يسيطر على الكثير من الناس في الوقت الحالي، خاصة بعد ظهور جدري القردة وقبله جائحة كورونا، والتي قتلت قرابة المليون إنسان وأصابت 10 مليون آخرين، فكرة ارتباط ظهور الأوبئة، باقتراب يوم القيامة، وقد ظهرت أوبئة كثيرة قبل جائحة كورونا، وقتلت الملايين من البشر بشكل مضاعف عن الذي قتلهم كورونا، مثل الإيدز والسارس وجنون البقر وأنفلونزا الطيور والخنازير وأيبولا .
وسجلت منظمة الصحة العالمية في خمسة أعوام فقط أكثر من ألف ومئة وباء في مناطق العالم المختلفة.
انتشار الموت بين الناس
ومما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوعه في آخر الزمان انتشار الموت في الناس، وكثرة موت الفجأة؛ وذلك يكون بالزلازل والبراكين والأوبئة والأعاصير والغرق، كما يكون بالحروب والملاحم والفتن.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة كثرة الهرج، وهو القتل، ويصل إلى درجة لا يدري فيها القاتل لم قتل، ولا المقتول فيما قتل، وحتى يمر الإنسان بالقبر فيتمنى أن يكون مكان المقبور من شدة ما يرى من القتل، واستباحة الدماء، واختلاط الأمر، كما جاء في الأحاديث الصحيحة.
وأما الموت بالأوبئة فمنصوص عليه في علامات الساعة في حديث عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا» رواه البخاري.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم فتح بيت المقدس، وقد فتح في عهد عمر رضي الله عنه، ثم مُوْتان يأخذ في الناس، قال القاضي عياض: اسم للطاعون والموت.
وقال ابن الأثير: المُوتان هو الموت الكثير الوقوع. وشبهه بقعاص الغنم، وهو داءٌ يأخُذ الغنم لا يُلبِثها إلى أن تموت. وقيل: هو داء يأخذ في الصدر. وكثير من الأوبئة تؤثر في الرئة، وتحبس النفس، حتى يموت الموبوء.
ودلت أحاديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن كثير من الموت في هذه الأمة يكون بالقتل وبالأوبئة، وقد جمعا في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ» رواه أحمد. والطعن هو القتل، والطاعون وباء.
يقول ابن خلدون : وأما كثرة الموتان فلها أسباب من كثرة المجاعات … أو كثرة الفتن … فيكثر الهرج والقتل، أو وقوع الوباء، وسببه في الغالب: فساد الهواء بكثرة العمران؛ لكثرة ما يخالطه من العفن والرطوبات الفاسدة. وإذا فسد الهواء وهو غذاء الروح الحيواني ومُلَابِسُه دائما، فيسري الفساد إلى مزاجه، فإن كان الفساد قويا وقع المرض في الرئة وهذه هي الطواعين، وأمراضها مخصوصة بالرئة، وإن كان الفساد دون القوي والكثير فيكثر العفن ويتضاعف فتكثر الحميات في الأمزجة، وتمرض الأبدان وتهلك، وسبب كثرة العفن والرطوبات الفاسدة في هذا كله كثرة العمران ووفوره…وفشا في بني إسرائيل الزنا… فأصابهم الموتان فهلك منهم أربعة وعشرون ألفا.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
انتشار الفواحش والبغي
كما دلت السنة على أن الفواحش والبغي سببان للوباء، ففي الحديث: «لم تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ في قَوْمٍ قَطُّ حتى يُعْلِنُوا بها إلا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا» رواه ابن ماجه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما ظهر البغي في قوم قط إلا ظهر فيهم الموتان. فالأول وباء، والثاني قتل، وكلاهما مكتوب على هذه الأمة، ويكثر في آخر الزمان.
الوباء على عهد النبي والصحابة
لم يظهر الوباء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن وقع في المئة الأولى للهجرة النبوية أربعة طواعين، ابتلي بها الناس آنذاك، فطاعون وقع سنة ست للهجرة عام صلح الحديبية لكنه أصاب بلاد فارس، وسلم منه المسلمون في المدينة؛ لأن المدينة حرمت على الطاعون، لكن قد يصيبها وباء غير الطاعون.
والطاعون الثاني: طاعون عَمَوَاسَ في الشام، واستشهد فيه جمع من الصحابة رضي الله عنهم، أشهرهم: معاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة والفضل بن العباس. وحصد خمسة وعشرين ألف نفس.
والطاعون الثالث: طاعون الجارف في دولة ابن الزبير رضي الله عنهما سنة تسع وستين للهجرة، سمى الجارف؛ لكثرة من مات فيه من الناس، وسمى الموت جارفا لاجترافه الناس، هلك في ثلاثة أيام منه في كل يوم سبعون ألفاً. ومات لأنس بن مالك رضي الله عنه فيه ثلاثة وثمانون ابناً، ويقال: ثلاثة وسبعون. ومات لعبد الرحمن بن أبي بكرة أربعون ابناً، ومات لعبيد الله بن عمير ثلاثون ابناً، ومات لصدقة بن عامر سبعة بنين في يوم واحد، فدخل، فوجدهم قد سجوا جميعاً، فقال: اللهم إني مُسلِّمٌ مسلم.
الطاعون الرابع: كان سنة سبع وثمانين ويسمى طاعون الفتيات، لأنه بدأ في العذارى والجواري بالبصرة وبواسط وبالشام وبالكوفة ومات فيه عبد الملك بن مروان الخليفة أو بعده بقليل، ويسمى أيضا: طاعون الأشراف؛ لكثرة من مات فيه من الكبراء.