وَأَمَّا الْجُودُ وَالْكَرَمُ وَالسَّخَاءُ وَالسَّمَاحَةُ وَمَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهَا بِفُرُوقٍ فَجَعَلُوا الْكَرَمَ الإِنْفَاقَ بِطِيبِ النَّفْسِ فِيمَا يَعْظُمُ خَطَرُهُ وَنَفْعُهُ وَسَمَّوْهُ أَيْضًا جُرْأَةً وَهُوَ ضِدُّ النَّذَالَةِ، والسماحة التجا في عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْمَرْءُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِطيبِ نَفْسٍ وَهُوَ ضِدُّ الشَّكَاسَةِ، وَالسَّخَاءُ سُهُولَةُ الْإِنْفَاقِ وَتَجنُّبُ اكْتِسَابِ مالا يُحْمَدُ وَهُوَ الْجُودُ وَهُوَ ضِدُّ التَّقْتِيرِ، فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُوَازَى فِي هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمةِ وَلَا يُبَارَى بِهَذَا، وَصَفَهُ كُلُّ مَنْ عَرَفَهُ.
حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْهَيْثَمِ الْكُشْمِيهَنِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ السَّرْخَسِيُّ وأبو إسحاق البلخى قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم عن شئ فَقَالَ لا. وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وسهل ابن سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَأَجْوَدُ ما كان في شهر رمضان وَكَانَ إِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ، وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ وَقَال أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخْشَى فَاقَةً، وَأَعْطَى غَيْرَ وَاحِدٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى صَفْوَانَ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً، وَهَذِهِ كَانَتْ خُلُقَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ وَقَدْ قَالَ لَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: إِنَّكَ تَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ. وَرَدَّ عَلَى هَوَازِنَ سباياها وَكَانَتْ سِتَّةَ آلافٍ وَأَعْطَى الْعَبَّاسَ مِنَ الذَّهَبِ مَا لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ وَحُمِلَ إليه تِسعُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَوُضِعَتْ عَلَى حَصِيرٍ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَقَسَمَهَا فَمَا رَدَّ سَائِلًا حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ فَقَالَ مَا عندي شئ ولكن ابتع عَلَيَّ فَإِذَا جَاءَنَا شئ قَضَيْنَاهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَا كَلَّفَكَ اللَّهُ مالا تَقْدِرُ عَلَيْهِ فَكَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْفِقْ وَلَا تخْشَ مِنْ ذِي العرش إِقْلالًا فَتَبَسَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ وَقَالَ بِهَذَا أُمِرْتُ.
وَذُكِرَ عَنْ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَ أتيت النبي صلى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّمَ بِقِنَاعٍ مِنْ رُطَبٍ يُرِيدُ طَبَقًا وَأُجْرٍ زُغْبٍ يُرِيدُ قثاء فأعطاني ملء كَفِّهِ حُلِيًّا وَذَهَبًا، قَالَ أَنَسٌ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ. وَالْخَبَرُ بِجُودِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كرمه كَثِيرٌ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَاسْتَلَفَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم نِصْفَ وَسْقٍ فَجَاءَ الرَّجُلُ يَتَقَاضَاهُ فَأَعْطاهُ وَسْقًا وَقَالَ (نِصْفُهُ قَضَاءٌ وَنِصْفُهُ نَائِلٌ) .
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website