الحمدُ لله ربِّ العالمينَ وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على أشرفِ المرسلينَ سيّدِنا مُحمَّدٍ وعلى ءالِهِ وصحبِهِ الطَّيّبينَ الطّاهرينَ.
وبعدُ، فقد اختلَفَ الفقهاءُ في حُكمِ إدخالِ نحوِ عُودٍ مِنَ الأنفِ، وإنْ جاوزَ الخيشومَ إلى جِهةِ الدِّماغِ، ومِثلُهُ إدخالُهُ مِنَ الفَمِ إلى جِهةِ الجَوفِ:
أمّا الشّافعيّةُ، فذهبوا إلى أنّ إدخالَ مأكولٍ أو غيره مِمّا يُحِيلُه المعِدةُ والدّماغُ أو لا، مُفطِّرٌ إذا جاوزَ الحُلقومَ أو الخيشومَ، ومِن نُصوصِ فُقهاءِ المذهبِ في ذلكَ:
-قولُ إمامِ الحرَمَينِ الجوينيّ في «نهاية المطلَب» (4/63): “وإذا جاوزَ شيءٌ الحلقومَ فطَّرَ، وكذلكَ ما يجاوِزُ الخَيشومَ”.
-وقالَ المَلِيباريُّ في «فتح المُعِين» (ص/266): “ولا يفطر بوصولِ شيءٍ إلى باطنِ قصَبة أنفٍ حتّى يجاوِزَ منتهَى الخَيشومِ وهو أقصَى الأنفِ”.
وللشَّافعيّةِ وجهٌ غيرُ مَشهورٍ في المذهبِ وهو أنَّه لو أدخَلَ نحوَ خَيطٍ فوصَل إلى جَوفهِ أو دِماغِهِ وطرَفُهُ الآخَرُ خارِجًا لَم يُفطِر، حَكاهُ العمرانيُّ في «البيان» (3/504).
أمّا الحنفيّةُ، فذهبوا إلى خلافِ ما ذهبَ إليه جمهورُ الشّافعيّة، فلو لَم يَستقِرَّ الدّاخِلُ بكُليّتِهِ في الجوفِ أو الدّماغ لَم يُفطِّر ذلكَ، فلو أدخَلَ مِن أنفِه أو فَمِه نَحوَ عُودٍ إلى جِهةِ المَعِدةِ أو الدِّماغِ وطرَفُهُ الآخَرُ خارِجًا لَم يُفطر بذلكَ، وهوَ المفهومُ مِن صريحِ كلامِ فقهاءِ المذهب، مِن ذلكَ:
-قولُ زينِ الدّين ابنُ نجيم في «البحر الرّائق» (2/300): “ولو شدّ الطّعام بخيطٍ وأرسله في حلقه وطرَفُ الخيطِ في يدِهِ لا يفسد الصّوم إلّا إذا انفصَلَ”.
-وقولُ سراجِ الدّينِ ابن نجيم في «النهر الفائق» (2/32): “وقالوا: لو شدّ الطّعام بخيطٍ وأرسله في حلقة وطرف الخيطِ بيدِهِ لا يَفسُدُ صومُهُ وكذا لو أدخل خشبةً ونحوَها وطرفٌ منها بيدِهِ بخلافِ ما إذا غيّبها.
قال في البدائع: وهذا يدلُّ على أنّ استقرارَ الدّاخلِ في الجوفِ شرطٌ للفسادِ”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website