يجب الإيمان بالحساب يوم القيامة وهو عرض أعمال العباد عليهم ويكون الحساب بتكليم الله العباد جميعهم فيفهمون من كلام الله السؤال عما فعلوا بالنعم التي أعطاهم الله إياها فيُسَرُ المؤمن التقي ولا يُسر الكافر لأنه لا حسنة له في الآخرة بل يكاد يغشاه الموت، وأما الكفار والمنافقون فيفضحون قال الله تعالى: (أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا على رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)، والمراد بالظالمين الكافرين. والله تعالى سمى القيامة بيوم الحساب، فقال:( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)،
وبينَ الله أن حسابهم عليه فقال تعالى: ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)، وأول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله تعالى “الصلاة”، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ)،
أما فيما يتعلق بحقوق العباد قال صلى الله عليه وسلم: ( وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ)، ” أي القتل بغير حق” والعباد يتفاوت حسابهم فبعضهم يكون حسابهم عسيراً وهم الكفرة المجرمون الذين أشركوا بالله وكذبوا الرسل أو فسدت عقائدهم بالتشبيه أو التعطيل أو نسبوا لربهم صفات الخلق كالمكان والجهة ثم ماتوا على ذلك فأولئك حسابهم عسير عند ربهم ، وعصاة المسلمين من أهل الكبائر قد يطول حسابهم ويعسر بسبب كثرة الذنوب وعظمها، قال تعالى:(فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ).
وآخرون يحاسبون حساباً يسيراً فلا يناقشون الحساب أي لا يدقق ولا يشدد عليهم وإنما تعرض عليهم ذنوبهم ثم يتجاوز الله عنهم بفضله ورحمته وهذا معنى قوله تعالى: ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا)، وقد استوضحت الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها من رسول الله فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَّا هَلَكَ)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)؟ فَقَالَ:(إِنَّمَا ذَلِكِ العَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الحِسَابَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَّا عُذِّبَ).
قال القرطبي: معنى قوله “إنما ذلك العرض” أن الحساب المذكور في الآية إنما هو أن تعرض أعمال المؤمن عليه حتى يَعرِفَ منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا، وفي عفوه عنها في الآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولُ : أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، وَيَقُولُ : عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، فَيُقَرِّرُهُ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا)،
قال ابن بطال في شرح البخاري ” يدنوا أحدكم من ربه قال ابن فورك معناه يقرب من رحمته وكرامته ولطفه لاستحالة حمله على قرب المسافة والنهاية إذ لا يجوز ذلك على الله لأنه لا يحويه مكان ولا يحيط به موضع، ولا تقع عليه الحدود، والعرب تقول فلان قريب من فلان يريدون قرب المنزلة وعلو الدرجة عنده. وأما قوله ” فيضعُ الجبار عليه كنَفَه ” فأنه بين على تأويل قرب المنزلة والدرجة وذلك أن لفظ الكنف إنما يستعمل في مثل هذا المعنى، ألا ترى أنه يقال أنا في كنف فلان إذا أراد أن يعرف إسباغ فضله عليه وتوقيره عنده ا.هـ –
والله تعالى الحكم العدل يوم القيامة يأخذ للمظلوم من ظالمه حقه، حتى لا يبقى لأحدٍ عند أحد مظلمة، يومَ لا يكونُ دِرْهَمٌ ولا دِينارٌ، بل الحسناتُ والسيئاتُ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلمَةٌ لأَخِيه، مِنْ عِرضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قبْلَ أنْ لاَ يَكُونَ دِينَار وَلاَ دِرْهَمٌ؛ إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلمَتِهِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيه).
ولقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام من أن يرد المرء يوم القيامة مفلساً، قال رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( أتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟” قالوا: المُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ له ولا مَتَاعَ فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يأتي يومَ القيامةِ بِصَلاةٍ وصِيامٍ وزَكاةٍ، ويأتِي قَدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مَالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِه، وهذا مِن حَسَناتِه، فإنْ فَنِيتْ حَسَناتُه قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَاياَهُم فطُرِحَتْ عليهِ، ثم طُرِحَ في النَّار).
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
فمن عمل حسنات في الدنيا ولكن ظلم الناس وأكل الحقوق فيؤخذ من حسناته لغرمائه فإذا فرغت حسناته أخذ من سيئات من ظلمهم فوضعت عليه فتم إفلاسه وخسارته وهلاكه. واتفق أهل الحق على أن كلامَ الله تعالى ليس حرفًا ولا صوتًا واستدلوا على ذلك بآياتٍ منها قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)،
وقالوا لو كانَ اللهُ تعالى يتكلمُ بحرفٍ وصوتٍ كخلقِه لجازَ عليه كلُّ صفاتِ الخلقِ من الحركةِ والسكونِ وغيرِ ذلكَ وذلِك محالٌ. فلذلكَ وجبَ أنْ يكونَ كلامُ الله غيرَ حرفٍ وصوتٍ يدلُّ على ذلِك قولُه تعالى: ﴿ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾، وذلك لأنَّ اللهَ يكلّمُ كلَّ إنسانٍ يومَ القيامةِ فيُسمِعُهُ كلامَه ويحاسبُ من يحاسبُه منهم فيفهمُ العبدُ من كلامِ الله السؤالَ عن أفعالِه وأقواله واعتقاداتِه، وينتهي اللهُ عزَّ وجلَّ من حسابِهمْ في لحظةٍ من موقفٍ من مواقفِ القيامةِ الخمسينَ، ويومُ القيامةِ كلُّه خمسونَ ألفَ سنةٍ. فلو كان حسابُ الله لخلقِه من إنسٍ وجنٍّ بالحرف والصوتِ ما كانَ ينتهي من حسابـِهم في مائةِ ألفِ سنةٍ لأنَّ الخلقَ كثيرٌ، ويأجوجُ ومأجوجُ وحدَهم يومَ القيامةِ البشرُ كلُّهم بالنسبةِ لهم كواحدٍ من مائةٍ،
وفي روايةٍ كواحدٍ من ألفٍ، وبعضُ الجنّ يعيشونَ ءالافًا من السنين، فلو كان حسابُ الخلق بالحرف والصوت لكان إبليسُ وحدَه يأخذُ حسابُه وقتًا كثيرًا، لأنَّ إبليسَ عاشَ نحوَ مائةِ ألفِ سنةٍ أو أكثرَ أو أقلَّ ولا يموت إلا يومَ النفخةِ، وحسابُ العبادِ ليسَ على القولِ فقطْ بل على القولِ والفعل والاعتقادِ. وكذلكَ الإنسُ منهم من عاشَ ألفَي سنةٍ ومنهم من عاش ألفًا وزيادةً، ومنهم من عاشَ مئاتٍ من السنينَ فلو كانَ حسابُهم بالحرفِ والصوتِ لاستغرقَ حسابُهم زمانًا طويلا جدًا، ولم يكنِ اللهُ أسرعَ الحاسبينَ بل لكانَ أبطأَ الحاسبينَ،
واللهُ تعالى يقول ﴿وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾. الحروفُ تتعاقبُ، مهما كانتْ سريعةً تأخذُ شيئًا من الوقتِ، أمَّا اللهُ تعالى فكلامُه أزليٌّ أبديٌّ ليسَ حرفًا ولا صوتًا ولا يُبتدَأُ ولا يُختَتَمُ ولا يزيدُ ولا ينقصُ، فالقرءانُ كلامُ اللهِ ليسَ بمعنى أنَّ الله نطق به كما نحن نقرؤُه، إنما معناهُ أنه يدلُّ على كلامِ الله الذي ليس حرفًا ولا صوتًا، على هذا المعنى نقول القرءان كلامُ الله. جبريلُ عليه السلام قبل أن ينزلَ بالقرءانِ على سيدنا محمّدٍ، الله تعالى اسمعه كلامًا غيرَ كلامِه الأزليّ الذي ليسَ حرفًا ولا صوتًا، اسمعه كلامًا هو صوتٌ وحروفٌ متقطعةٌ على ترتيبِ اللفظِ المنزَّل. اللهُ تعالى خلق صوتًا بحروف القرءانِ فأسمعَ جبريلَ ذلك الصوتَ وجبريلُ تلقَّاه ونزل بهِ على سيدنا محمد، وكذلك وجد جبريلُ هذا الصوتَ الذي سمِعه مكتوبًا في اللوحِ المحفوظ، جبريلُ أخذَه من هناكَ كما سمعَ هذا الصوتَ. فيُفهَمُ من هذا أنَّ جبريلَ لم يسمعِ القرءانَ منْ كلامِ اللهِ الأزليّ الذي ليسَ حرفًا ولا صوتًا
. وليسَ معنى ذلك أنَّ جبريلَ لا يسمعُ كلامَ اللهِ، بلْ جبريلُ هو من الملائكةِ الذين يسمعون كلامَ الله ويفهمون منه الأوامرَ، جبريلُ سمع كلامَ الله وفهم منه أن الله يأمره بأن يقرأ ذلك الصوتَ الذي سمعه مرتبًا بحروف القرءان على سيدنا محمد، فأنزله على سيدنا محمد مُفرَّقًا على حسب ما أمره الله. والدليل على أنَّ العبادَ يسمعون كلامَ الله يوم القيامة فمأخوذ من حديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم:(ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمُه ربُّه يومَ القيامةِ منْ غيرِ تَرجُمانٍ ولا حاجبٍ)،
فإن قالوا أي المشبهةُ دليلُنا على أنَّ كلامَ اللهِ بالحرفِ والصوتِ قولُه تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)،
يقال لهم لو كان الأمر كما تدعون لتناقضت هذه الآيةُ مع تلك الآيةِ والقرءانُ يتعاضدُ ولا يتناقضُ. وإنما معنى هذه الآيةِ أنَّ الله تعالى يُوجِدُ الأشياءَ بدونِ تعبٍ ومشقةٍ وبدون ممانعةِ أحدٍ لهُ، معناه أنه يخلق الأشياءَ التي شاء أن يخلقَها بلا تأخُّر عن الوقتِ الذي شاء وجودَها فيه. فمعنى ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾،
يدلُّ على سرعةِ الإيجادِ ليس معناه كلما أرادَ اللهُ خلْقَ شىءٍ يقول كن كن كن، وإلا لكان معنى ذلك أنَّ الله كل الوقتِ يقولُ كنْ كن كن وهذا محال لأنَّ الله عزَّ وجلَّ يخلق في اللحظة الواحدة ما لا يدخلُ تحتَ الحصرِ. ثم “كُنْ” لغةٌ عربيةٌ واللهُ تعالى كانَ قبلَ اللغاتِ كلِّها وقبل أصناف المخلوقاتِ فعلى قول المشبهةِ يلزمُ أن يكون اللهُ ساكتًا قبلُ ثم صارَ متكلمًا وهذا محال. وقد قال أهل الحق لو كان يجوز على الله أن يتكلم بالحرف والصوت لجاز عليه كلُّ الأعراض من الحركةِ والسكون، والبرودة واليبوسة، والألوان والروائح، والطعومِ وغيرِ ذلك، وهذا محالٌ. والله تعالى خلق بعضَ العالـَم متحركًا دائمًا وهي النجومُ وخلقَ بعضَ العالـَم ساكنًا دائمًا وهي السمواتُ وخلقَ بعضَ العالـمِ متحركًا في وقتٍ وساكنًا في وقتٍ وهمُ الإنسُ والجنُّ،
وهو سبحانَه وتعالى لا يشبه شيئًا من هذه العوالـمِ كلِها. وعند الحساب يوم القيامة يسعد الله زمرة فيتجاوز عنهم ويدخلهم الجنة بغير حساب برحمته وعفوه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَعَدَني ربِّي أنْ يُدْخِلَ الجنةَ من أُمَّتي سبعين ألفًا بغير حسابٍ ولا عذابٍ، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا)، والله تعالى لا تخفَى عليه خافية وعنده علم الخلق وما فعلوا إنما إظهارا لعدله يحاسبهم، وفي موقف الحساب بعض المجرمين تنطق وتشهد عليهم أعضاءهم قال تعالى:﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). وهناك في هذه الموقف تكون الفضائح على أصحابها
قال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾
. وفي بيان هذه الصور من شهود الأعضاء والفضائح، أذكر رحمك الله أن المستور مَن ستره الله ومنَّ عليه بستره وعفوه يوم الحساب، وعلى من أراد الستر منا معاشر المسلمين فعليه بالتوبة إلى الله من المعاصي ورد الحقوق إلى أهلها وعلينا بالستر على عباد الله فقد صح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم أنه قال:( ومن ستر مسلماً، ستره الله يوم القيامة)، في الآخرة الأمور مكشوفة، والسرائر معلنة، والخفايا ظاهرة، والخبايا بيِّنة واضحة، إلا مَن ستره الله بستره الجميل وعفوه الكريم، فالقيامة يوم العجائب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا).قال: “أَتَدْرُونَ مَا أَخَبَارُهَا؟ “قالوا: اللَّهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ:”فَإِنَّ أَخْبَارَها أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا، تَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وكذَا في يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فهَذِهِ أَخْبَارُهَا”، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزن عليكم، اللهمَّ يسر حسابنا واستر عيبنا وارحمنا. والله تعالى أعلم وأحكم