تفسير تلك الأحاديث بتفسيرات تختلف عن مضمون الجهاد أو القتال، خاصة وأنّ التوجه السعودي الحالي، هو تقديم نموذج مختلف للمفاهيم والقيم الإسلامية، وتغيير الصورة النمطية عن أساسيات الفكر الوهابي الذي تأسست عليه الدولة السعودية.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” لمحررة الشؤون الدينية هارييت شيرود، فإنّ مهمة هذا المجمع ستكون “تنقية الأحاديث النبوية، كوسيلة لمحاربة التفسير الوهابي للدين، خاصة وأن القيادة السعودية تهتم أكثر بصورتها والعلاقات العامة، وتريد بشكل عاجل معالجة التطرف لديها.
وأشار التقرير إلى أنّ السعودية، تسعى لتغيير الصور النمطية التي أخذت عنها بأنها، مصدرة للإرهاب والتطرف في العالم، حيث تتهم السعودية بأنها رعت ما وصفته بالإرهاب منذ ستينيات القرن الماضي، وأنفقت جهودًا بملايين الدولارات؛ لتصدير الفكر الوهابي للعالم الإسلامي، بما فيها المجتمعات المسلمة في الغرب”.
التحولات الفكرية للمملكة
ربما تكون “هيئة السنة النبوية” الجديدة، هي أيضًا استمرارًا لعملية التحولات الفكرية التي تشهدها المملكة على يد “بن سلمان” فالدولة التي كانت تقدم نفسها كدولة، سنية، بالأحرى وهابي، تسير على المنهج النبوي، تتجه وبقوة تجاه العلمانية بقيادة الأمير الشاب والحالم بالملك “محمد بن سلمان”.
ويرى مراقبون أنَّ السعودية من أكثر دول العالم استغلالًا للسنة النبوية، حيث إنها حين أرادت أن تقدم نفسها كدولةٍ سنيةٍ، ادّعت أنها تطبق الشريعة وتدافع عن السنة، واستغلت في ذلك تراثا كبيرًا من أحاديث النبي الكريم، تُحرِّم الخروج على الحاكم وتفرض الالتزام والخضوع له.
وحين قررت “المملكة” الخروج من العباءة الوهابية، والتقرب من الغرب، استغلت الأحاديث أيضًا استغلالًا واضًحا من خلال هيئة تنقح الأحاديث التي تحض على العنف والتطرف، وفقا لقولها
ووعد ولي العهد السعودي بتنفيذ خطة إصلاحية يُطلق عليها اسم “رؤية 2030” تتضمن إصلاحات اقتصادية واجتماعية.
ويرى محللون أن محمد بن سلمان “يهدف إلى التقرب من الغرب والتبرؤ من التراث السلفي الوهابي ليقدم نفسه قائدًا للتحديث”.