تجدر الإشارة أولاً إلى أن الأمور كلها مقدرة بتقدير من الله أزلي يستحيل أن يتغير وكل ذلك لحكم بالغة، هذا على سبيل العموم، وفي خصوص ما سألت عنه فإن الحظ يراد به النصيب المقدر، كما قال الراغب في المفردات في غريب القرآن: الحظ النصيب المقدر، وقد حظظ وأحظ فهو محظوظ وقيل في جمعه أحاظ وأحظ، قال الله تعالى: فنسوا حظا مما ذكروا به. وقال تعالى: للذكر مثل حظ الأنثيين.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير في تفسير آية فصلت: والحظ: النصيب من الشيء مطلقاً، وقيل: خاص بالنصيب من خير، والمراد هنا: نصيب الخير، بالقرينة أو بدلالة الوضع، أي ما يحصل دفع السيئة بالحسنة إلا لصاحب نصيب عظيم من الفضائل، أي من الخلق الحسن والاهتداء والتقوى. فتحصل من هذين أن التخلق بالصبر شرط في الاضطلاع بفضيلة دفع السيئة بالتي هي أحسن، وأنه ليس وحده شرطا فيها بل وراءه شروط أخرى يجمعها قوله (حظ عظيم) أي من الأخلاق الفاضلة، والصبر من جملة الحظ العظيم لأن الحظ العظيم أعم من الصبر، وإنما خص الصبر بالذكر لأنه أصلها ورأس أمرها وعمودها. انتهى.
وهذا الحظ المذكور إن تعلق بالدنيا فقد يناله الصالح وغيره، فكلاهما ينال حظه من التركة، وكذلك الرزق المقدر يناله كل واحد مهما كان حاله.. وأما الحظ الذي يحتمل الدنيا والآخرة كما في آية فصلت فلا يناله إلا المؤمن لما في نصوص الوحيين من خسارة الكفار ولما في حديث الصحيحين: إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة.
وفي تفسير البغوي: وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم.. في الخير والثواب، وقال قتادة: الحظ العظيم الجنة، أي: ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة…
وقال ابن كثير في التفسير: ذو حظ عظيم أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة. انتهى.
وقد ينال المؤمن حظاً عظيماً في الجنة ولو كان قد تلبس بشيء من الفسق تفضلاً من الله عليه أو بسبب توبة أو عمل يكفر سيئاته أو غير ذلك.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website