عاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتلميح إلى مضي المملكة قدما في التخلي تدريجيا عن نهجها الديني المتبع منذ عقود أي تبني الدين الوهابي كدين رسمي للمملكة
في مقابلته المثيرة للجدل مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، همّش ابن سلمان دور محمد بن عبد الوهاب، الذي كان يُنظر إليه على أنه شريك في قيام السعودية، ووصفه بأنه من ضمن الذين عملوا برفقة السياسيين والعسكريين في الدولة السعودية الأولى.
تحدث ابن سلمان أيضا بوضوح عن تهميش دور هيئة كبار العلماء في اتخاذ القرارات المصيرية التي تحتاج إلى شرعنة فقهية لها.
وقال إن الشريعة تنص أن رأس المؤسسة الإسلامية هو الحاكم وليس المفتي، مضيفا أن وظيفة الإفتاء والعلماء هي “تقديم المشورة للملك”، وأن كلمة الفصل في أي أمر تعود للملك فقط.
وبرغم ذلك، فقد أيدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تصريحات ابن سلمان، واحتفت بها، معتبرة أنها “توضح النهج الراسخ للمملكة في سيرها على نهج الكتاب والسنة دون تعصب مذهبي”.
الكاتب عبد الله بن بجاد العتيبي، قال إن إعلان يوم “التأسيس” هو بمثابة “انتصار الدولة لتاريخها، وإعادة الأمور إلى نصابها”.
وتابع في مقالة بصحيفة “الشرق الأوسط”، بأن السعودية عانت من “انحياز بعض المؤرخين التقليديين عاطفيا للدعوة أو لشخص الداعية، وليس للدولة”، مضيفا أن بعض كتابات المؤرخين سابقا “كانت خاضعة لضغوط هائلة من مراكز قوة في المجتمعات تختلف بحسب كل لحظة تاريخية”.
وعلّق الكاتب تركي الحمد بأن اختيار “يوم التأسيس” هو “تأكيد على مدنية الدولة في جذورها الأولى، فقد جاء الشيخ إلى الدرعية مستنصرا وليس داعما أو مؤسسا، وهذا يحل كثيرا من الإشكالات حول طبيعة الدولة”.
وأوضح في تغريدة أن “حركة محمد بن عبد الوهاب (الوهابية)، أيديولوجيا دينية ساعدت الدولة السعودية الأولى في التوسع لا شك، وبعد ذلك انتهت مهمتها التاريخية، بمثل ما انتهت التطهيرية المسيحية التي كانت أيديولوجيا بريطانيا وأمريكا حين التأسيس، واليوم انتهت هذه الضرورة وأصبحت جزءا من التاريخ”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
“التبرؤ غير وارد”
المؤرخ والكاتب الصحفي البريطاني المهتم بشؤون الشرق الأوسط، أندرو هاموند، استبعد أن يجري حاليًا ابن سلمان مراجعات علنية يتبرأ خلالها من النهج الديني الذي سارت عليه المملكة منذ عقود.
ورأى هاموند أن ابن سلمان سيزيد من دعوته إلى حصر الفتاوى بالاستناد إلى القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة المسندة، وتجاهل الفتاوى الصادرة عن شيوخ المدرسة الوهابية، بحسب قوله.
هل تُلغى هيئة كبار العلماء؟
تهميش محمد بن سلمان لدور هيئة كبار العلماء، وأنه غير ملزم بفتاويهم، دفعت مغردين إلى التساؤل عن مصير الهيئة التي دائما ما كان ملوك السعودية ينظرون إليها بتبجيل كبير.
أندرو هاموند قال لـ”عربي21“، إن “العلماء سيقولون ما يريده ابن سلمان، وسيوافقونه على كافة قراراته، وبالتالي فلا حاجة له للاستغناء عنهم، وتعويضهم برجال دين آخرين”.
وبرغم ذلك، فإن هاموند لم يستبعد أن يقوم ابن سلمان بضخ دماء جديدة ومن مدارس شرعية لم يسبق لها دخول هيئة كبار العلماء.
فيما قال الباحث عبدالله الشمري أن ابن سلمان “يحاول التخلص من تركة الدعوة الوهابية بتياراتها الثلاثة: القتاليّة (داعش)، والسرورية التي تأتي في منطقة الوسط، والجاميّة”.