عندما تحدث مسعود أوزيل، اللاعب التركي المحترف في صفوف فريق أرسنال الإنجليزي، عن أزمة مسلمي الإيغور في الصين، والتي وصفتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالإبادة الجماعية رسمياً، على حسابه على منصة تويتر، وانتقد بكين، وانتقد صمت الدول الإسلامية والعالم على ما يحدث في تركستان الشرقية، من خلال تغريدة قال فيها: “تركستان الشرقية.. الجرح النازف للأمة الإسلامية، في الصين يُحرق القرآن، وتُغلق المساجد والمدارس الدينية، بينما يُقتل الأئمة تباعاً”.. خرجت إدارة نادي أرسنال وأبعدت نفسها عن تصريحات اللاعب، وقالت إنها لا تنخرط في السياسة كمبدأ، وتنفيذياً تم استبعاد اللاعب من المشاركات كوسيلة لإخراجه عن طوره وإغضابه، وصولاً إلى أن يأخذ الرجل قراره ويرحل، من أجل ألا تُنهي الإدارة عقده، ومن ثم تدفع الشرط الجزائي في العقد، وهو ما حدث في النهاية.
رغم ذلك، فإن مواقف الاتحاد الأوروبي بل والاتحاد الدولي (فيفا) الآن غائصة في السياسة حتى آذانهما، وتعبر عن مواقفهما السياسية رمزياً، من خلال تأخير المباريات كشكل من أشكال الاحتجاج على ما يحدث في أوكرانيا، ومن ثم يسمحان برفع العلم الأوكراني في الملاعب، ومعاقبة الفرق الرياضية الروسية على ما قامت به حكومتها في أوكرانيا، بمنع تلك الفرق من المشاركات الأوروبية والعالمية. وهنا الحديث ليس عن اتحاد الكرة فقط، بل كل الاتحادات الرياضية، وهو نموذج لباقي المجالات.
شكل آخر من أشكال الازدواجية في المعايير هو ذلك الذي تطبقه إدارات وسائل التواصل الاجتماعي، فكتابة منشور ضد كيانٍ كذلك الذي يحتل أراضينا، ويقتل إخوانَنا في فلسطين، أو نقل حقيقة موثّقة بمقطع فيديو من داخل تلك الأرض المغتصبة؛ يعاقب الناشر بالتجميد أو حتى حذف الحساب، وعلى النقيض يتم التعامل مع المحتل حين يدعي ما ليس صحيحاً.
سكيزوفرينيا الغرب
يُعرف مرض الفصام أو “السكيزوفرينيا” بأنه اضطراب عقلي شديد يفسر فيه الأشخاص الواقع بشكل غير طبيعي، وقد ينتج عن الإصابة بالانفصام في الشخصية مجموعة من الهلوسات والأوهام والاضطراب.
ويحتاج المصابون بمرض الفصام إلى علاج مدى الحياة، إذ إن العلاجات والمهدئات لا تؤتي أثراً حقيقياً لمرضى الفصام، ويحتاج مريض الفصام إلى رعاية خاصة ومُرافق ملاصق، خوفاً من أن يؤذي نفسه أو يؤذي غيره، فغالب مرضى الفصام ينتهي بهم الحال إلى الانتحار.
يقول المختصون إن مكمن مرض الفصام في أن المريض لديه “ضلالات”، أو بمعنى آخر توجد لديه معتقدات كاذبة لا تمُت للواقع بصلة، كأن يعتقد أن خطراً داهماً من شخص أو مجموعة معينة يتهدده، أو على العكس يرى في نفسه قوة خارقة لا يمكن لأحد مقاومتها، ومن ثم فإن تلك الضلالات تؤدي إلى هلاوس، فيرى غير ما يرى الناس ويسمع بخلاف ما يسمعون.
عندما قال ملك فرنسا لويس الرابع عشر مقولته الشهيرة “أنا الدولة” فقد كان يُجسّد السيادة المطلقة لأوروبا، ويعبر عن عقلية الرجل الأبيض ونظريته التي تحكم العالم حتى يوم الناس هذا. هذه المقولة وهذا النمط من التفكير هي حالة سكيزوفرينيا واضحة، تجلت فيما بعد في الاعتقاد بأن هذا الجنس الخارق “الجنس الأبيض” لديه من القدرات ما لا يمتلكه باقي البشر، كما أن الضلالات جعلته يتخيل أن هناك إرهاباً يتهدده من مجموعات بشرية أو عرقية، وعليه أن يتقوقع ويأخذ حالة الدفاع المستمر، قبل أن يبتدع فكرة الضربة الاستباقية وتجفيف المنابع، فيخرج الرجل الخارق “سوبر مان” الذي بداخله لمحاربة الأشرار وقوى الشر.
هذه العقلية هي التي تحكم العالم الآن بعد الحرب العالمية الثانية فيما يسمى بالأمم المتحدة ومجلسها التنفيذي “مجلس الأمن”، والذي يضم الخمسة الكبار مع رجاحة كفة التصويت فيه نسبياً لصالح أصحاب نظرية أنا الدولة، نظرية تميز الرجل الأبيض.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
العالم الآن بحاجة ماسة لقيم مشتركة جديدة تستند إلى مبدأ الحق والعدل، قيم لا تفرق بين البشر. العالم يحتاج إلى مبادئ لا تعرف التفرقة العنصرية والتمييز العرقي، مبادئ تحكم بالعدل لا بالمصالح أو بعقلية الرجل الأبيض المميز، فلا معنى أن تمنع دول جوار أوكرانيا الأفارقة أو الملونين من دخول أراضيها، وهم الفارون من نفس الحرب، في حين تستقبل الأوكرانيين بالأغطية والوجبات الساخنة والكريمات المرطبة للبشرة.
مراسل شبكة CBS الأمريكية، شارلي داغاتا، علق على ما يحدث في أوكرانيا بأنه لا يمكن مقارنته بالحرب في العراق أو أفغانستان، لأن حرب أوكرانيا تدور على أرض “أكثر تحضراً وشعبها شعب أوروبي”.
هذه العنصرية والنظرة الفوقية يجب أن تنتهي، يجب أن تُعاد هيكلة البنية السياسية والاقتصادية للعالم، وفقاً لقيم إنسانية حقيقية تجمع البشرية، بعد أن أصبح الجميع يرى بعضه، فلا مكان لتجربة فرنسية جديدة لسلاحها النووي في الجزائر، وتقتل عشرات الآلاف لإثبات قوتها، ولا مكان لشركات الأدوية الأمريكية والغربية لفرض تجاربها السريرية فرضاً على الأفارقة لحماية الفئران وحقوقها كما يوزعمون!