أمر أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، بإزالة “كل ما يتم التبرك به” في مواقع بني سعد بمحافظة ميسان السعودية جنوب شرق الطائف.
وكان معتمرون من جنسيات مختلفة – أغلبها شرق آسيوية -، ظهروا في مقطع فيديو يتبركون بشجرة وحجر يعتقدون أنها من آثار حليمة السعدية التي أرضعت النبي محمد في بادية بني سعد (قرب مكة).
ونفذت السلطات المحلية في ميسان تعليمات الأمير وتداولت مواقع سعودية مقطع يظهر جرافات تقوم بإزالة الأحجار في الموقع الذي قصده الزوار للتبرك.
وأظهر مقطع آخر جرافة تقوم بإزالة الشجرة التي كان يقبلها ويتبرك بها معتمرون قصدوها للزيارة بعد أدائهم العمرة في المسجد الحرام بمكة.
موقع “مبارك” مفترض؟!
تقع بادية بني سعد في محافظة ميسان جنوب شرق مدينة الطائف، وهي موطن قبيلة بني سعد بن بكر الهوازنية القيسية المضرية من أبناء عدنان ونسل النبي إسماعيل بن إبراهيم.
ويوجد في المنطقة آثار تاريخية قديمة مثل حصون ومساجد ومنازل قديمة، ويقع فيها منزل “مفترض” لحليمة السعدية مرضعة النبي محمد، لكن هناك رأي آخر
في تحقيق سابق أيد المؤرخ السعودي المختص بتراث الجزيرة العربية صالح الأحمدي، نفي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (رسمية) بعدم وجود أية دلائل علمية تشير إلى أن السيدة حليمة السعدية عاشت في القرية المسماة باسمها حالياً.
مستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني د. سعد الراشد قال إن فريقاً من برنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي وأعضاء من اللجنة الاستشارية للبرنامج، قاموا بزيارة علمية لتلك المواقع، بعيد نشر أخبار عن وجود بلدة وبيوت لحليمة السعدية في ديار بني سعد (85 كم جنوبي الطائف).
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وأضاف الراشد لصحيفة “عكاظ”، إن الفريق الذي وقف على الموقع، “لم يعثر على أي دلائل أثرية يمكن الاستدلال بها على أن هذا المكان ينتمي لحليمة السعدية أو لتلك الفترة التاريخية، فلا شواهد أثرية ولا نصوص تاريخية، ولا أي دلالات أخرى يقبلها المنطق لتأييد الرواية المحلية عن أن هذا المكان ينتمي إلى حليمة السعدية، كما أنه لم يرد في أي من المصادر اسم قرية باسم حليمة السعدية، وما ورد في المصادر يشير الى أن بني سعد الذين استرضع فيهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانوا يعيشون في البادية”.
وعُرفت الدولة السعودية بمحاربة ما تسميه “مظاهر البدع والشرك” على حد وصفها متجاهلة أن التبرك ما هو إلا طلب الخير وليس عبادة من دون الله، وكان محمد بن عبد الوهاب، مؤسس الدعوة الوهابية، يعتبر التبرُّك بقبور الصالحين وزيارة الآثار التي يُحتمل أن يكون مر بها الصحابة أو الأولياء- من البدع”. ولكن بدأت السعودية مؤخرًا التبرؤ شيئًا فشيئًا من هذه المعتقدات بل ومحاربتها.
اين كانت تسكن السيدة حليمة السعدية؟
د. الراشد أكد في حديثه لصحيفة “عكاظ” أن الفريق العلمي زار عدداً من مواقع التاريخ الإسلامي في عقيق عشيرة لتطبيق النصوص التاريخية على المعالم الجغرافية والأثرية، ورجح من خلال استعراض الروايات التاريخية وتحقيق المواقع على الطبيعة أن ديار بني سعد التي نشأ النبي في باديتها تقع شمالي الطائف، وأنها تمتد من قرن المنازل (السيل الكبير) حتى أطراف العقيق (عقيق عشيرة)؛ وذلك نظراً لما أكدته العديد من المصادر التاريخية والدراسات الحديثة.
إلا أن الأحمدي يرى أن قبيلة بني سعد، التي كانت تختص برضاعة وتربية أبناء قريش، في ذلك الزمان، كانت تسكن البادية، وتعاني في ذات الوقت من الجدب الذي كان يودي بمواشي تلك القبيلة، إلا أن ذلك الجدب قد يكون لعب دوراً بأن تترك القبيلة تلك الأرض بحثاً عن أماكن أفضل لرعاية مواشيها.
وأضاف الأحمدي انه “من الصعب تتبع المصادر التاريخية التي تشير إلى خط السير القبيلة، وتحديد المدة الزمنية التي عاشتها حليمة السعدية، مرضعة النبي في أوساط قبيلتها”، موضحاً في ذات الوقت أن حليمة السعدية قد دفنت في البقيع بالمدينة المنورة.
بينما يؤكد سعيد بن عرفان، الذي يعمل مرشداً سياحياً في إحدى شركات الحج والعمرة أن الجزيرة العربية تحفل بالعديد من المواقع والشواهد التاريخية، سيما في مكة المكرمة والمدينة، التي يقصدها الحجاج والمعتمرون لزيارة المواقع التاريخية الشاهدة على مسيرة النبي.
وأضاف بن عرفان في حديثه لـ “عربي بوست” إن “من النادر جداً أن تسمع بأن خطأ ما وقع في تسمية إحدى المواقع التاريخية، ومصداقية المعلومات المتعلقة بالمواقع التاريخية السعودية دفعت منظمة اليونيسكو إلى تسجيل العديد من المواقع التاريخية في السعودية ضمن لائحة التراث العالمي”.