لا زالت حتى اليوم “المحجبة” غير مقبولة في مجتمعاتنا التي تدّعي التحضر والانفتاح، قالها أحد المتابعين للوضع اللبناني.. بالرغم من أن أهل السنة والجماعة يشكّلون الأكثرية في المجتمع اللبناني إلا أنهم مطالبون دائمًا بتقديم البراهين على أنهم غير وحوش وأنهم غير ارهابيين.. لكن مهلًا… هل تاريخ أهل السنة دموي في لبنان لكي يُطالبوا ويُعاملوا بهذا الشكل؟
في تقليب سريع لصفحات التاريخ اللبناني نجد أن الحرب الأهلية بدأها المسيحيون حتى أنهم فجّروا كنائس بعضهم البعض وارتكبوا أشنع الجرائم. بل أن أبشع مجزرة حينها راح ضحيّتها أهل السنة في مخيمات صبرا وشاتيلا بتعاون بين طرف مسيحي والجيش الصهيوني آنذاك. بل عندما تتحدث عن الحروب والويلات في التاريخ اللبناني يندر ما يغيب عن المشهد الطرف المسيحي أو الطرف الشيعي أو غيرهما وجلّما تجد الضحية هم من أهل السنة. هذه المقدّمة لم تُكتب بهدف التحريض على فئة ضد أخرى أو بهدف إثارة نعرة هنا أو هناك، بل هي تهدف إلى طرح السؤال الجوهري، لماذا يُستهدف أهل السنة في رموزهم ووجودهم في لبنان ويتم استضعافهم في شتّى الوسائل وفي نفس الوقت يُطالبون دائًما بتقديم صكوك الولاء والبراءة لباقي الطوائف في البلاد.
وصلت الأمور في لبنان إلى مراحل لم يعد السكوت عنها حكمة، تجد محطات التلفزة كقناة الجديد وغيرهما تطالب المشاهد أو الزائر السني تبنّي أو تقبّل الشذوذ والمرض الجنسي تارة وخلع عباءة الالتزام عنه تارة أخرى فقط لئلا تصنّفه القناة او المشاهد بأنه ارهابي، فكأنما لسان حالهم يقول إما تكون سنيًا شاذًا أو تكون إرهابيا تكفيريًا متزمّتًا. وفي ايامنا هذه، صار استهداف المرأة المسلمة والإضاءة عليها وضدها هو الهدف الأسمى لدى التطرّف العلماني تارة والمسيحي تارة أخرى. ففي بلد يشكّل أهل السنة فيه قرابة نصف المجتمع ينشط التطرّف في التضييق على النساء المسلمات واقصاءهم من الحياة اللبنانية مع سكوت تام لأطراف عدّة أولها دار الإفتاء اللبنانية وليس آخرها القنوات اللبناني التي تدّعي حرية التعبير وتقبّل الرأي الآخر والتعايش وما إلى ذلك من العناوين الفارغة المهترئة. بشكل عام، حال أهل السنة في البلاد ليس بأحسن حال حتى داخل الطائفة, فعندما يكون عندهم “الزعيم خط أحمر” وتُحرق البلاد لأجله ولا يُحرق سوى رأس نرجيلة كرمى لعيون المسلمة ورمزها فعندما لا يسعك القول إلا.. هزلت
في لبنان، بلد التعايش لا زال البعض يصر على تهميش الفتاة “المحجبة”، ضارباً بعرض الحائط معايير الكفاءة.
ولا زال “الحجاب” يشكل حساسية مزمنة لأصحاب العقول المريضة التي لا تقبل أن يكون لأي فرد مسلم فرصة ليعبر عن نفسه ويحقق ذاته. وآخرها، ما حصل في إحدى المجمعات التجارية، حيث تم رفض سيدة محجبة لتتولى البيع على إحدى الستاندات لمتجر أدوات منزلية.
وفي حديث مع السيدة سمية حجازي التي كشفت عن الموضوع، لفتت إلى أنّها تلقت رسالة عما حصل من المتجر (fullhouse.leb) بعدما انتقدت إحدى البرامج التلفزيونية التي تناولت موضوع الحجاب، ونشرتها عبر صفحتها التي يتابعها الآلاف كونها تعنى بالطبخ ومشاركة الوصفات اليومية.
وأشارت إلى أنّ الحادثة حصلت في ABC أشرفية، الذي ردّ عليها بالقول: “ABC كيان غير طائفي، يرحب ويحترم جميع الديانات. الحظر لا يميز ضد أي دين وسياستنا ويقبل جميع المستأجرين بغض النظر عن معتقداتهم الدينية؛ ومع ذلك، سياستنا الداخلية، والتي تحظر جميع العروض الدينية العامة والملحقات الرمزية (اكسسوارت)، مقبولة من قبل جميع الموظفين، المستأجرين والمتاجر المنبثقة”. يدّعي هذا المجمّع ذو الإدارة المتطرّفة أنه يمنع جميع الأشكال والرموز الدينية في حين شجرة الميلاد فيه أكبر من المحال التجارية والصليب فيه تكاد تجده في تواقيع مدراءه حتى. وما يتضّح حقيقة هو أن المنع هو فقط منع لجميع مظاهر الدين الإسلامي وبالأخص تستّر المرأة المسلمة المستهدفة في تلك البقاع.
وأكدّت أنّ ما حصل أثار موجة من غضب واستنكار كبيرة، إذ من غير المقبول أن نفكر ونرى الأمور بهذه الطريقة حتى اليوم.
وذكرت أنّ الشابة التي تم رفضها لم تعلم بالموضوع، مشيرة إلى أنّ المتجر أغلق “الستاندات” الخاصة به في المجمع. كما رفض العودة بعدما طلبت إدارة المجمع منه ذلك بعدما شاعت الحادثة وتلقى انتقادات واسعة.
كما كتبت عبر حسابها على “إنستغرام”: “انت سيدة نفسكِ بأي زي تختاري أن ترتديه فكيف إذا كان خيارك الحجاب؟ بعرف انو صفحتي صفحة طبخ، ولكن منذ اليوم الأول وأنا أحمل نفسي مسؤولية من هذه المساحة المتواضعة بالتأثير إيجاباً بأي موضوع أرى لنفسي القدرة عليه”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وأضافت: “غير مقبول تشويه حجابنا، سترنا، قرارنا بزي محتشم، لا يمثل إلا العفة، الرقي والاحترام. غير مقبول من يسمون أنفسهم إعلامين اختيار ما يتناسب مفهومهم المُحرف عن الحجاب والترويج له.. غير مقبول رفض فتاة محجبة لوظيفة أو عمل وهي لديها الكفاءة”.
وتابعت: “الحجاب واجب، ولا جدال فيه، فلا جدوى بالنقاش”.
ليست المرة الأولى، والأكيد أنّها لن تكون الأخيرة فهنا لا زلنا ندّعي الحرية، دون أن نعيشها.. ولكن مهما حصل وسيحصل لاحقاً، “المحجبة” موجودة بنجاحاتها وإنجازاتها وحضورها ولن يستطيع أحد أن يخفي ذلك، فالحقيقة أوضح من “عين الشمس”.